42.4 مليار دولار حجم الصناعة المعدنية في دول الخليج

العقيل: من المتوقع ازدياد الطلب العالمي على الألمنيوم

عبد العزيز بن حمد العقيل («الشرق الأوسط»)
TT

أظهر تقرير أعده باحثون في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك)، ومقرها قطر، أن الصناعات المعدنية الأساسية تحتل المركز الثاني في الاستثمار في مجال الصناعات التحويلية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشكل استثماراتها المتراكمة حتى عام 2011 نحو 42.4 مليار دولار، وهو ما يشكل نسبة 13.1 في المائة من إجمالي الأموال المستثمرة في قطاع الصناعات التحويلية.

وجاءت الصناعات المعدنية في المركز الثاني في الأهمية بعد الصناعات البتروكيماوية وتكرير النفط التي شكلت استثماراتها المتراكمة نحو 57.6 في المائة، وذلك وفقا لإحصاءات إدارة المعلومات الصناعية (IMI) في منظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك). وتقدر هذه الإحصاءات الطاقة الإنتاجية القائمة حاليا في دول مجلس التعاون من الألمنيوم الأولي بنحو 3.6 مليون طن.

وقال عبد العزيز بن حمد العقيل، الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، إنه من المتوقع ازدياد الطلب العالمي على الألمنيوم بشكل خاص بنسبة 6 في المائة سنويا، مما سيؤدي إلى ازدياد الطلب على المنتج الخليجي في الأسواق العالمية، أضف إلى ذلك حالة الازدهار العمراني ومشاريع البنية الأساسية والمرافق العامة التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي، والتي ستؤدي إلى ازدياد الطلب عل منتجات الألمنيوم بأنواعها وبشكل متزايد خلال السنوات القليلة المقبلة.

وتعتبر صناعة وإنتاج الحديد والصلب والألمنيوم من أهم المنتجات المعدنية الأساسية في دول مجلس التعاون الخليجي، التي حققت نموا مشهودا خلال السنوات القليلة الماضية، بحيث زاد عدد المصانع العاملة في قطاع الصناعات المعدنية الأساسية بنشاطاته المتنوعة من 129 مصنعا في عام 2000 إلى 268 مصنعا عام 2011، أي أنها زادت بمقدار الضعف، في حين زادت استثماراتها المتراكمة من قرابة 7 مليارات دولار إلى نحو 42.4 مليار دولار للفترة نفسها، أي أنها زادت بمقدار ستة أضعاف. كما زاد عدد العاملين في هذه الصناعات وللفترة نفسها من 24372 عاملا إلى 58537 عاملا، وبنسبة تفوق الضعف أيضا.

ويشار إلى أن قطاع الصناعات المعدنية الأساسية يشتمل على صهر وتنقية المعادن الحديدية وغير الحديدية، وإنتاج السبائك المعدنية، سواء كان ذلك من الحديد والصلب، أو الألمنيوم، أو النحاس، أو الزنك، أو المعادن الثمينة.

وزاد عدد المصانع العاملة في مجالات صناعة الحديد والصلب من 84 مصنعا عام 2000 إلى 184 مصنعا عام 2011، أي أنها زادت بأكثر من الضعف، وزادت استثماراتها المتراكمة من قرابة 2.7 مليار دولار فقط إلى نحو 19.3 مليار دولار للفترة نفسها، بزيادة بلغت أكثر من سبعة أضعاف، مما يدل على أن المشاريع الجديدة كانت من الحجم الكبير الذي تطلب كثافة مرتفعة لرأس المال، كما زادت القوى العاملة في هذه الصناعات من نحو 15 ألف مشتغل إلى قرابة 39.4 ألف مشتغل للفترة نفسها.

وحتى عام 2011، بلغ عدد المصانع في قطاع صناعة الحديد والصلب في دول مجلس التعاون الخليجي 184 مصنعا باستثمارات بلغت أكثر من 19 مليار دولار، وبلغت قوة العمل فيها نحو 40 ألفا.

وقد حازت السعودية على نحو نصف عدد المصانع العاملة في قطاع صناعة الحديد والصلب الرئيسة، تلتها دولة الإمارات بنسبة 31 في المائة، ثم باقي دول مجلس التعاون بنسب تقل عن ذلك.

كما حازت السعودية على نحو 61 في المائة من إجمالي الاستثمارات المتراكمة في هذا القطاع حتى عام 2011، تلتها دولة الإمارات بنسبة 20 في المائة تقريبا، فباقي دول المجلس بنسبة 19 في المائة تقريبا. كما استوعبت السعودية نحو 64 في المائة من عدد العاملين في هذا القطاع للعام نفسه، تلتها الإمارات بنسبة 14.5 في المائة، فعمان بنسبة 7.5 في المائة، ثم قطر بنسبة 6 في المائة، فالبحرين والكويت بنسبة 4.4 في المائة، 3.5 في المائة على التوالي.

