الاستثمارات الحكومية في سوق الأسهم السعودية تثير الجدل وسط مطالب بتحريكها

غياب المؤسسات الاستثمارية جعل الشركات المدرجة صيدا سهلا للمضاربين

يتابعون حركات الأسهم السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

أثارت الاستثمارات الحكومية في سوق الأسهم السعودية جدلا واسعا بين خبراء اقتصاديين، إذ يرى هؤلاء الخبراء أن الاستثمارات الحكومية في السوق المالية لن تقود تعاملات سوق الأسهم السعودية إلى مستقبل أكثر إيجابية، مرجعين ذلك إلى ثبات هذه الاستثمارات وعدم توجيهها إلى الفرص الاستثمارية الأكثر جذبا.

وأشار هؤلاء في حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أمس إلى أن سوق الأسهم السعودية ما زالت تعاني مشاكل هيكلية لن تقودها إلى مسار إيجابي طويل المدى، موضحين أن غياب المؤسسات الاستثمارية عن الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية واعتمادها على الأفراد فقط أفقدها الاستقرار وجعل منها صيدا سهلا للمضاربين.

وأوضح هؤلاء أن تحريك هذه الاستثمارات بين أسهم الشركات المدرجة من فترة لأخرى أمر ضروري لتحفيز مؤشر السوق وزيادة معدلات النشاط في التداولات اليومية، مبينين أنه أدرجت حديثا شركات تحقق معدلات ربحيه عالية لم تستثمر بها الصناديق الحكومية.

وأمام هذه التصريحات، أكد الدكتور سالم باعجاجه، أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، أن الفرص الاستثمارية في سوق الأسهم السعودية متجددة، وقال: «لا يمكننا القول إن الفرص تتوقف عند حد معين، بل هي متجددة، والدليل على ذلك هو إعلان شركات حديثة عن نتائج مالية إيجابية جدا خلال الربع الثاني من هذا العام».

وعزا باعجاجه خلال حديثه ما يحدث من تراجع في معدلات السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية خلال اليومين الماضيين إلى دخول شهر رمضان المبارك، مشيرا إلى أن طبيعة هذا الشهر الكريم لا تشجع المتداولين على المضاربة اللحظية في السوق المالية السعودية ومتابعة شاشات التداول لساعات طويلة.

من جهة أخرى أكد فهد المشاري، الخبير المالي والاقتصادي، أن الاستثمارات الحكومية في سوق الأسهم السعودية تحتاج إلى إعادة النظر فيها، وقال: «بعض الشركات المستثمر بها لم تعد مغرية، لذلك من الأفضل توجيه الاستثمارات الجديدة إلى شركات أكثر ربحية، لا زيادة معدلات التملك في شركات لم يكن أداؤها في الآونة الأخيرة جيدا».

وأشار المشاري إلى أن سوق الأسهم السعودية ما زالت تعاني مشاكل هيكلية لن تقودها إلى مسار إيجابي طويل المدى، موضحا أن غياب المؤسسات الاستثمارية عن الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي واعتمادها على الأفراد فقط أفقدها الاستقرار وجعل منها صيدا سهلا للمضاربين.

يشار إلى أنه كان قد قال تركي فدعق، مدير إدارة الأبحاث والمشورة في شركة «البلاد للاستثمار»، لـ«الشرق الأوسط» الشهر الماضي: ««في حقيقة الأمر تعتبر سوق الأسهم السعودية من الأسواق منخفضة الكفاءة، ومثل هذه الأسواق تتميز بأن تحركاتها حادة جدا سواء أكان ذلك في الصعود أم في الانخفاض».

وأشار فدعق إلى أن سوق الأسهم السعودية تعاني مشاكل هيكلية تقودها إلى التراجعات الحادة في بعض الفترات، وقال: «مشكلة السوق السعودية أن معظم المتداولين فيها أفراد، ومثل هؤلاء المتداولين تتحكم في قراراتهم الاستثمارية العاطفة، وهو أمر مربك تماما لمؤشر السوق العام بنهاية المطاف».

وتابع مدير إدارة الأبحاث والمشورة في شركة «البلاد للاستثمار»: «كما أنه من المشاكل الهيكلية التي تعانيها سوق الأسهم السعودية عدم وجود شركات استثمار تستطيع الاستثمار في هذه السوق وتحقيق التوازن لها، كما أنه من ضمن المشاكل الهيكلية ثبات الاستثمارات الحكومية وعدم تحركها على وجه الإطلاق».

فيما أظهرت تقارير حديثة تحسن حجم استثمارات الأجانب في سوق الأسهم السعودية خلال العام الماضي، عقب تطبيق المادة الخامسة من نظام السوق المالية في البلاد في عام 2008، حيث يسمح للأشخاص المرخص لهم بإبرام اتفاقيات المبادلة مع الأشخاص الأجانب غير المقيمين، سواء أكانوا مؤسسات مالية أم أفرادا .

وأظهرت الأرقام المتعلقة باستثمارات الأجانب في سوق الأسهم السعودية تحسنا واضحا من حيث القيمة النقدية خلال العام الماضي، إذ بلغت في عام 2010 نحو 24.7 مليار ريال (6.5 مليار دولار)، في حين بلغت 29.3 مليار ريال (7.7 مليار دولار) في عام 2011، بارتفاع بلغت نسبته 18.2 في المائة.

وقال تقرير حديث صادر عن هيئة السوق المالية السعودية: «تهدف السوق المالية السعودية من نظام اتفاقيات المبادلة إلى زيادة عمق السوق المالية والرفع من كفاءتها، وإلى تعزيز مؤشر انفتاح السوق المالية السعودية أمام الاستثمارات الأجنبية».