القمة الأوروبية.. كثير من التحديات وكثير من الأمل

قبرص خامس دولة في المنطقة تطلب إنقاذها ماليا

TT

قبل أيام قليلة من انطلاق القمة العادية لدول الاتحاد الأوروبي التي تنطلق اليوم الخميس، انضم عضو جديد إلى قائمة دول منطقة اليورو المتعثرة التي تسعى للحصول على مساعدات إنقاذ مالي.

فقبل يومين، صارت قبرص خامس دولة من دول المنطقة التي تضم 17 دولة من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، تطلب رسميا مساعدات إنقاذ مالي من الاتحاد، بعد اليونان والبرتغال وآيرلندا وإسبانيا، الأمر الذي يفرض المزيد من التحديات على قادة التكتل المشاركين في القمة.

وفي إطار الجهود الرامية إلى وقف تصاعد الأزمة المالية الأوروبية والتي تقترب بشدة من إيطاليا، صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا يدرس القادة الأوروبيون خطة جديدة لزيادة الإنفاق الاستثماري بما يعادل 1% من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة اليورو بهدف تعزيز النمو الاقتصادي. وتصل قيمة هذا الإنفاق المنتظر إلى نحو 130 مليار يورو (162 مليار دولار).

وبحسب تحليل لوكالة الأنباء الألمانية يدعو خبراء الاقتصاد إلى إجراءات أكثر حدة لحل مشكلات منطقة اليورو.

ومن الخيارات المطروحة إيجاد إطار للاقتراض المشترك لدول المنطقة بحيث تستطيع الدول المتعثرة ماليا الحصول على احتياجاتها من أسواق المال الدولية بأسعار فائدة محتملة إلى جانب إقامة اتحاد مصرفي على مستوى الاتحاد الأوروبي بما يضمن قدرا أكبر من الرقابة على النظام المصرفي الأوروبي وتفادي حدوث أزمات مالية جديدة.

ولكن اللاعبين الرئيسيين في منطقة اليورو ما زالوا منقسمين حول الخطوات الجديدة لمواجهة الأزمة حيث تعارض ألمانيا بقوة دعوات فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وهي الدعوات التي ردد صداها صندوق النقد الدولي، إلى ضرورة دعم الدول المتعثرة ماليا في الاقتراض من أسواق المال بأسعار فائدة محتملة من خلال ما يعرف باسم سندات اليورو المشتركة.

في الوقت نفسه فإن خطة الإنفاق الاستثماري الجديد المنتظر إقرارها خلال القمة تمثل انتصارا كبيرا للرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند الذي وصل إلى الرئاسة في فرنسا متعهدا بتغيير اتجاهات السياسة الاقتصادية في منطقة اليورو من التركيز على التقشف إلى تعزيز النمو الاقتصادي.

ومن المتوقع أيضا أن يكسر القادة الأوروبيون خلال قمتهم غدا وبعد غد الجمود الذي يواجه نظام براءات الاختراع الموحد لدول الاتحاد الأوروبي والذي يمكنه أن يعزز النمو الاقتصادي بتقديم تيسيرات في تسجيل براءات الاختراع للمبتكرين.

وقد أطلق أمس مركز أبحاث «نوتر يوروب» الذي أسسه رئيس المفوضية الأوروبية الأسبق جاك ديلور نقاشا حول إصدار سندات يورو مشتركة من خلال اقتراح إنشاء وكالة تسمى «وكالة الدين الأوروبية» تقدم المساعدات المالية للدول الأوروبية المتعثرة ماليا مقابل تخلي هذه الدول جزئيا عن سيادتها على ميزانيتها لصالح المفوضية الأوروبية.

ويقول مركز الأبحاث في اقتراحه إن «المبدأ الأساسي هو: السيادة تنتهي عندما تنتهي القوة المالية».

