مجموعة اليورو تنجح «مؤقتا» في تفكيك «قنبلة» إسبانيا ومصارفها

وزراء مالية المنطقة اتفقوا على حزمة مساعدات بـ100 مليار يورو لمدريد

مصرف «بانكيا» الإسباني الذي شارف على الانهيار لولا تدخل الحكومة بمساعدة أوروبية مؤخرا (إ.ب.أ)
TT

نجح وزراء مالية منطقة اليورو ليل الاثنين الثلاثاء في حل عدد من المواضيع الشائكة من خلال التوصل إلى اتفاق سياسي حول تقديم مساعدة إلى إسبانيا وإعادة انتخاب جان كلود يونكر على رأس مجموعة اليورو. وبعد اجتماع استمر أكثر من ثماني ساعات في بروكسل، أعيد انتخاب يونكر رئيس وزراء لوكسمبورغ على رأس مجموعة اليورو التي تضم وزراء مالية منطقة اليورو، حسبما أعلن مسؤول أوروبي. وصرح مصدر آخر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الولاية هي لعامين ونصف العام لكنه لن يؤدي سوى قسم منها».

وكان يونكر عين في منصبه للمرة الأولى في عام 2005 وولايته تنتهي في 17 يوليو (تموز).

وفي مستهل الاجتماع، اقترح وزراء الدول الـ17 الأعضاء في المجموعة تعيين إيف ميرش أيضا من لوكسمبورغ في مجلس إدارة المصرف المركزي الأوروبي. ويتم التبني من قبل كل وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي الـ27.

وظل تعيين رئيس لمجموعة اليورو متعثرا منذ أشهر عدة. فقد كان وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله مرشحا رسميا لتولي هذا المنصب الاستراتيجي، إلا أن فرنسا لم تخف تحفظاتها حيال ترشيحه وسعت لتمديد ولاية يونكر.

وخلال الاجتماع عين المشاركون الألماني كلاوس ريغلينغ على رأس آلية الاستقرار الجديدة وهي صندوق الإنقاذ الدائم الذي سيتم تشكيله قريبا، حسبما أعلن أمس الثلاثاء مسؤول أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية.

وريغلينغ يتولى حاليا رئاسة صندوق الإنقاذ المؤقت التابع لمنطقة اليورو. إلا أن مسالة التعيينات لم تكن الموضوع الشائك الوحيد على طاولة المفاوضات. إذ كان هناك مسألة مساعدة إسبانيا على الخروج من أزمتها. فالاثنين ارتفع معدل فائدة القروض في إسبانيا على مدى عشر سنوات إلى ما فوق 7 في المائة وهي نسبة لا يمكن تحملها على المدى الطويل. كما توصلت المجموعة إلى «اتفاق سياسي» حول مساعدة القطاع المالي في إسبانيا، بحسب مصدر أوروبي.

واتفق الوزراء المشاركون في الاجتماع على مذكرة سيتم توقيعها خلال الاجتماع المقبل للمجموعة في 20 يوليو، بحسب المصدر نفسه، دون إعطاء إيضاحات حول مضمون الاتفاق. وعرضت المجموعة مساعدة يمكن أن تصل إلى مائة مليار يورو لكن القيمة الفعلية للمساعدة لن تعرف خلال هذا الاجتماع «لأنه يتعين تحديد حاجة كل مصرف على حدة»، بحسب مسؤول أوروبي رفيع المستوى. ولمساعدة إسبانيا، سيمنحها الاتحاد الأوروبي الثلاثاء مهلة إضافية تستمر عاما أي حتى 2014 لإعادة عجزها العام إلى 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، بحسب مصدر أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية.

ويتعين على منطقة اليورو أن «تمضي بسرعة» لترجمة قرارات قمة 28 و29 يونيو (حزيران) إلى أفعال وخصوصا الرقابة المصرفية بهدف فتح الطريق أمام إعادة رسملة مباشرة للمصارف الإسبانية.

ولا بد خصوصا من إزالة أي التباس حول سبل عمل إعادة الرسملة المباشرة للمصارف من قبل صندوق إنقاذ منطقة اليورو. ويبدو أن النقاش لم يحسم الاثنين حول ما إذا كان من الضروري أن تعطي الدول ضماناتها له.

وجدول أعمال هذا الصندوق لا يزال غامضا. واكتفى رئيس المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي بالقول أمام البرلمان الأوروبي إن «صندوق إنقاذ منطقة اليورو لن يكون جاهزا لإعادة رسملة المصارف بحلول نهاية العام لكننا نعمل بأقصى سرعة».

والاثنين، استعرض وزراء مالية منطقة اليورو أيضا الوضع في اليونان. وحذر مصدر أوروبي قبل الاجتماع أن دفع القسم المقبل من المساعدة إلى أثينا لن يتم «ما لم تلحظ مجموعة يوروغروب أن البرنامج على الطريق الصحيح»، مضيفا أنه لا يتوقع صدور قرار قبل «أواخر أغسطس (آب)».

وكان رئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس حصل الأحد على تصويت البرلمان من أجل تطبيق سياسة تتركز على الخصخصة.

