خبير يتوقع صعود أسعار النفط إلى 150 دولارا في حالة الردود الإيرانية على العقوبات

أكد لـ«الشرق الأوسط»: السعودية قادرة في كل الأحوال على تغطية أي نقص في السوق العالمية

TT

توقع مصدر نفطي في السعودية صعود أسعار النفط إلى أكثر من 150 دولارا في حالة وجود أي رد إيراني، بعد أن تم فرض العقوبة النفطية مؤخرا على الخام الإيراني التي أقرتها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي تجاه استمرارها في صناعة السلاح النووي غير السلمي.

وقال المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه: «لن يكون هناك أي تأثير في السوق النفطية للأسعار في الوقت الراهن القصير، ولكن قد يكون هناك تذبذبات سعرية على المدى الطويل يعكسها التأثر الإيراني جراء تطبيق الحظر الأوروبي لها».

وأضاف: «الأسعار ارتفعت قبل يومين ومن ثم عاودت الانخفاض، حيث تتراوح الأسعار لخام البرنت إلى نحو 94 دولارا وبرميل الخام الأميركي نحو 84 دولارا، في السعودية لن يكون هناك أي تأثر نظرا لأنها تملك مخزونا كبيرا خارج الأسواق الخليجية».

وجاء قرار الحظر بعد الإخفاق في تحقيق أي تقدم بشأن برنامج إيران النووي، الأمر الذي جعل دول الاتحاد تتخذ القرار المتفق عليه في يناير (كانون الثاني) الماضي لزيادة الضغط على إيران، للتراجع عن برنامجها الإيراني الذي بات هاجسا مقلقا لدول العالم. وأشار المصدر النفطي: «لن يحدث تأثير على الأسعار في المدى القصير، فيما يختص بالحظر على النفط الإيراني، ومن المتوقع أن تتأثر إيران من ذلك الحظر تدريجيا وعندها تتجه للموافقة، خاصة بعد التطبيق الأقوى بالحظر الإيراني في مطلع هذا الشهر». وأضاف: «إيران سترفع الأسعار في الفترة القصيرة التي يعكسها الحظر الأوروبي، وفي حالة هدوء الأوضاع السياسية في المنطقة سنرى معاودة الانخفاض في الأسعار يسانده أيضا وجود فائض بترولي في الأسواق».

ولم يستبعد المصدر أي تدخل عسكري من قبل إيران من خلال التهديدات الإيرانية لإغلاق مضيق هرمز، جراء استمرار المضايقات الأوروبية لها، بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، خاصة أن العالم لم يمنعها من صناعة الطاقة النووية السلمية والحصول على اليورانيوم المخفض، ولكن ما تم حاليا حظر أقوى من أي وقت مضى.

وزاد: «إن قيام أي ضربات عسكرية على المصافي النفطية يؤثر على الطاقة الإنتاجية للنفط، ولكن هناك مخزون قوي جدا ويعتمد التأثر على طبيعة الضربات العسكرية لفترة قصيرة متى ما هدأت المنطقة».

واستطرد المصدر: «إن السعودية في كل الأحوال قادرة على أن تمد أي نقص، خاصة في ظل الظروف الجديدة عالميا، كعودة الإنتاج الليبي إلى الرقم القريب من المعدل الطبيعي، التي تعكس تلك المؤشرات على أنه سيكون هناك فائضا نفطي، ما لم تحصل أي أزمة عسكرية».

وذكر خبراء اقتصاديون أمس أن تطبيق الحظر على النفط الإيراني قد يلقي بظلاله على نشاط عدد من الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية، خاصة تلك التي لها استثمارات وتعاملات تجارية دولية، كقطاع البتروكيماويات الذي يعد أقرب القطاعات تأثرا بتطورات قضية النفط الإيراني، لذا فإن هنالك توقعات بأن يتأثر هذا القطاع بالتطورات السياسية، التي تحمل الطابع الاقتصادي في كثير من الأحيان.

يأتي ذلك بعد أن أعلنت إيران أول من أمس أنها ستجري تجارب على إطلاق صواريخ وهددت إسرائيل إذا بادرتها بالهجوم في واحد من أشد التهديدات الإيرانية في اليوم الذي بدأت فيه أوروبا حظر استيراد النفط من طهران وتطبيق عقوبات جديدة صارمة.

وفرضت العقوبات الأوروبية في وقت سابق هذا العام لكنها دخلت حيز التنفيذ بشكل أساسي اعتبارا من أول يوليو (تموز)، وتشمل العقوبات حظرا على واردات النفط الإيراني من قبل الدول الأوروبية وإجراءات تجعل من الصعب على الدول الأخرى التعامل تجاريا مع إيران.

وتهدف العقوبات إلى إضعاف اقتصاد إيران وإجبارها على وقف أنشطتها النووية التي تقول الدول الغربية إن الهدف منها إنتاج أسلحة نووية. وأظهرت تقارير «رويترز» في الشهور الماضية أن العقوبات أثرت بالفعل بشكل كبير على اقتصاد إيران.