وفي خط موازٍ، بلغ عدد المصانع التي تعتمد على منتجات الصناعات المعدنية في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2011 نحو 2370 مصنعا، وبلغت استثماراتها المتراكمة أكثر من 8.8 مليار دولار، واستوعبت نحو 177 ألف عامل، مثلت نحو 14 في المائة من إجمالي عدد العاملين في الصناعة التحويلية في دول مجلس التعاون.

وتقدر الطاقات الإنتاجية في دول مجلس التعاون من منتجات الحديد والصلب الأساسية بنحو 20 مليون طن من كريات خام الحديد، ونحو مليوني طن من الألواح والصفائح، ونحو 17 مليون طن من المنتجات الطويلة، ونحو 5 ملايين طن من الأنابيب والمواسير.

كما أن هناك عددا كبيرا من المصانع والورش التي تقوم بتشكيل المعادن التي تشمل المنتجات المعدنية الإنشائية، الحاويات والصهاريج والعلب، والهياكل المعدنية، ومولدات البخار، والمعدات اليدوية والزراعية، ومعالجة وطلاء المعادن، وغير ذلك من منتجات يصعب حصرها. وقد بلغ عدد المصانع العاملة في هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي عام 2011 نحو 2370 مصنعا، وبلغت استثماراتها المتراكمة أكثر من 8.8 مليار دولار، واستوعبت نحو 177 ألف عامل، مثلت نحو 14 في المائة من إجمالي عدد العاملين في الصناعة التحويلية في دول مجلس التعاون.

يعتبر الألمنيوم من المعادن المهمة جدا، لما يتمتع به هذا المعدن من مزايا ومواصفات، فهو خفيف الوزن، مقاوم للصدأ، وموصل جيد للتيار الكهربائي والحرارة، وتتمتع سبائكه بقوة تعادل قوة الصلب، وهو سهل التشكيل، ويمكن تلوينه كيميائيا، ولهذه الأسباب زاد استخدامه في القطاعات الاقتصادية المختلفة، مثل صناعة الطائرات والسيارات، وقطاع البناء والتشييد، وصناعة الأواني المنزلية وغيرها.

وتعتبر صناعة الألمنيوم من الصناعات التي تعتمد على كثافة استخدام الطاقة، ونظرا لوفرتها لدى دول منطقة مجلس التعاون فإن هذه الدول أصبحت مؤهلة لأن تكون واحدة من أهم المراكز العالمية في هذه الصناعة، وأن تحظى هذه الصناعة باهتمام دول المنطقة لدعم وتعزيز البنيان الصناعي والاقتصادي فيها.

وتقدر الطاقة الإنتاجية القائمة حاليا في دول مجلس التعاون من الألمنيوم الأولي بنحو 3.6 مليون طن، أقدمها مصنع «ألبا» في البحرين بطاقة تبلغ نحو 860 ألف طن، ثم مصنع «دوبال» في دبي بطاقة مليون طن تقريبا، ثم مصنع «صحار» في عمان، بطاقة 350 ألف طن، ثم مصنع «قطالوم» في قطر بطاقة 585 ألف طن. كما تم تشييد مصنع جديد في الإمارات «شركة ايمال» بطاقة أولية قدرها 750 ألف طن، كما يجري حاليا تشييد مصنع آخر متكامل في السعودية، يعتمد على استغلال الثروة المعدنية من مادة «البوكسايت» التي تعتبر المادة الخام لإنتاج الألومينا، ومن ثم إنتاج الألمنيوم الأوليّ، ويضم المشروع إقامة مصفاة لمادة الألومينا بطاقة 1.8 مليون طن، ومصنع للدرفلة بطاقة أوليّة تبلغ 380 ألف طن.

وتقدر مساهمة الإنتاج الخليجي بنحو 10 في المائة من إجمالي الإنتاج العالمي تقريبا، ومع تنفيذ مشاريع مصاهر الألمنيوم المخطط لها في دول مجلس التعاون، من المتوقع أن تصل طاقة إنتاج الألمنيوم الأولي بحلول عام 2020 إلى نحو 9 ملايين طن، أي بنسبة تقدر بنحو 15 إلى 17 في المائة من الإنتاج العالمي.

وبذلك فإن صناعة الألمنيوم الأولي فتحت الباب واسعا أمام كثير من الصناعات الوسيطة في المنطقة الخليجية، التي تعتمد على الألمنيوم الأولي كمدخل إنتاج. وتقوم هذه الصناعات على استخدام عمليات إنتاجية متنوعة في التصنيع أهمها: البثق، والسحب، والدرفلة، والطرق. وينتج عن هذه العمليات كثير من المنتجات نصف المصنعة وشبه النهائية، مثل: المقاطع، والأعمدة، والصفائح والألواح والرقائق، والأسلاك والكابلات، وعجلات السيارات.