كما من المفترض أن يتباحث الوزراء المشاركون في الاجتماع حول شروط منح مساعدة إلى قبرص لكنهم لم يتوصلوا إلى قرار في هذا الشأن. وقال رئيس مجموعة وزراء مالية منطقة اليورو (مجموعة اليورو) جان كلود يونكر صباح أمس الثلاثاء إن إسبانيا ستحصل على 30 مليار يورو (37 مليار دولار) كأول دفعة من حزمة الإنقاذ الأوروبية لقطاعها المصرفي بحلول نهاية يوليو الجاري. وأوضح يونكر أن الموافقة النهائية على الشروط المقترنة بحزمة الإنقاذ التي تقدمها منطقة اليورو، التي يبلغ إجمالي قيمتها مائة مليار يورو، ستكون «في النصف الثاني من يوليو». وأشار رئيس وزراء لوكسمبورغ إلى أن مجموعة وزراء منطقة اليورو اتفقوا أيضا على إمهال إسبانيا عاما إضافيا، حتى عام 2014، من جهته قال وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جويندوس إن إسبانيا ستضطر إلى دفع نحو نصف سعر فائدة السوق الحالية على قرض منطقة اليورو التي وعدت بتقديمه لتنشيط قطاعها المصرفي المتعثر. ووافق وزراء مالية منطقة اليورو على التوقيع على حزمة مساعدات بقيمة تصل إلى 100 مليار يورو (123 مليار دولار) في 20 يوليو الجاري ومنح مدريد أول شريحة بقيمة 30 مليار يورو بنهاية الشهر.

وفي اجتماع عقد الليلة الماضية ببروكسل، وافقوا أيضا على منح إسبانيا عاما إضافيا لخفض عجز ميزانيتها. قال جويندوس قبيل محادثات مع وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين «أعتقد أن الاتفاقيتين في اجتماع أمس هما إيجابيتان للغاية». ومن المتوقع أن يؤكد وزراء مالية الاتحاد على قرار أمس الثلاثاء. وسأل أحد الصحافيين عما إذا كان سعر الفائدة على قروض منطقة اليورو التي سيحين موعد استحقاقها في المتوسط بعد 12.5 عام سيبلغ نحو 3 أو 4 في المائة أي نحو نصف تكلفة الاستدانة التي تتحملها إسبانيا على السندات لأجل 10 سنوات، رد دي جويندوس قائلا إنها «يمكن حتى أن تكون أقل من ذلك». وفي أعقاب الاتفاقيتين، تراجع العائد على السندات الإسبانية العشرية لما دون حاجز 7 في المائة الخطير. وبالنسبة لإيطاليا تلك الدولة الأخرى التي تتعرض لضغوط من السوق، تراجع العائد على سنداتها لما دون 6 في المائة. كما أصر الوزير على أن إسبانيا لن تضطر إلى التعهد بأي التزامات إضافية في مقابل تخفيف مستهدفات عجزها برغم تصريحات المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادي أولي رين بأنه يجب على مدريد تبني خطط موازنة لعام 2013 - 2014 بحلول نهاية يوليو. ويطلب من إسبانيا في الأصل أن تقلص عجز ميزانيتها لما دون الحد المستهدف داخل الاتحاد الأوروبي البالغ 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2013.

وفي مدريد تراجعت تكلفة استدانة إسبانيا أمس بفضل بيانات اقتصادية إيجابية مع تراجع الفارق بين عائد السندات الإسبانية والألمانية العشرية إلى 547 نقطة أساس. ويقل ذلك بمقدار 25 نقطة أساس عما كان عليه سعر العائد في الصباح. واستقر العائد على السندات الإسبانية لأجل 10 سنوات على 6.8 في المائة أي أقل من مستوى 7 في المائة الذي يعتبره الخبراء أنه لا يمكن تحمله على المدى الطويل.

وارتفعت الأسهم الأوروبية عند الفتح أمس لتسترد توازنها بعد أربع جلسات من الخسائر مع إقرار وزراء منطقة اليورو لخطة إنقاذ البنوك الإسبانية المتعثرة لكن المكاسب جاءت محدودة بفعل المخاوف المتعلقة بالنمو العالمي وأزمة الديون الأوروبية عموما.

وارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 03.‏2 نقطة بما يعادل 2.‏0 في المائة ليصل إلى 12.‏1032 نقطة بعد انخفاضه على مدى جلسات التداول الأربع السابقة. وبحسب «رويترز» قال جيرت رويستشارت المحلل لدى بنك فورتيس في بروكسل «الشائعات الكثيرة بشأن تطبيق خطة مساعدة البنوك الإسبانية اتضح أنها لم تكن مبررة وأنها لم تخرج عن المسار.. قد يخلق هذا مناخا أفضل بقليل (بين المستثمرين) عن الأيام القليلة الماضية».

واتفق اجتماع لوزراء منطقة اليورو على منح إسبانيا عاما إضافيا لتحقيق أهدافها لخفض العجز وحدد معايير حزمة مساعدة لبنوك مدريد المتداعية لكن لم يحرز تقدما واضحا على صعيد استخدام صناديق الإنقاذ لشراء سندات سيادية. وكانت البنوك من أكبر الرابحين في المعاملات المبكرة حيث ارتفع سهم بنك سانتاندر الإسباني 3.‏0 في المائة مع قيام المستثمرين بالشراء للاستفادة من انخفاض الأسعار بعد عدم التيقن الذي ساد في الآونة الأخيرة. وقال رويستشارت «سيظل الوضع صعبا بالنسبة للأسهم. تحاشي المخاطرة لن يختفي سريعا إذ تغذيه المخاوف بشأن اليورو وحل المشكلات الكامنة لن يكون إلا على مدى فترة زمنية طويلة. وفي وظل عدم التيقن هذا من الصعب جدا أن تكون سوق الأسهم مزدهرة».