مختصون: منطقة الخليج خالية من الأموال المهربة لمسؤولين ملاحقين في دول الربيع العربي

تشديد الرقابة ومكافحة الفساد يحولان دون دخولها

TT

استبعدت دوائر اقتصادية وخبراء تدفق الأموال المهربة لعدد من الشخصيات أو المسؤولين الملاحقين في دول الربيع العربي، للاستثمار في منطقة الخليج، أو دخولها في استثمارات غير مباشرة للاستفادة من البيئة الاستثمارية والأمن الاقتصادي الذي تعيشه المنطقة، مؤكدين خلو المنطقة من هذه الأموال.

وعلل مختصون عدم لجوء تلك الأموال لمنطقة الخليج وتحديدا إلى السعودية رغم دعواتها لفتح الاستثمار الأجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر. وقالت دوائر اقتصادية إن الجهات الرقابية ومكافحة الفساد والشفافية في السعودية وقطر قطعت أشواطا كبيرة في الكشف عن تلك المخالفات الإدارية وقضايا التستر والفساد في الشركات الكبرى العاملة في دول الخليج، وتعلن بشكل رسمي للعامة عن أية مخالفات مالية.

في المقابل، توقع المهتمون بالشأن الاقتصادي ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في منطقة الخليج إلى أكثر من 150 مليار دولار حتى نهاية 2016. وتستحوذ المملكة قرابة 34 في المائة من إجمالي الاستثمارات المتوقعة. وتأتي هذه التوقعات متوافقة مع ما تسجله المنطقة العربية من ثورات وعدم استقرار، كذلك منطقة اليورو التي تشهد حالة تدهور في اقتصادها الذي ضرب اليونان وإسبانيا وإيطاليا، الأمر الذي أدى إلى هبوط اليورو إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار خلال العامين الأخيرين بسبب المخاوف إزاء مستقبل منطقة اليورو. وفي أعقاب ما تم نشره من محاضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي)، فإن البنك المركزي قلل من آمال طرح إجراءات اقتصادية تحفيزية جديدة. وهنا، قال عبد الرحيم نقي، الأمين العام لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، إن هناك الكثير من العناصر التي تساعد في تدفق الاستثمارات الأجنبية وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية التي تعصف بدول العالم، بينما تلعب الأوضاع السياسية في بعض الدول العربية والأجنبية دورا مهما في دفع المستثمرين للبحث عن مناخ آمن لاستثماراتهم، ومنطقة الخليج تمثل الوجهة في هذه الفترة.

وحول المخاوف من دخول أموال مهربة للاستفادة من البيئة الاستثمارية في منطقة الخليج، استبعد نقي دخول مثل هذه الأموال لوجود قوانين وأنظمة تحمي دول الخليج من دخول الأموال المهربة لشخصيات، موضحا أن السعودية وقطر لديهما الإمكانات في كشف تلك الأموال من خلال ما حققتاه من تقدم في مكافحة الفساد والشفافية، وهو ما جعل السعودية تحتل مراتب متقدمة في جلب الاستثمارات العالمية بما تطبقه من معاير دولية.

وتمكنت السعودية خلال العشر السنوات الماضية من جذب استثمارات أجنبية تجاوزت 147 مليار دولار بنسبة إجمالية قدرها في المائة 52.9 من الاستثمارات الأجنبية في الخليج، وفقا لإحصاءات الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.

وتبلغ تكاليف إنشاء مشروع في المدن الاقتصادية السعودية بحسب هيئة الاستثمار ما بين ريال - ريالي سعوديين لكل متر مربع في العام، أي ما يعادل 0.26 دولار، وفي مواقع أخرى 20 - 100 ريال سعودي لكل متر مربع في العام، اي ما يعادل 5.33 - 26.67 دولار، بينما تتجاوز إيجارات السكن والإقامة للعمال وشاغلي وظائف الإدارة العليا 40000 دولار.

