غول الغلاء يفترس الإيرانيين وسط تشديد الحظر وتدهور الريال

عملة طهران فقدت 50% من قيمتها

صورة من محطة الفضاء الدولية في عام 2003 تبين مضيق هرمز («نيويورك تايمز»)
TT

وسط تناقص مستمر في كمية الدولارات التي تجنيها حكومة طهران من مبيعات النفط وتزايد الضغوط على الريال الإيراني الذي فقد حتى الآن 50 في المائة من قيمته، يجد التضخم مرتعا خصبا في إيران حيث تواصل أسعار السلع الغذائية وعلى رأسها اللحوم التحليق عاليا في متاجر السوبرماركت في المدن الرئيسية منذ شهور.

ونسبت وكالة الأنباء الفرنسية إلى سيدة إيرانية اسمها بوران قولها «إننا لا نأكل الكثير من اللحوم الحمراء ونستعيض عنها بالدجاج، ولكن الآن لحوم الدجاج ارتفعت وأصبحت غالية الأثمان، إننا نأكل الدجاج الآن مرتين في الأسبوع فقط». وأضافت السيدة البالغة 57 عاما القول «حينما ندعو الضيوف الآن إلى المنزل فإننا ندعوهم بعد الغداء، لأن دعوتهم للغداء مكلفة جدا فكل شيء أصبح غاليا». وهذه السيدة تلخص إلى حد بعيد الوضع الاقتصادي المرير الذي يعيشه المواطنون في إيران. وحسب الإحصائيات الرسمية التي نشرتها الحكومة الإيرانية بداية الأسبوع فإن التضخم بلغ 21 في المائة خلال الشهر الماضي. ويقول اقتصاديون إن هذه هي التقديرات الحكومية أما التقديرات المستقلة فتشير إلى أن نسبة التضخم أعلى من ذلك بكثير. وحسب وكالة الأنباء الإيرانية فإن المواطنين في مدينة نيسابور تظاهروا قبل يومين احتجاجا على غلاء أثمان اللحوم وخاصة الدجاج. ورغم أن المظاهرة لم تستمر طويلا في المدينة التي يفوق عدد سكانها ربع مليون نسمة وتقع على بعد 500 ميل شمال شرقي طهران، فإنها دليل واضح أن هنالك تذمرا وسط المواطنين من الأوضاع الاقتصادية وأن الحظر بدأ يؤثر على الاقتصاد الإيراني ويدخل في العصب الحي. ولتقليل آثار الحظر قررت حكومة طهران تخصيص ما يصل إلى 30 مليار دولار بسعر صرف رسمي منخفض لاستيراد السلع الأساسية مثل اللحوم والأدوية. وكانت وسائل إعلام إيرانية قالت يوم السبت إن الحكومة تعتزم استحداث نظام من ثلاثة مستويات لسعر الصرف لشراء فئات مختلفة من الواردات.

وفقدت العملة الإيرانية الريال نحو نصف قيمتها في العام الماضي بعدما شدد الغرب عقوباته على طهران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل.

وهبطت مبيعات النفط الإيراني وهي المصدر الرئيسي للعملة الصعبة نتيجة العقوبات وتواجه إيران صعوبات في الحصول على المدفوعات مقابل صادراتها النفطية نظرا للعقوبات المفروضة على بنكها المركزي.

ورغم أن سعر الصرف الرسمي يبلغ 12260 ريالا للدولار فإن الكمية المتاحة من تلك الدولارات الرخيصة محدودة بينما يقترب السعر في السوق السوداء من 19 ألف ريال مقابل الدولار.

ونقلت «فارس» عن كيومارس كيرمانشاهي نائب رئيس مؤسسة تعزيز التجارة الإيرانية قوله «قررنا منح الأولوية لاستيراد السلع.. وتم تخصيص 24 إلى 30 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي عند 12260 ريالا مقابل الدولار لاستيراد السلع الأساسية». ومن بين السلع التي يمكن استيرادها باستخدام الدولارات الرخيصة اللحوم الحمراء ولحوم الدجاج والأغنام والأبقار الحية والشعير والذرة والنفط الخام والسكر الخام وحليب البودرة الصناعي والأدوية والأجهزة الطبية التي لا تنتج في إيران وإطارات الشاحنات والقطن والألياف الصناعية والراتنجات والفحم وماكينات الطباعة والجرارات.

ويلاحظ أن انكماش الصادرات النفطية وغلاء الوقود وصعوبة المتاجرة مع الخارج بسبب حظر البنك المركزي أثر على جميع الصناعات حتى صناعة السجاد وأن هنالك بعض الصناعات بدأت تغلق فروعها وتقلل عدد الموظفين، فصناعة السيارات مثلا انخفضت بنسبة 35 في المائة ومن المتوقع أن تفقد 5000 وظيفة خلال السنوات المقبلة. وحتى المهربون في إيران يشعرون الآن بضغوط الحظر. من جانبها توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير أن تنخفض صادرات النفط الإيراني خلال العام الحالي بنسبة 40 في المائة، وهو ما يعني المزيد من الضعف للريال الإيراني والمزيد من ارتفاع التضخم وغلاء الأسعار.

وعلى صعيد المشاريع المشتركة فقد عطل الحظر حتى الآن مشاريع مشتركة لإنتاج الغاز الطبيعي وخطوط أنابيب لتصديره. في هذا الصدد قال مسؤول كبير بمشروع ملاحي مشترك تقوده إيران إن الشركة على وشك الانهيار بعد أن كافحت لإدارة عمليات ناقلات النفط وسفن الصب الجاف في أسطولها في مواجهة تشديد العقوبات الغربية. وتجري مفاوضات بين الشريكين وهما شركة الملاحة الهندية وشركة الخطوط الملاحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية حول كيفية تقسيم أسطول وأصول شركة الملاحة الإيرانية الهندية وما إذا كان هذا المشروع المشترك المستمر منذ نحو 40 عاما سيغلق أم لا. وتمنع العقوبات الغربية التي تهدف إلى الضغط على طهران لوقف برنامجها النووي المثير للجدل الشركات الأميركية والأوروبية من القيام بأعمال مع شركة الملاحة الإيرانية الهندية نظرا لروابطها مع شركة الخطوط الملاحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية الحكومية.