تباطؤ الاقتصاد العالمي يلقي بضغوطه على كاهل آسيا

خبراء: ضعف الطلب الخارجي أنهك قوى الدول المصدرة

الاقتصاد الياباني يشهد أسرع انكماش له منذ أبريل 2011 (رويترز)
TT

أظهرت 3 من الاقتصادات المصدرة الكبرى في آسيا - وهي اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان - بوادر تزايد في الضغوط التي تتعرض لها، في ظل تأثر الطلب العالمي سلبا بأزمة الديون السيادية الأوروبية وتباطؤ الاقتصاد الصيني وضعف النشاط في الولايات المتحدة.

وأشار تقرير خاص بمديري المشتريات إلى أن قطاع المصانع الياباني ينكمش بأسرع وتيرة له منذ الزلزال الهائل الذي وقع العام الماضي، كما تراجع الإنتاج الصناعي في كوريا الجنوبية بمعدل يفوق المتوقع بأربع مرات، وقامت تايوان بخصم نقطة مئوية كاملة من توقعاتها الرسمية للنمو الاقتصادي في عام 2012، وهو التخفيض السابع منذ شهر أغسطس (آب) الماضي.

تأتي هذه التقارير قبيل الإعلان عن اثنين من مؤشرات مديري المشتريات بالصين يوم الأربعاء، وهذه القراءات الضعيفة من الممكن أن تزعج صناع السياسات على مستوى العالم وتقودهم إلى اتخاذ إجراء جديد من أجل تعزيز النمو.

ويقول ياسو ياماموتو، وهو كبير الخبراء الاقتصاديين لدى معهد ميزوهو للأبحاث في طوكيو: «الطلب الخارجي ضعيف، وبالتالي فإن البلدان الآسيوية التي تركز على الصادرات سوف تواجه وقتا عصيبا. بنك اليابان قد يخفف السياسات المتبعة في شهر سبتمبر (أيلول)، نظرا لوجود قدر كبير من الغموض يحيط بآفاق الاقتصاد العالمي. وما دامت لا توجد أي مخاوف بشأن التضخم، فقد نرى البنوك المركزية في بلدان أخرى وهي تتخذ خطوات هي الأخرى».

ومن المقرر أن يقوم مجس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي باستعراض سياساته على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، كما ينوي البنك المركزي الأوروبي الإعلان عن تقديراته يوم الخميس.

وقد تراجع مؤشر مديري المبيعات «Markit / JMMA» الخاص بالمصنعين اليابانيين خلال شهر يوليو (تموز) إلى مستوى معدل موسميا بلغ 47,9، مقابل 49,9 في شهر يونيو (حزيران)، وكان هذا هو الشهر الثاني الذي ينخفض فيه المؤشر عن مستوى 50 نقطة، وهو الحد الذي يدل الانخفاض عنه على وجود انكماش اقتصادي.

ومما يثير قلقا أكبر أن قراءة شهر يوليو أظهرت أن القطاع، الذي يضم عملاق صناعة أجهزة الكاميرا «كانون» وشركة السيارات «نيسان موتور»، يشهد أسرع انكماش له منذ أبريل (نيسان) عام 2011، بعد شهر من الزلزال وموجة تسونامي اللذين دمرا مناطق شاسعة من سواحل شمال شرقي اليابان.

وذكر أليكس هاملتون، وهو خبير اقتصادي لدى شركة «ماركيت» البريطانية لخدمات المعلومات المالية، التي تتولى جمع هذه البيانات: «إنتاج المصانع والطلبيات الجديدة والصادرات، كلها انخفضت بأسرع معدل لها منذ شهر أبريل عام 2011، كما انخفض شراء المدخلات والطلبيات المتأخرة انخفاضا حادا. وهذه تطورات مثيرة للقلق، بالنظر إلى ضعف الطلب العالمي في الوقت الراهن».

