غرامة جهل!

علي المزيد

TT

قبل أسبوعين كتبت مقالا بعنوان «غرامة تأخير»، وخلاصته أن الحكومة تفرض غرامة تأخير على المواطن الذي يتأخر في تصحيح أوضاعه، ولكنها في المقابل لا تفرض غرامة تأخير على نفسها إذا أخرت أو تأخرت على المواطن.

أصادف في حياتي موظفين لا يعرفون الإجراءات، أي يجهلون الإجراءات، وهذا الجهل يكبد المواطن خسائر كبيرة، لذلك اقترحت غرامة جهل تقتطع من راتب الموظف الذي يرهق مواطنا نتيجة الجهل، وأنا على يقين أن الموظف إذا عرف أن هناك غرامة جهل فلن يبدع في إرهاق المواطن.

لن أرهقكم ولكن دعوني أسرد لكم رواية قصيرة: جوازات الرياض تفتح أبوابها مساء والهدف راحة المواطن. ذهبت يوم السبت 9 يونيو (حزيران) الحالي لاستخراج تصريح سفر لابني، لأنه دون سن الثامنة عشرة. أخذته في دقائق.. شكرا للجوازات. طلبت تصريح سفر لابن أخي، رفض الرائد المستلم، وآخر اسمه الحناكي. حضر ابن أخي الآخر ولديه وكالة من أخي تنص على مراجعة الجوازات، رفض الرائد الحناكي بحجة أن الوكالة لا تنص على إخراج تصريح سفر. وأخبركم أن الوكالة لا يمكن أن تنص على كل إجراء حكومي، وإلا لأصبحت مجلدات. المهم أن الوكيل ذهب صباحا للجوازات وأخرج التصريح، أي أن الرائد الحناكي لديه جعل لم يغرم عليه، وسأخبركم ببعض ألفاظه حينما رغبت في محاورته. ما رأيك أن أقوم من مكاني وتجلس أنت؟! شكرا للجهل. وتذكرت مفكرنا الكبير الأستاذ إبراهيم البليهي وكتابه الشهير «فن الجهل».

لن أطيل عليكم، وقد اختصرت تفاصيل عدة في القصة السابقة واكتفيت بالمضمون، وذلك لأن لدي قصة أهم. شركة «المراعي» لديها ترخيص بصناعة حليب الأطفال في السعودية، مصنعها ذو تكلفة عالية تقدر بنحو 800 مليون ريال (214 مليون دولار). أخذوا قرضا من الصندوق الصناعي بضمان المصنع. كاتب العدل «مرمط» الشركة ستة أشهر قبل القيام بالإجراءات الصحيحة التي لا تستغرق أكثر من نصف ساعة، من يتحمل غرامة الجهل؟! وقس على ذلك الكثير، ودمتم.

* كاتب اقتصادي