غرامة تأخير

علي المزيد

TT

لدينا في الدول العربية إجراء جميل اسمه «غرامة التأخير»، ولكي أشرح لكم معنى غرامة التأخير سأضرب لكم أمثلة لتكون أكثر وضوحا في الذهن، فمثلا لو أن تاجرا استورد بضاعة لدولة عربية فإنها ستمر عبر ميناء عربي وتفرغ في هذا الميناء، ولو أهمل التاجر العربي فسح البضاعة لأي سبب من الأسباب فإن إدارة الميناء ستفرض عليه غرامة، وهذا إجراء رائع كي لا تتراكم البضائع في الميناء العربي فلا نجد مكانا نفرغ فيه ما نستورده لأننا في عالمنا العربي قليلا ما ننتج!!! ولدينا غرامة تأخير للمخالفات المرورية التي يتأخر أصحابها عن السداد، ويعاني أرباب العمل ارتفاع علاوة التأخير المفروضة على إقامات موظفيهم، إذ تبلغ 500 ريال (133 دولارا)، كما لدينا غرامات تأخير كثيرة لست بصدد تعدادها، حتى إنني خشيت أن تفرض غرامة تأخير على التأخر في الطابور أو التأخر التكتيكي لمهاجمي بعض الفرق الكروية الرياضية العربية.

غرامة التأخير توفر مبالغ جيدة لخزينة الدولة وتحث المواطن على الالتزام بمواعيد سداد مخالفته أولا بأول، فشكرا للحكومات العربية. حقيقة الأمر أنني أسمع في نشرات الأخبار كلمة لا أدرك معناها جيدا، تصدر عن وزارات الخارجية العربية تقول اتخذنا الإجراء الفلاني ضد الدولة الفلانية معاملة بالمثل، وآخرها طرد السفراء الغربيين من سوريا معاملة بالمثل، جميل.. حلو.. الدول العربية تعرف المعاملة بالمثل فلماذا لا تتعامل مع مواطنها في غرامات التأخير بالمثل؟ فمثلا لو تأخر جهاز حكومي عن صرف مستحقات مواطن تفرض عليه غرامة تأخير، ولو تأخرت الجمارك عن فسح بضاعة معينة تفرض عليها غرامة تأخير وتُحمل قيمة البضاعة ومكسبها إذا فسدت بسبب موظفيها.

سأذكر لكم مثلا وأترك لكم الحكم عليه، لي صديق أجر مبنى يملكه على مرور الرياض ورغب في رفع قيمة الإيجار نظرا لارتفاع أسعار العقار وهذا حق، المهم أن له 18 شهرا ولم يتسلم إجارة بعد لطول الدورة المستندية والبيروقراطية وعدم وضوح الإجراء أو التعامل معه بشكل خاطئ، المهم أن المعاملة استقرت أخيرا لدى مسؤول حكومي وهي لديه حتى الآن مستغرقة نحو ستين يوما، وموظفو مكتبه يصفونه بالمشغول بقضايا هامة وكبيرة أهم من صرف الإيجار! وأنا أقول معه حق، لكن لماذا لا يفوض الصلاحيات للقضايا الأقل أهمية مثل الإيجار للمسؤولين من تحته أو يبت في الموضوع لبساطته؟ أخي القارئ الكريم، هل تعتقد أن مثل هذا المواطن العربي يستحق غرامة تأخير؟!

* كاتب اقتصادي