هيئة البترول المصرية تسدد أكثر من 4 مليارات دولار من ديونها المتراكمة

بنوك عالمية تعزز اعتمادات مالية بالبلاد لأول مرة منذ اندلاع الثورة

TT

وافقت بنوك ومؤسسات تمويل عالمية على تعزيز اعتمادات مستندية بقيمة 300 مليون دولار داخل السوق المصرية في المرة الأولى لها بعد الثورة المصرية، وسط تحفظات من قبل تلك المؤسسات بسبب تراجع التصنيف الائتماني لمصر أكثر من مرة على مدار الفترة الماضية.

ومن أبرز المؤسسات المالية التي منحت الموافقة الأولى لمصر بعد ثورة يناير (كانون الثاني) بنك ستاندر شارتر الإنجليزي، و«إتش إس بي سي لندن» والمشرق الإماراتي، ووافقت الأسبوع الماضي على تعزيز خطابات ضمان صادرة من عدة بنوك المحلية لصالح هيئة البترول المصرية، في مشروع تنفذه لتكرير البترول في منطقة مسطرد المجاورة لمحافظة القاهرة.

وأسهم تعيين رئيس منتخب للبلاد، والتقبل الشعبي له، في موافقة البنوك العالمية على تعزيز الضمانة المصدرة لصالح 6 بنوك عاملة في السوق المصرية، لتغطية مساهمة الهيئة العامة للبترول في الشركة المصرية للتكرير، التي تأسست في 2007، وتسهم فيها مجموعة «القلعة للاستشارات المالية»، بجانب هيئات حكومية والبنك الدولي.

وتبلغ التكلفة الاستثمارية للمشروع نحو 3.7 مليار دولار، تشمل حزمة قروض بقيمة 2.6 مليار دولار من مؤسسات دولية لتمويل. ومن أبرز هذه المؤسسات بنك اليابان للتعاون الدولي ومؤسسة نيبون لتأمين الصادرات والاستثمار وبنك كوريا للصادرات والواردات وبنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأفريقي للتنمية.

وتضم قائمة البنوك التي أصدرت هذه الاعتمادات المحلية بنك مصر بقيمة 120 مليون دولار، وبنك القاهرة الذي أصدر اعتمادا بقيمة 40 مليون دولار، ومثلهما من البنك التجاري الدولي، بالإضافة لبنك المشرق الإمارات فرع مصر، والذي أصدر اعتمادا قيمته 55 مليون دولار، والأهلي المتحد بقيمة 65 مليون دولار، وأخيرا بنك عودة بمبلغ قيمته 10 ملايين دولار.

وكانت بعض البنوك العاملة في السوق قد انسحبت منذ فترة من تغطية هذه الخطابات بسبب المشاكل التي تواجهها هيئة البترول في تعزيز خطابات الضمان من بنوك عالمية، نتيجة عدم الاستقرار السياسي الذي تعاني منه البلاد، وارتفاع المخاطر بالسوق المصرية، مطالبة المساهمين بالشركة بتعزيز خطابات الضمان التي أصدرتها البنوك المحلية من أخرى عالمية لا يقل تصنيفها عن «aa».

في سياق متصل، قالت مصادر مصرفية إن الهيئة العامة للبترول، أكبر مقترض في السوق، سددت نحو 23 مليار جنيه (3.8 مليار دولار) من إجمالي المديونية المستحقة عليها منذ يناير من العام الماضي حتى مايو (أيار) الماضي، منها 10 مليارات جنيه تسهيلات ائتمانية لبنوك محلية، كما سددت الهيئة أيضا 17 مليار دولار للشركاء الأجانب والموردين.

وأضافت المصادر، أن الهيئة الحكومية خفضت مديونيتها في أحد البنوك الكبرى داخل السوق المصرية بنحو 4 مليارات دولار بنهاية العام المالي الحكومي الذي انتهي السبت الماضي.

وتمر الهيئة الحكومية بظروف اقتصادية حرجة، حيث تواجه حاليا أزمة نقص سيولة، لتدبير احتياجات السوق المحلية من المواد البترولية، حيث تحولت من تحقيق أرباح إلى عدم القدرة على تدبير أموال، كما ذكر رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري قبل عدة شهور، مقدرا مديونيتها بنحو 60 مليار جنيه.

يذكر أن الهيئة لديها مستحقات لدى الحكومة بنحو 137 مليار جنيه، مقسمة بين وزارة المالية والهيئات الاقتصادية التابعة للدولة، إلا أن الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد أدت إلى عدم حصول الهيئة على مستحقاتها بانتظام خلال الفترة الماضية، مما أدى إلى اعتماد الهيئة على مواردها التي لا تكفي لمواجهة التزاماتها المتنوعة، مما يجعلها ترحل جزءا من مديونياتها لفترات آجلة.

وتنقسم تلك المديونيات بين وزارة الكهرباء بنحو 40 مليار جنيه، ووزارة الطيران بنحو ملياري جنيه، ومليار آخر مديونية لهيئة البترول لدى هيئة السكك الحديدية، والباقي على الكثير من الهيئات الحكومية.

وتوصلت الهيئة خلال الفترة الماضية إلى اتفاق مع وزارة المالية لحصولها على مستحقاتها، بعد أن كلف رئيس الوزراء وزارة المالية بتشكيل لجان بالتعاون مع الهيئة لتحديد المبالغ وكيفية التسديد، حتى تستطيع الهيئة من توفير احتياجات السوق المحلية من المواد البترولية.

وتتفاوض الهيئة مع الكثير من البنوك المحلية لإعادة فتح باب الاقتراض، وذلك للحصول قروض جديدة لتوفير السيولة لتدبير احتياجاتها في عمليات استيراد وتوفير المنتجات البترولية للسوق المحلية، بالإضافة إلى تمويل أنشطة استثمارية عن طريق الشراكة مع الشركات العالمية والمحلية.

وتواجه الهيئة تحفظا من غالبية البنوك المصرية في منح تسهيلات جديدة لها، نتيجة تفاقم حجم مديونياتها للبنوك، بعد زيادة حجم القروض الممنوحة لها، حيث تعد الهيئة المقترض الأكبر في السوق العامة للبترول.