فرنسا تأسف لطموح بريطانيا لأن تصبح ملجأ ضريبيا في أوروبا

وزير العمل سابان: أخشى من «تبلل» السجادة الحمراء التي سيفرشها ديفيد كاميرون للشركات

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال الصورة الجماعية في قمة العشرين في لوس كابوس المكسيكية أمس (أ.ب)
TT

أفادت مسودة بيان قمة مجموعة العشرين بأن الدول الأوروبية الأعضاء في مجموعة الاقتصاديات الكبرى والصاعدة سوف «تتخذ كل الإجراءات الضرورية» لحماية سلامة واستقرار منطقة اليورو.

وقالت المسودة، التي حصلت عليها وكالة الأنباء الألمانية: «على خلفية التوترات الجديدة في الأسواق، فإن دول منطقة اليورو الأعضاء في مجموعة العشرين ستتخذ كل الإجراءات الضرورية لحماية سلامة واستقرار المنطقة، وتحسين عمل الأسواق المالية، وكسر الحلقة المفرغة بين الحكومات والبنوك».

وناقشت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الرئيس الأميركي باراك أوباما الأزمة المالية الأوروبية على هامش قمة مجموعة العشرين في المكسيك. وقال مصدر من الحكومة الألمانية طلب عدم ذكر اسمه، إن ميركل وأوباما اتفقا على ضرورة اتخاذ «خطوات أخرى من أجل التكامل السياسي» في أوروبا.

استمرت المناقشات لما يزيد على نصف الساعة التي كانت مقررة لها قبل بدء اجتماعات مجموعة العشرين التي ستركز في المقام الأول على المشكلات التي تواجهها أوروبا. ودعا أوباما القادة الأوروبيين باستمرار إلى إيجاد حل لأزمة الديون التي يعانونها.

أبدى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون استعداده «لمد السجاد الأحمر» للشركات التي ستهرب من فرنسا لدى زيادة الضرائب فيها، ما استدعى ردا ساخرا من وزير العمل الفرنسي ميشال سابان الذي قال إن هذه السجادة قد «تتبلل» عند عبورها بحر المانش الفاصل بين البلدين.

وقال سابان ردا على تصريحات كاميرون أمام رؤساء شركات في لوس كابوس (غرب المكسيك) على هامش قمة مجموعة العشرين: «لا أعلم كيف يمكن مد سجادة حمراء» عبر بحر المانش، «ثمة خطر في أن تتبلل».

واستهدف كاميرون بتصريحاته مشروع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند زيادة الضرائب على المكلفين الأكثر ثراء.

وصرح كاميرون: «عندما ستفرض فرنسا اقتطاع نسبة 75 في المائة على الشريحة العليا من ضريبة الدخل، سنمد السجاد الأحمر وسنستقبل مزيدا من الشركات الفرنسية التي ستدفع ضرائبها في المملكة المتحدة». واعتبر أن هذه الخطوة ستوفر «تمويل أجهزتنا العامة ومدارسنا».

وكان كاميرون ذكر في وقت سابق أنه قام على العكس بتخفيض الضرائب على المداخيل المرتفعة في بريطانيا.

وتعهد هولاند خلال الحملة الرئاسية برفع نسبة الضريبة على المداخيل التي تفوق مليون يورو إلى 75 في المائة. وكان فريقه أوضح أن هذا الإجراء سيترافق بالنسبة للمكلفين المعنيين مع تحديد سقوف لبعض الضرائب المباشرة.

وأضاف سابان ردا على تصريحات كاميرون: «أعتقد أن هذا التصريح غاب عنه».

وأكد الوزير الفرنسي بعيد لقائه مجموع الشركاء الاجتماعيين على مستوى مجموعة العشرين، أن أرباب العمل والنقابات «متفقون جميعا على القول إن مسألة النمو، مسألة العمل ومسألة الحوار الاجتماعي، تمثل عناصر ضرورية لإعادة دفع اقتصادياتنا إلى الأمام».

وأشار إلى أن «ثمة صعوبات، ثمة توترات في أوروبا، مثل هذه اللقاءات وجدت للدفع نحو التقدم، للقيام بما يلزم لتجاوز هذه التوترات وإيجاد حلول واقتراحات».

وتابع: «الأوروبيون يريدون التمكن من اقتراح حلول، بما في ذلك لشركائهم في مجموعة العشرين. هذا ما يتم تقريره هنا».

وشدد على أن «الأوروبيين لا يحتاجون أحدا كي يتفاهموا، لكن عندما نستمع إلى رئيس أكبر اقتصاد في العالم (الرئيس الأميركي باراك أوباما) يقول إنه إذا ما أردنا حل مشاكل العالم، فيجب إعادة التوازن إلى ميزانياتنا وتحفيز النمو في آن معا، هذا الأمر يريح رئيس الجمهورية الفرنسية الذي قال ذلك منذ أشهر عدة».

