ألمانيا تقول إن اقتصادها لا يستطيع تحمل عبء أزمة منطقة اليورو

البرلمان الأوروبي يبحث مراحل تنفيذ قرارات قمة بروكسل

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في حديث ودي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند (رويترز)
TT

يستمع أعضاء البرلمان الأوروبي، اليوم (الثلاثاء)، إلى قادة المؤسسات الاتحادية حول نتائج قمة بروكسل الأخيرة، والخطوات التالية لتنفيذ ما توصل إليه قادة دول الاتحاد الأوروبي من قرارات، للتعامل مع أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، وتفادي انتقالها إلى دول جديدة. من جانبه، قال وزير الخارجية الألماني، جيدو فيسترفيله، إن اقتصاد بلاده لا يمكنه تحمل كل عبء أزمة منطقة اليورو، محذرا من عواقب مجهودات مبالغة تقوم بها ألمانيا. وأكد فيسترفيله في تصريحات لمحطة (ARD) التلفزيونية الألمانية: «القدرة الاستيعابية لاقتصادنا ليست غير محدودة». وأضاف: «لذا يجب علينا أن نظهر تضامننا من ناحية، ولكن من ناحية أخرى لا يجب على شركائنا التقليل من رغبتهم في الإصلاحات».

وعلى غرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أعرب فيسترفيله عن رفضه لإصدار السندات الأوروبية المثيرة للجدل وتقاسم الدين. وأشار في هذا الصدد: «لا يمكننا أن نسلك طريق الاتحاد في الضمانات والحقوق، وإنما نرغب في اتحاد للاستقرار».

وقال البرلمان الأوروبي ببروكسل، إن نتائج القمة الأوروبية الأخيرة التي استضافتها العاصمة البلجيكية ستكون محور نقاش جلسة تنعقد الثلاثاء ضمن جلسات البرلمان الأوروبي المقررة طوال الأسبوع في ستراسبورغ، وسيحضر الجلسة، هرمان فان رومبوي رئيس مجلس الاتحاد، ومانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية، بصفتها الجهاز التنفيذي للاتحاد ومسؤولين أوروبيين آخرين، وسيتم تناول خطط بناء الاتحاد النقدي والاقتصادي. من جانبها، قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل، إن نتائج اجتماعات قمة الاتحاد الأوروبي، أظهرت وجود التزام كبير بمزيد من العمل من أجل مستقبل الاتحاد النقدي والاقتصادي الأوروبي، وإمكانية اتخاذ بعض التدابير لتحقيق الاستقرار على المدى القصير، حسب ما جاء في بيان لرئيس المفوضية مانويل باروسو، وأضاف بالقول إن النتائج الطموحة لمناقشات القادة أظهرت أن الدول الأعضاء، وخاصة في منطقة اليورو، التزمت بعدم التخلي عن اليورو، وقال البيان: «لقد اتفق القادة على ضرورة وجود آلية واحدة للإشراف على منطقة اليورو، وستقدم المفوضية مقترحات في أقرب وقت حول آلية الرقابة المالية وفقا للمادة 127، مما يعني أن المصرف المركزي الأوروبي سيكون قادرا تماما على القيام بدوره في الإشراف المالي على منطقة اليورو، وكانت قمة مجموعة اليورو قد وافقت على إمكانية مساهمة صناديق الطوارئ الأوروبية في تحقيق الاستقرار ببنوك دول المنطقة، دون أن تتحمل حكومات تلك الدول مسؤولية الديون. وأكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي سيكونان المعنيين بحل المشكلات المالية، مضيفة أن الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي والآلية الأوروبية للاستقرار يمكنهما ضمان جانب من الديون السيادية.

