احذروا حرائق عز الصيف!

سعود الأحمد

TT

بعد أن يئسنا من جدوى برامج التوعية بالاستخدام الأمثل لخدمات الكهرباء وتوصيلاتها على الوجه الصحيح، وفي ظل غياب الدور الفاعل للجهات المعنية بالرقابة على هذا النشاط، فإنني أدعو المواطنين وأصحاب العمارات التجارية والأسواق المركزية (المولات) والأسواق الشعبية، ليهتموا بمخاطر الحرائق التي تشتعل بأسباب الماس الكهربائي وزيادة الأحمال وسوء تخطيط وتوصيل الشبكات الكهربائية، ومتابعة ما ينشر عن مسببات الحرائق والوقاية منها، ليتثقفوا بأنفسهم ويحموا أموالهم ومنشآتهم الاقتصادية.

وأقول إننا في كل عام بدول مجلس التعاون نسمع عن أخبار الحرائق ونتعامل مع هذه الحوادث على أنها «قضاء وقدر»! لكننا بالمقابل نعلم يقينا أن هناك إجراءات وقائية وأعمال صيانة كان يجب أن تتخذ «ولم تتخذ». ونعلم (أيضا) أن أجواءنا حارة جدا، وأنه يمكن لأشعة الشمس المجردة لو سطعت في زجاجة أو مرآة عاكسة أن تولد حرارة متضاعفة إذا تركزت على أي قطعة ورق أو كرتون لبضع دقائق تشعلها ولو من دون فعل بشر مقصود. ونعلم أيضا أن لدينا أسواقا تهمل فيها النفايات لتتراكم الصناديق الكرتونية عرضة لأي حرائق (ومثال ذلك بمدينة الرياض أكوام نفايات وسط حراج بن قاسم المتراكمة عرضة لذلك!)، وإلى جانبها خزانات الكهرباء والغاز والمفروشات والأقمشة ومخازن الورقيات والكيماويات وتقع بقرب محطات الوقود.. ومع هذا نتركها في غفلات الناس كنهار صيف رمضان، عرضة ربما لأي فعل فاعل ليشعلها أو للشمس لتقبس فيها! وعندما تقع الفأس في الرأس ويحصل حرائق (لا سمح الله) لمجمعات أسواق أو مستودعات أو غيره، لا نفكر في البحث عن المقصرين ومحاسبتهم، بل (كالعادة) تخرج البيانات الرسمية على أنها «قضاء وقدر»، وأنها احتمال «ماس كهربائي»، وتحصل الخسائر التي يتحملها التجار أو الشركات أو شركات التأمين، وكل ذلك مما يضر بالاقتصاد الوطني! ولا ننسى أنه من الناحية الفنية، فإن معظمنا يبني منزله ومتجره ويوصل أسلاك (كوابل) وحداته بواسطة عمال غير مؤهلين فنيا. ويحصل في كثير من الأحيان ألا يتم الربط جيدا لهذه الأسلاك. ومع الوقت وفي مواسم الحر الشديد (بمثل هذه الأيام) تكون الطاقة الكهربائية المستهلكة في أعلى حمولتها، وقد يحصل عدم الربط الجيد للأسلاك الموصلة لبعض أجزاء هذه التوصيلات، ويحصل فجوة بين هذه التوصيلات تؤدي إلى تردد الطاقة الكهربائية Misconnections، ومع الوقت تسخن هذه التوصيلات إلى أن تذوب وتبدأ التيارات الكهربائية تزيد في تسخين هذه التوصيلات إلى أن تنقلب إلى حمم نارية وحرائق مدمرة للوحدات التي هي فيها وما حولها. وأخطر ما في هذه الحرائق أنها تنتشر سريعا وبلا هوادة تتسبب في خسائر مادية كبيرة، وقد تصل إلى الوحدات المجاورة ممن ليس لهم أي ذنب، وقد ينتج عنها خسائر بشرية.. والنار من مستصغر الشرر.

والذي نطالب به الجهات المعنية.. أن تحصر الجهات المعنية بمثل هذا النوع من الحرائق (وفي مقدمتها «الشركة السعودية للكهرباء»)، لتكثف من حملات التوعية بمخاطر وأسباب الحرائق وكيفية الحد منها. كما نطالب كل صاحب (أو أصحاب) مجمع تجاري أو محلات داخل أسواق أو أسواق مغلقة أو مفتوحة أو مستودعات لبضائع في مناطق المستودعات المأهولة والصناعية، أيا كان نوعها، أن يبادروا بالكشف على شبكاتهم الكهربائية، وأن يتخذوا جميع الإجراءات اللازمة لمعالجة المسببات المحتملة لإشعال الحرائق.

* كاتب ومحلل مالي