وقد حققت صناعة الألمنيوم بأنواعها الأساسية والوسيطة في دول مجلس التعاون تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية، فقد ازداد عدد المصانع العاملة في هذا القطاع من 31 مصنعا عام 2000 لتصل إلى 44 مصنعا عام 2011 وبزيادة نسبية قدرها 42 في المائة.

أما الاستثمارات المتراكمة في هذه المصانع فقد قفزت بشكل هائل نتيجة إقامة مصاهر جديدة في كل من عمان وقطر، إضافة لعدة مصانع لإنتاج الألمنيوم الوسيط، إلى جانب التوسعات الكبيرة في الطاقات الإنتاجية التي شملت عددا غير قليل من المصانع القائمة، وهكذا فقد ارتفع حجم الاستثمار التراكمي في هذا القطاع من نحو 4.1 مليار دولار فقط عام 2000 ليصل إلى نحو 17.3 مليار دولار عام 2011، أي بزيادة تفوق الأربعة أضعاف.

كما تضاعف عدد العاملين في هذا القطاع، فازداد عددهم من 8.5 ألف عامل إلى نحو 16.3 ألف عامل للفترة نفسها. ولعل زيادة الاستثمارات بشكل يفوق بكثير زيادة القوى العاملة يدل على أن هذه الصناعات هي كثيفة استخدام رأس المال.

وتشير البيانات إلى أن الإمارات جاءت في المرتبة الأولى في حجم الاستثمارات المتراكمة عام 2011؛ فقد أسهمت بنسبة 47.1 في المائة من إجمالي الاستثمارات التراكمية الموظفة في هذا القطاع في دول مجلس التعاون الخليجي، تلتها قطر بنسبة 25.4 في المائة، فالبحرين بنسبة 15.2 في المائة، ثم عُمان بنسبة 10.6 في المائة، ثم بقية دول المجلس بنسب قليلة. إلا أنه من المتوقع قريبا حصول قفزة نوعية في حجم الاستثمارات في قطاع صناعة الألمنيوم في السعودية بعد اكتمال إنشاء مصفاة الألومينا ومصهر الألمنيوم وما يرتبط بهما من مرافق وتجهيزات.

أما من حيث عدد العاملين في هذا القطاع فقد احتلت الإمارات المركز الأول أيضا حيث أسهمت بنسبة 42.9 في المائة من إجمالي عدد العاملين في دول مجلس التعاون في هذا القطاع، تلتها البحرين بنسبة 28.5 في المائة، ثم السعودية بنسبة 13.3 في المائة، فباقي دول المجلس بنسب تقل عن ذلك.

ولعل من أهم المزايا الاقتصادية لهذه الصناعات قدرتها على إمداد كثير من الصناعات المتوسطة والنهائية بالمواد الخام الأولية ونصف المصنعة التي تشكل المدخلات الأساسية لهذه الصناعات، نذكر منها الألمنيوم الأولي بأشكاله المتنوعة، والكتل والصبات، والقضبان والمقاطع، والصفائح والألواح، والشرائط والأسلاك والكابلات، والمقاطع الخفيفة.. إلخ.

ولاحظ تقرير «جويك» أن عددا من الصناعات المعدنية الأساسية الضرورية ما زالت «غائبة»، وهي تعد من الفرص الاستثمارية الواعدة في منطقة دول مجلس التعاون، ومنها: صناعة السبائك والحديد المخصوص، وصناعة خطوط ودعامات السكك الحديدية، وإنتاج الأنابيب المسحوبة، وإنتاج كرات الحديد، وصناعة صفائح الحديد المطلية، وإنتاج قطع الحديد المجلفنة كهربائيا، ومنتجات القولبة للألمنيوم، كما أن هناك إمكانية لزيادة الطاقات الإنتاجية في مجال صفائح الألمنيوم المشكلة على البارد، ورقائق، وأنابيب، ومساحيق الألمنيوم.

يذكر أن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر إحدى مجموعات الدول العالمية ذات المستوى الأعلى في متوسط الاستهلاك الفردي من الحديد والصلب والألمنيوم؛ فإلى جانب استهلاك معظم إنتاج الحديد والصلب المنتج محليا، وكذلك نسبة لا يستهان بها من الألمنيوم ومنتجاته، فإن المنطقة الخليجية قد استوردت في عام 2010 ما قيمته 3.5 مليار دولار تقريبا من منتجات الألمنيوم، ونحو 10.6 مليار دولار من منتجات الحديد والصلب الأساسية، ونحو 11.8 مليار دولار من مصنوعات الحديد والصلب المتنوعة. ويعتبر قطاع البناء والتشييد بمجالاته ونشاطاته المتنوعة في دول مجلس التعاون الأكثر استهلاكا لهذه المنتجات.