وتصر ألمانيا الممول الرئيسي للمفوضية الأوروبية وصناديق الإنقاذ المالي الأوروبية، على ضرورة إعطاء المفوضية الأوروبية سلطات أوسع في مراقبة السياسات المالية والاقتصادية لدول منطقة اليورو قبل الموافقة على أي آلية للاقتراض المشترك لدول المنطقة.

وفي هذا السياق دعا أمس هيرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوروبي إلى عقد قمة أوروبية لتبني تقرير يدعو إلى إنشاء خزانة مركزية لمنطقة اليورو بهدف مراقبة مستويات الدين العام وحدود الإنفاق للدول الأعضاء في منطقة العملة الأوروبية الموحدة.

وقد نشر رومبوي تقريرا حول مستقبل اليورو تناقشه القمة الأوروبية غدا وبعد غد.

ساهم في إعداد هذا التقرير رؤساء البنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية ومجموعة اليورو.

ووفقا للتقرير، لا يجب السماح لدول منطقة اليورو بالإنفاق أو إصدار سندات تتجاوز الحدود المتفق عليها مع ضرورة إنشاء خزانة مركزية لوضع حدود على ذلك.

وجاء في مسودة تحمل تاريخ 25 حزيران-يونيو (حزيران) اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية أن منطقة اليورو في حاجة إلى «خطوة نوعية نحو اتحاد مالي يفترض ضمنا تطور قدرة أقوى على المستوى الأوروبي كوجود مكتب للخزانة».

وسيتعين على حكومات منطقة اليورو التخلي عن مساحات كبيرة من السيادة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي الجديدة. وشدد التقرير على الحاجة «الأساسية»: «لوجود آليات فعالة تمنع السياسات المالية غير المستدامة، وتصححها».

وتقول الوثيقة إنه «بموجب تلك القواعد، سيتعين أن يتم تبرير إصدار سندات حكومية تتجاوز الحد المتفق عليه بشكل مشترك والحصول على موافقة مسبقة».

وفي ظل إصراره على تحقيق ضوابط أوروبية أكثر صرامة على السياسات الاقتصادية الوطنية، لفت التقرير إلى التحذيرات الألمانية من أن تحقيق تقدم في هذا المجال شرط مسبق لأي شكل من أشكال الاقتراض المشترك لمنطقة اليورو مثل سندات اليورو.

يقترح تقرير فان رومبوي استخدام صندوق الإنقاذ المعروف باسم آلية الاستقرار الأوروبي «لدعم» صناديق ضمانات الودائع المشتركة وإعادة هيكلة البنوك والتي يجب أن تكون جزءا من أي اتحاد مصرفي متصور.

ولكن وزير الدولة لشؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة الألمانية أعرب عن رفضه للتقرير قبل مناقشته في لوكسمبورغ وقال: إنه عبارة عن «قائمة أمنيات» بشأن الاقتراض المشترك، وإنه لم يصل إلى درجة السيطرة على السياسات المالية والاقتصادية للدول الأعضاء.

وأضاف أن التقرير خلا من أمور كثيرة مهمة بالنسبة لألمانيا وأن برلين على قناعة بأن الاقتراض المشترك ليس طريقا للخروج من الأزمة.

من ناحيته، قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو: «الحقيقة أن بعض الدول الأعضاء غير مستعدة اليوم للقبول بسندات اليورو. هذه هي الحقيقة ويجب أن نكون صرحاء مع أنفسنا».

وأشار إلى أن إصدار سندات اليورو المشتركة وعلى عكس أشكال الاقتراض المشترك المؤقتة مثل صندوق الاقتراض المشترك الذي اقترحه مجلس الخبراء الاقتصاديين الألماني، يحتاج إلى تغيير معاهدات الاتحاد الأوروبي.

في ظل كل هذه المواقف، ليس من المنتظر أن تخرج القمة الأوروبية في ختام أعمالها بعد غد الجمعة بقرارات حاسمة بشأن القضية الأكثر إلحاحا وهي قضية سندات اليورو المشتركة.