ويأتي ذلك فيما أبدى وزراء مالية مجموعة العشرين دعمهم للقرارات التي خرجت بها قمة زعماء دول اليورو، التي تهدف لتحقيق الاستقرار المالي في المنطقة، واعتبر بيان للوزراء أن هذه الإجراءات الاقتصادية «المتفق عليها في قمة منطقة اليورو تشكل خطوات مهمة في هذا الاتجاه، وتثبت أن أوروبا تفي بالتزاماتها». وجاء في البيان أن «مجموعة العشرين ترحب وتدعم تماما مجموعة الإجراءات التي تم اتخاذها في القمة الأوروبية».

وأشار الوزراء إلى أن الدول الأعضاء بمنطقة اليورو كانت قد تعهدت باتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق التكامل والاستقرار في منطقة اليورو، وتحسين عمل الأسواق المالية.

وتوصل قادة منطقة اليورو في القمة الأوروبية في بروكسل إلى اتفاق مفاجئ، يتمثل في تراجع نسب الفائدة المفروضة على إيطاليا وإسبانيا، وهما الدولتان المستفيدتان بشكل أساسي من الإجراءات المعتمدة، مما أثار الآمال في تهدئة الأزمة على الرغم من رفض ألمانيا وبشدة للتدابير التي تم اعتمادها. وقال رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي: «جميع الناس هم جزء من اليورو، نريد هذه العملة بصورة طوعية، ونريد أن تستمر، وهذا هو المكان الذي نريد أن تكون فيه. نريد المزيد من التكامل، والتكامل المالي والمزيد من التكامل بين المصارف، وهذا هو ما تحدثنا عنه».

وبالنسبة لكثير من المراقبين، القمة نجحت في تسوية الخلاف بين ألمانيا ودول أخرى من جهة وكل من إسبانيا وإيطاليا من ناحية ثانية. وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي: «بالطبع كل هذه الأمور في إشارة إلى إعادة رسملة مباشرة للبنوك وصناديق الإنقاذ ليتم استخدامها مع مزيد من المرونة يجب أن تكون مصحوبة بشروط قوية على خلاف ذلك، وإلا لن تكون محل ثقة ولن تتمكن من تحقيق النتائج المنتظرة». وبفضل اتفاق قادة الاتحاد الأوروبي على توسيع نطاق جهود مواجهة الأزمة المالية الأوروبية، أغلقت مؤشرات الأسهم الأميركية الرئيسية على ارتفاع كبير، وسجلت أكبر مكاسب لها خلال شهر يونيو (حزيران). كما اكتسب المستثمرون قدرا من الثقة بفضل موافقة القادة على تسريع جهود إنشاء كيان موحد لمراقبة القطاع المصرفي في منطقة اليورو. يذكر أنه في ختام اليوم الأول من القمة، وبعد ساعات مطولة من النقاش، وافق قادة الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراءات فورية لاحتواء الارتفاع الكبير في العائد على السندات الإسبانية والإيطالية، وتعهد القادة بإنشاء وحدة رقابة للبنوك في منطقة اليورو بحلول العام الجاري وهذا الخطوة الأولى في طريق تحقيق اتحاد مصرفي أوروبي. ووافق قادة منطقة اليورو الـ17 على استخدام آلية الاستقرار الأوروبي بشكل مباشر في إعادة هيكلة البنوك من دون الحاجة لقيام الحكومات الأوروبية بإقرار سياسات تقشفية صارمة لتخفيض العجز في الميزانية العامة، التي تضر مستويات النمو في هذه البلدان المتعثرة. وأقر القادة أيضا تخفيف الشروط المرتبطة بخطط الإنقاذ التي تقدمت بها إسبانيا لدعم بنوكها المتعثرة، وهذا ما ينطبق على إيطاليا في حال تقدمت لخطة إنقاذ لتمويل نفقاتها العامة، وهذا المجهود يأتي ضمن المساعي لتخفيض الارتفاع الكبير في تكاليف الاقتراض التي تواجهها إيطاليا وإسبانيا في الوقت الراهن. وتعهد قادة منطقة اليورو أيضا بحزمة بقيمة 120 مليار يورو لدعم وتيرة النمو في المنطقة.