من جهته قال الخبير السياسي الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مجلس الإدارة في مركز الخليج للأبحاث، لـ«الشرق الأوسط»: «إن الهدف من سن هذا القانون فرض مقاطعة شاملة وتامة لجميع التعاملات المالية الدولية مع البنوك الإيرانية وعلى رأسها البنك المركزي الإيراني».

وأضاف: «قسم القانون التعاملات المالية الدولية مع البنك المركزي الإيراني إلى قسمين، الأول يشمل التعاملات بين جميع المؤسسات المالية والمصرفية الأجنبية من طرف، والبنك المركزي الإيراني من طرف آخر، وبدأت عملية التنفيذ الفعلي اعتبارا من 29 فبراير (شباط) الماضي، وكانت نتائجه موجعة للاقتصاد الإيراني، حيث واجهت إيران صعوبات كبيرة في استيراد أو تصدير حاجات الدولة الأساسية، من البضائع والمعدات. حيث رفضت معظم البنوك الأجنبية التعامل مع أي معاملات مالية – مصرفية تكون إيران طرفا فيها».

وزاد: «القسم الثاني يشمل التعاملات التي لها علاقة بقطاع النفط بجميع أجزائه وملحقاته، وهدفه شل وتعطيل معاملات بيع النفط الإيراني إلى السوق الدولية، حيث لن يتمكن الطرف المشتري للنفط الإيراني من دفع ثمن الصفقات النفطية إلى البنك المركزي الإيراني».

وزاد: «لذا فإن إيران قد تتمكن من إنتاج النفط، وتتمكن من بيعه وتصديره، ولكنها لن تتمكن من استلام أثمان النفط المبيع، لكون أي مبالغ بهذا الخصوص يجب أن تمر عبر النظام المصرفي الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة، قبل وصولها إلى حسابات البنك المركزي الإيراني».

واستطرد: «منذ اليوم الأول من يوليو الجاري بدأت دول الاتحاد الأوروبي بتنفيذ عقوبات أوروبية على إيران تحرم على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد من شراء النفط الإيراني أو منتجاته، وتزامن هذا الحظر مع سريان العقوبات المصرفية التي فرضت من الجانب الأميركي».

ويشير بن صقر إلى أن تأثير الحظر سيكون فوريا لكون إيران لا تمتلك احتياطيا نقديا كبيرا يحميها من هذه العقوبات، فالعقوبات الأوروبية مهمة لأن دول الاتحاد تستهلك 20 في المائة من النفط الإيراني، والأهم منها هو العقوبات المصرفية الأميركية التي تتزامن مع العقوبات الأوروبية، حيث تعتمد ميزانية الدولة الإيرانية بنسبة 80 في المائة على موارد تصدير النفط، وحتى لو كان تأثير هذه العقوبات جزئيا فالحديث هنا عن حرمان الدولة من نصف مواردها، مما يفيد بوجود أزمة كبيرة لا يمكن التعامل مع نتائجها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بسهولة، فهناك تقديرات تقول إن إيران لن تتمكن من بيع أكثر من 10 إلى 15 في المائة من إنتاجها النفطي.

وحول إغلاق مضيق هرمز أشار بن صقر إلى أن «إيران لن تتمكن من المضيق الدولي الذي تقع حمايته وسلامة المرور عبره ضمن مسؤوليات القانون الدولي، ولكن قد تحاول إغلاقه، ولكنها لا تتمكن من تحقيق هذا الهدف لأسباب تقنية لكون المضيق يشكل ممرا واسعا يقارب 37 ميلا، وأسباب وجود القدرات العسكرية المضادة التي ستمنع إيران من تحقيق تهديداتها كما منعتها خلال الحرب العراقية – الإيرانية».

وأضاف رئيس مركز أبحاث الخليج: «على الرغم من رفض الصين الاعتراف بشرعية العقوبات الأميركية – الأوروبية فإنها فعليا خفضت حتى اليوم أكثر من 50 في المائة من استيراداتها للنفط الإيراني، ولن تتمكن من تجاوز العقوبات الأميركية التي فرضت على النظام المصرفي الإيراني حتى لو رغبت باستمرار علاقاتها النفطية مع إيران».

ونوه في حديثه بأنه في حالة عدم حدوث تطور مهم في نجاح الوسائل الدبلوماسية للحظر، فإن العمل العسكري سيكون أمرا حتميا، خاصة في بداية العام المقبل، حيث إنه وخلال الأشهر المقبلة سيظهر نجاح أو فشل وسائل الضغوط الاقتصادية والمالية وكذلك الدبلوماسية، خاصة بعد انتهاء فترة الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتولي الرئيس سواء كان الرئيس الحالي أوباما أو المرشح الجمهوري ميت رومني مهامه خلال 2013.