وأضاف: «لا يمكن لاقتصاد أن يتطور إلا إذا استند إلى ركيزتين: الجدية في الميزانية من جهة، والنمو والوظيفة من جهة ثانية».

كما أثارت تصريحات رئيس الوزراء البريطاني ردودا لدى عدد من المسؤولين السياسيين والنقابيين في فرنسا.

واعتبر بيار لوران، الأمين العام للحزب الشيوعي الفرنسي، على قناة «إي تيلي» الإخبارية أنه «من المحزن رؤية بريطانيا تطمح إلى أن تكون الجنة الضريبية في أوروبا».

وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي، سخرت رئيسة نقابة أرباب العمل الفرنسيين، لورانس باريزو، من «الأسلوب المباشر للإنجليز ولديفيد كاميرون بالتحديد».

إلا أنها، بعد تأكيدها مطولا على ضرورة أخذ الحكومة في الاعتبار الوضع الصعب للشركات الفرنسية، أضافت باريزو: «إذا قلت لكم كل ما أقوله صباح اليوم، فهذا لأنني لا أريد أن أرى شركات فرنسية تسير على هذه السجادة الحمراء».

من جانبه اعتبر الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية، برنار كازونوف، عبر قناة «إي تيلي» أن «هناك أرباب عمل فرنسيين وطنيين، لدينا في جعبتنا تدابير سنتخذها لصالح الشركات، تدابير تشجع الاستثمار وتحفز الشركات على البقاء في فرنسا».

وكان وزير المالية الإسباني، لويس دي جويندوز، أكد الاثنين أمام قمة مجموعة العشرين الكبرى في المكسيك أن «إسبانيا دولة قوية».

وأضاف الوزير في مؤتمر صحافي: «نحن في الحكومة على قناعة بأن الموقف الذي نواجهه حاليا عقابي من قبل السوق ولا يناسب جهودنا ولا قدرات الاقتصاد الإسباني الحقيقية».

جاءت تصريحات الوزير الإسباني في الوقت الذي تعرض فيه اقتصاد البلاد لأقصى ضغوط من جانب أسواق المال، حيث ارتفع سعر الفائدة على السندات الإسبانية ومدتها 10 سنوات إلى 7.21 في المائة، وهو أعلى سعر فائدة منذ انطلاق اليورو عام 1999.

من جانبه، قال جوزيه مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي لم يأت إلى قمة مجموعة الدول العشرين لكي يتلقى دروسا ومحاضرات حول سبل مواجهة الأزمة المالية الأوروبية، مضيفا أن أوروبا ليست مسؤولة عن المشكلات المالية للعالم.

وقال باروسو، رئيس المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، قبل انطلاق قمة العشرين: «نحن منفتحون تماما ونتواصل دائما مع شركائنا، ولكن بالتأكيد لم نأت إلى هنا لكي نتلقى دروسا من أحد».

وقالت مسودة بيان مجموعة العشرين إنها ترحب بخطة إسبانيا لإعادة رسملة نظامها المصرفي، مضيفة أنها ستعمل بالتنسيق مع منطقة اليورو والحكومة اليونانية المقبلة لإبقاء أثينا على طريق الإصلاح. وأوضحت مسودة البيان أن مجموعة العشرين تدعم بذل المزيد من الجهود لتكامل التكتل الأوروبي.

وأعرب الرئيس المكسيكي، فيليبي كالديرون، عن ثقته في قدرة أوروبا على تجاوز أزمتها الاقتصادية، وذلك لدى افتتاحه قمة العشرين التي تستمر لمدة يومين.

وقال للأوروبيين الذين يحضرون اجتماع الاقتصادات الكبرى والناشئة في العالم: «لدينا ثقة بكم.. نعلم أنكم تبذلون جهودا كبيرة». وأشار إلى خطورة الوضع وتأثير المشاكل التي تحدث في منطقة واحدة على الاقتصاد العالمي برمته. وأضاف: «من الواضح أن أنظار العالم مسلطة علينا اليوم.. قادة مجموعة العشرين يتحملون مسؤولية كبيرة».

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي ناقشت مع أوباما في وقت لاحق أزمة أوروبا، إن كل الاقتصاديات الكبرى في العالم يجب أن تقوم بدورها في تعزيز الاقتصاد العالمي المتعثر.

وأوضحت قائلة: «لا يزال ينبغي على الجميع هنا في القمة الاقتصادية العالمية القيام بواجباتهم».