بروكسل ترحب بالتزام أثينا بإصلاح الاقتصاد اليوناني

في حين تترقب الأسواق دعم اليورو

البطالة ترتفع والكآبة ترتسم على مواطني أثينا.. ويشاهد هنا مجموعة من العاطلين عن العمل في أحد مكاتب التوظيف (إ.ب.أ)
TT

الإعلان عن خطوات لدعم اليورو من جانب المصرف المركزي الأوروبي، عقب اجتماع لمجلس إدارة المصرف في فرانكفورت الخميس، أمر طبيعي من وجهة نظر كثير من المراقبين في بروكسل، عقب تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، الأسبوع الماضي، في لندن، حول بذل الجهود للحفاظ على اليورو. ومن بين هذه الخطوات خفض تكاليف الاقتراض لكل من إسبانيا وإيطاليا المثقلتين بالديون، لكن رئيس البنك المركزي الألماني ينس فايدمان (بوندسبنك) حذر من مواصلة البنك المركزي الأوروبي شراء سندات دول متأزمة في منطقة اليورو، مثل إيطاليا وإسبانيا، خاصة أن الخوف لا يزال طاغيا من حاجة إسبانيا إلى خطة إنقاذ شاملة، على خطى اليونان والبرتغال وآيرلندا، مع أن مدريد مستمرة في إنكار حاجتها لمثل هذا الإجراء، ورئيس الخدمات المصرفية الإسبانية ريتشارد ماجواير يقول: «الحقيقة أن البنك المركزي الأوروبي أوضح بنفسه أنه لن يتدخل في سوق السندات الأولية أو الثانوية، إلا في حال طلب الدولة المعنية التدخل للمحافظة على الاستقرار المالي أو على بيئة الإدارة السليمة، وحتى الآن إسبانيا لا تحتاج إلى مثل هذه الطلبات»، في حين صعدت الأسواق بقوة في الأيام القليلة الماضية بعد أن أشاعت تصريحات مسؤولين أوروبيين، من بينهم رئيس البنك المركزي الأوروبي التفاؤل بإعلان خطوات لدعم اليورو.

وفي الوقت نفسه، رحبت المفوضية الأوروبية ببروكسل، بإعلان أثينا التزامها بالإصلاح الهيكلي، وقال بيان صدر عن الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي إن الأولويات العشر التي أعلنت عنها الحكومة اليونانية، الخميس، دلالة واضحة على التزام أثينا بتحقيق الإصلاح الذي يحتاج إليه الاقتصاد اليوناني بشكل جيد، وهذا الأمر مصدر ترحيب بالنسبة للمؤسسات الأوروبية.

وأضاف البيان أن السعي لتحقيق الأولويات يعتبر مساهمة لتحقيق إصلاحات أوسع تلتزم بها اليونان في إطار مذكرة التفاهم التي تنص أيضا على تعزيز النمو والعمالة، على أن تأتي كل خطوات الإصلاح في إطار الاحترام الكامل للمعايير والقوانين الأوروبية، وتعهدت المفوضية الأوروبية بتقديم أي دعم أو مساعدة مطلوبة في هذا الصدد، بالتزامن مع ذلك، أكدت وكالة «ستاندرد أند بورز» التصنيف المميز للديون السيادية الألمانية «AAA»، وأبقت على توقعات مستقبلية مستقرة تجاهه.

وجددت «ستاندر أند بورز» تصنيف الديون السيادية الألمانية طويلة الأجل عند «AAA» وتصنيف الديون قصيرة الأجل عند «+A - 1».

وأوضحت أن توقعاتها حيال الديون طويلة الأجل لا تزال مستقرة. وأشارت وكالة التصنيف الائتماني إلى اعتقادها بأن الاقتصاد الألماني يتمتع بتعددية كبيرة وقدر تنافسية عال، علاوة على سياسة الميزانية الحكيمة للبلاد وانضباطها في الإنفاق.

وأكدت أن الاقتصاد الألماني أثبت قدرته على امتصاص الصدمات الاقتصادية والمالية الكبرى، كتوحيد ألمانيا الغربية والشرقية في تسعينات القرن الماضي، والأزمة المالية العالمية عام 2009.

وفي أثينا، أعطى زعماء الائتلاف الحاكم في اليونان، الضوء الأخضر لخفض الإنفاق العام بنحو 11 مليارا و500 مليون يورو، وهو ما يشترطه الدائنون الأوروبيون لإنقاذ البلاد من شبح الإفلاس.

وأشار رئيس الوزراء اليوناني أنطونيس ساماراس، إلى أن هذه التدابير يجب أن تطبق بين عامي 2013 و2014 وتشمل خفض الأجور والمعاشات والمزايا الاجتماعية. وزير المالية يانيس ستورناراس أكد على هذا المقترح مضيفا: «وافق الزعماء السياسيون على اقتراح رئيس الوزراء الذي يرى أنه يجب علينا قبول هذا الشرط، لضمان البقاء في منطقة اليورو، ومواصلة المفاوضات مع الدائنين».

ووافق الزعيم الاشتراكي إيفانجيلوس فينيزيلوس، بدوره على المقترح، مطالبا في الوقت ذاته، بأن تتم تخفيضات الإنفاق على مدى أربعة أعوام، وليس على مدى عامين فحسب. من جانبه، دعا رئيس حزب اليسار الديمقراطي، فوتيس كوفليس إلى التفكير جديا في الفئات الضعيفة التي ستتحمل أعباء التدابير التقشفية الجديدة. والاتفاق الذي توصل إليه الزعماء اليونانيون سيمكن بلادهم من الحصول على قسط جديد من المساعدات المالية الشهر المقبل، بقيمة 31 مليارا و500 مليون يورو، كجزء من خطة الإنقاذ الشاملة البالغة 130 مليار يورو. يذكر أن بعثة دائني اليونان، وهم الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، التقت رئيس الوزراء اليوناني أنتونيس ساماراس، في أثينا، قبل أسبوع، لبحث تدابير تقشف جديدة تشترطها «الترويكا»، مقابل دفعها قسطا جديدا من المساعدات المالية الدولية بقيمة 31 مليارا ونصف المليار يورو. وبعدها قال الناطق باسم الحكومة اليونانية سيموس كيديكوغلو: «لقد أحيط رئيس الوزراء علما من طرف ممثلي (الترويكا)، وسبق أن قال بعض الخبراء الاقتصاديين إن تلبية شروط (الترويكا) من طرف الحكومة ستكون أكثر من صعبة لمناهضة النقابات واليونانيين بشكل عام للتدابير التقشفية التي حوّلتهم إلى بؤساء، دون أن تنجح حتى الآن في حل الأزمة».