وقال الدكتور صالح الطيار، أمين عام الغرفة العربية الفرنسية، إن المملكة، ومنذ تولي خادم الحرمين الملك عبد الله، قبل الربيع العربي، اهتمت بإنشاء بنية تحتية متكاملة لجلب الاستثمارات في كافة القطاعات وتحديدا التكنولوجيا والمعرفة، وتمثل ذلك في إنشاء المدن الاقتصادية في السعودية، إضافة إلى مشاركة القطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية والحكومية.

واستطرد الطيار أن المملكة وعبر هيئة الاستثمار منحت رؤوس الأموال مزايا متعددة ومتنوعة منها التملك المطلق في استثماراته، وحصوله على كل المقومات التي تساعده لإنشاء مشروعه بأسعار رمزية، مع جلب العمالة الماهرة لإطلاق منتجه وفق الأنظمة والضوابط، مستدركا قوله إن تلك المميزات لا تلغي حق الاستثمار المحلي الذي يحظى بنفس الفرص والمميزات. واعتبر أمين عام الغرف العربية الفرنسية أن المسؤولية مزدوجة لفتح الاستثمار ومراقبة دخول الأموال المهاجرة والمهربة من دول الربيع العربي التي تشهد اضطرابات لمسؤولين في تلك الدول، من كافة الجهات المعنية تحديدا في المملكة في نطاق الأمن الاقتصادي، مشيرا إلى أن المملكة تمتلك الإمكانات للتأكد من سلامة الأموال وأصحابها قبل فتح المجال لها.

وستتركز الاستثمارات المتوقعة في السنوات المقبلة في مشاريع تطوير البنى التحتية والعقار، والصناعة والسكك الحديدية، التي تستهوي الشركات العالمية الكبرى للدخول في الأسواق الخليجية، بينما يتوقع أن تعود رؤوس أموال سعودية للمنطقة في ظل المخاوف في عدد من الدول العربية والأوروبية.

وحافظت السعودية على مكانتها كأكبر مستقطب للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة لمنطقة غرب آسيا. بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة للسعودية 28.1 مليار دولار في 2010، متراجعة عن المستوى السابق وقدره 35.5 مليار دولار. وشكلت الاستثمارات الأجنبية الواردة للسعودية 48 في المائة من مجموع الاستثمارات الواردة لمنطقة غرب آسيا، التي تضم دول مجلس التعاون الخليجي، فضلا عن إيران وتركيا. وعاد عبد الرحيم نقي، أمين عام غرف مجلس التعاون، ليؤكد أهمية وضع آلية تتوافق مع الفرص المواتية لدخول مستثمرين جدد للمنطقة، من خلال تحديد وتوجيه نوعية الاستثمار بما يخدم دول مجلس التعاون، وأبناء المنطقة بخلق فرص عمل جديدة تتناسب مع المرحلة القادمة، الأمر الذي ينعكس في تحقيق معدلات نمو اقتصادية.

ويمكن تعريف الاستثمارات الأجنبية المباشرة بتلك طويلة الأجل كالاستثمار في العقارات وإنشاء مصانع، وعلى هذا الأساس لا يدخل الاستثمار الأجنبي في سوق الأسهم ضمن هذا التعريف؛ لأنه قابل للتغيير في أي لحظة، وهو مختلف تماما لتوجه الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تبقى فيها المباني والمصانع لفترة طويلة وإن تغير المالك. وعن دور الغرف العربية والمجالس، قال الدكتور صالح الطيار إنها تلعب دورا مهما في التعريف بتلك الاستثمارات في كافة دول الخليج والسعودية على وجه الخصوص، من خلال الالتقاء برجال الأعمال في تلك الدول وعرض الفرص عليهم مباشرة.

ووفقا للهيئة العامة للاستثمار، فإن الشركات الأجنبية في السعودية تدفع أجورا بشكل سنوي بقيمة تصل إلى 29 مليار ريال، في الوقت الذي وفرت نحو 375 ألف وظيفة يشغل السعوديون منها نحو 100 ألف وظيفة.