تحقيق جنائي مع «متداولي باركليز» في فضيحة التلاعب بالفائدة

التحقيق يطال 14 متداولا ومصارف أخرى ستتعرض لمساءلات

أحد فروع مصرف «باركليز» في حي السيتي بلندن (رويترز)
TT

قرر مكتب الاحتيال الخطير البريطاني الذي يحقق في الجرائم المالية الكبرى، التحقيق رسميا في قضية التلاعب بسعر الفائدة بين البنوك التي ارتكبها مصرف باركليز، أكبر وأعرق البنوك البريطانية، في السنوات التي تلت الأزمة المالية في عام 2007 وتكشفت خفاياها في منتصف الشهر الماضي.

وقال مكتب الاحتيال الخطير البريطاني في بيان بهذا الخصوص إن رئيسه ديفيد غرين قرر رسميا التحقيق في قضية التلاعب. ويمكن أن يقود التحقيق إلى محاكمة المتداولين بالبنك الأربعة عشر الذين ارتكبوا مخالفة تقديم سعر فائدة كاذب لاتحاد المصارف. من جانبها رحبت وزارة الخزانة البريطانية بالتحقيق الجنائي في الفضيحة وقالت الوزارة في تصريحات بهذا الخصوص إن التحقيق سيحصل على التمويل اللازم. وقالت تقارير أميركية إن تحقيقات مماثلة قد يتعرض لها مصرف باركليز في أميركا. وكان الرئيس التنفيذي السابق لبنك باركليز روبرت داياموند قد لمح في التحقيق الذي أجرته معه لجنة برلمانية بريطانية إلى أن بنك باركليز ليس هو البنك الوحيد المتورط في فضيحة التلاعب بالفائدة وأنه استخدم «كبش فداء» لأنه تعاون في كشف الفضيحة. وهذا يعني أن هنالك بنوكا أخرى تلاعبت في تقديم سعر كاذب لفائدة الإقراض.

وأشارت تقارير أمس إلى أن كبرى البنوك العالمية تتعرض لمساءلات حول دورها في التلاعب بسعر الفائدة من بينها بنوك أميركية وأوروبية. ويذكر أن اللجنة البرلمانية البريطانية التي تحقق في الفضيحة ستستمع الأسبوع المقبل لإفادات نائب محافظ بنك إنجلترا بول تيكر في فضيحة التلاعب. وكان اسم تيكر قد ورد في إفادات روبرت داياموند. وقال داياموند في التحقيق إن المسؤولين في «بنك إنجلترا» كانوا قلقين إبان الأزمة المالية على مستقبل بنك باركليز وربما يكون غير قادر على الحصول على سيولة من الأسواق المالية وإن رئيس العمليات ببنك باركليز جيري ديلي ميسير «افترض خطأ» أن هنالك أوامر مررت بعدم الاحتفاظ بسعر الفائدة مرتفعا بين البنوك، ومن ثم قام بعض المتداولين بخفض سعر الفائدة.

ومن المعتقد أن تهتز سمعة البنك البريطاني العريق وربما يتعرض لعملية فصل بين عملياته الاستثمارية وعمليات القطاعي الخاصة بحسابات الزبائن وقروضهم في المستقبل. وذلك حسب تعليقات محللي مصارف بحي المال. وكانت أسهم باركليز فقدت خلال الأسبوع 2.0% من قيمتها بسبب الفضيحة رغم أن الوسطاء في حي المال أوصوا المستثمرين بشراء أسهمه لأنها رخيصة في الوقت الحالي ويمكن أن تحقق أرباحا في المستقبل. وأدت الفضيحة حتى الآن إلى استقالة ثلاثة من كبار المديرين التنفيذيين بمصرف باركليز من بينهم الرئيس التنفيذي روبرت داياموند.

وبدأت فضيحة التلاعب بسعر الفائدة بين البنوك التجارية الكبرى في لندن والذي يطلق عليه اختصارا اسم «ليبور» في عام 2007 حينما ضربت الأزمة المالية العصب الحي للبنوك العالمية الكبرى وكادت تصل إلى النخاع الشوكي. وسعر الفائدة «ليبور» هو سعر فائدة مهم تستخدمه البنوك التجارية الكبرى فيما بينها لأخذ قروض غير مضمونة كما أنه يستخدم كمؤشر مهم تعتمد عليه أسعار الفائدة لمجموعة من الأدوات المالية من بينها صفقات المقايضة المستقبلية للسلع الأولية ومشتقات مالية أخرى يقدر حجمها بنحو 350 تريليون دولار إضافة إلى قروض بين البنوك يقدر حجمها بنحو 10 تريليونات دولار سنويا. ويحدد سعر الفائدة بين البنوك التجارية الكبرى في لندن يوميا عبر تقديم كل بنك من هذه البنوك التجارية الكبرى لسعر فائدة الإقراض إلى اتحاد المصارف الذي يقوم بناء على متوسط المعدلات بتحديد السعر اليومي لفائدة الإقراض بين البنوك.

وبناء على ما تكشف حتى الآن في ملابسات فضيحة باركليز، ما حدث أن متداولين في بنك باركليز بدأوا في ذلك الوقت بتقديم سعر فائدة كاذب بهدف تحقيق أرباح من القروض التي يقدمها البنك للمؤسسات المالية الأخرى. وحسب الإفادات التي قدمها الرئيس التنفيذي المستقيل في التحقيق الذي أجرته معه اللجنة البرلمانية البريطانية فإنه لم يكتشف فضيحة التلاعب إلا في منتصف شهر يونيو (حزيران)، وهو ما أثار سخرية الكثير من محللي المصارف والبرلمانيين حول أسلوب إدارته للبنك.