كما تراجع المؤشر الخاص بطلبيات التصدير الجديدة، الذي يعد مؤشرا للنشاط المستقبلي، من 47,5 إلى 43,2، وهو أسرع انكماش لهذا المؤشر منذ الزلزال. وبعيدا عن ضعف الطلب العالمي فإن الشركات اليابانية تجاهد أيضا مع تصاعد قوة الين، مما يؤثر على الصادرات، فقد أعلنت شركة «نيسان» الأسبوع الماضي أن ارتفاع قيمة الين قلل من أرباحها التشغيلية الربعية بمقدار 25,7 مليار ين.

وهبط المؤشر الخاص بالإنتاج من 48,7 إلى 47,3، في انعكاس للأرقام الرسمية التي أعلنت يوم الاثنين الماضي وأظهرت تراجع الإنتاج الصناعي الياباني خلال شهر يونيو للشهر الثالث على التوالي.

وقد أعلنت كوريا الجنوبية، التي تعد منتجا رئيسيا للسيارات والشرائح الإلكترونية والشاشات المسطحة والهواتف الجوالة، يوم الثلاثاء تراجع الإنتاج الصناعي بها خلال شهر يونيو بنسبة معدلة موسميا بلغت 0,4 في المائة عن شهر مايو (أيار)، وهو أكبر من متوسط الانخفاض الذي كان متوقعا وهو 0,1 في المائة. ويتوقع المحللون أن تكشف البيانات، التي من المقرر الإعلان عنها يوم الأربعاء، عن تراجع صادرات البلاد خلال شهر يوليو مقارنة بالعام الماضي، مما يبرز الرأي القائل بأن حدوث تباطؤ اقتصادي في آسيا يكون أمرا محتوما حينما يهتز اقتصاد كل من الولايات المتحدة والصين.

وقامت تايوان يوم الثلاثاء بخفض توقعاتها لمعدل النمو السنوي في عام 2012 إلى نسبة أعلى بقليل من 2 في المائة، وهو ما قد يكون أبطأ معدل للنمو الاقتصادي منذ عام 2009. وجاء هذا التعديل لمعدلات النمو بعد أن أظهرت الأرقام الرسمية أن الاقتصاد المحلي شهد خلال الربع الثاني نموا طفيفا عن الربع الأول، إلا أنه انكمش على نحو غير متوقع عن العام الماضي.

وتلعب تايوان، التي تعد موطنا لشركات تكنولوجية عملاقة مثل «شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات»، دورا محوريا في سلسلة توفير الاحتياجات التكنولوجية العالمية، ومن ثم فإن بياناتها الاقتصادية تحظى باهتمام كبير.

وذكر أيدان وانغ، وهو خبير اقتصادي لدى شركة «يوانتا للأوراق المالية» (ومقرها في تايبيه)، أن تقرير إجمالي الناتج المحلي الخاص بالجزيرة أظهر أن الكثير من الشركات «قامت بتأجيل استثماراتها ونفقاتها بسبب ما يجري في أوروبا».

ومن المقرر أن يصدر عدد كبير من التقارير الخاصة بمديري المشتريات على مستوى العالم يوم الأربعاء، بما في ذلك بعض التقارير الخاصة بالهند وكوريا الجنوبية وتايوان. وسوف ينصب التركيز الأكبر في آسيا على التقارير الخاصة بالصين، التي أعلنت في أوائل شهر يوليو سادس تباطؤ ربعي لها على التوالي في معدل النمو الاقتصادي. كما أن البيانات الخاصة بمديري المبيعات وأرقام الصادرات الخاصة بكوريا الجنوبية سوف تمنح المستثمرين أول نظرة موسعة على شكل الاقتصاد الآسيوي في شهر يوليو.

وأكد بارك سانغ هيون، وهو كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة «إتش آي للاستثمار والأوراق المالية» في سيول: «إن الآفاق التجارية للعام المقبل لا تبدو وردية للغاية في هذه اللحظة. هناك فرصة كبيرة في أن يستمر بنك كوريا في خفض أسعار الفائدة خلال شهر أغسطس. إذا فعلوا هذا فسوف يكون هناك تخفيض آخر قبل نهاية العام».