تحركات حكومية سعودية للقضاء على «التستر التجاري» والحد من انتشاره

بين كل من وزارتي «الاقتصاد» و«التجارة»

حالات التستر التجاري في السعودية باتت مصدر قلق للجهات الحكومية («الشرق الأوسط»)
TT

شهدت السعودية خلال الأيام الماضية تحركات حكومية واسعة نحو القضاء على معدلات التستر التجاري في البلاد، في ظل ارتفاع معدلات هذه الظاهرة التي اعتبرتها وزارة «الاقتصاد والتخطيط» أنها تقود إلى منافسة غير «عادلة» في مختلف الأنشطة التجارية.

ورفعت معدلات التستر التجاري في السوق السعودية، من حدة الخطابات التشاورية بين كل من وزارتي «الاقتصاد والتخطيط» من جهة ووزارة «التجارة والصناعية» في البلاد من جهة أخرى خلال الأيام الماضية، إذ ارتكزت هذه الخطابات على أهمية تقليل معدلات التستر التجاري والحد من انتشارها، جاء ذلك بحسب معلومات جديدة حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس.

واعتبرت وزارة الاقتصاد والتخطيط السعودية خلال مباحثاتها مع وزارة التجارة والصناعة في البلاد، التستر التجاري ظاهره مضرة بالاقتصاد الوطني، حيث أشارت إلى أنه يقود إلى منافسة غير عادلة، ولا يحقق للاقتصاد الوطني أي إضافات كانت.

وأمام هذه المستجدات، أبدت وزارة التجارة والصناعة سعيها نحو التقليل من معدلات التستر التجاري في السوق السعودية، وهو الأمر الذي سيجعل خط المباحثات بين الوزارتين خلال الأسابيع المقبلة في هذا الخصوص ساخنا جدا، نظرا لما يمثله الموضوع من أهمية كبرى لدى الاقتصاد الوطني.

وكان الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، قد شدد على أن بلاده تعمل على تنمية صادراتها غير البترولية خلال الفترة الحالية، وقال: «نحن نتحرك ولم نتوقف عند الاعتماد على البترول، والأرقام تدل على ذلك»، مبينا أن قطاع الأعمال السعودي يحظى بوجود نحو 800 ألف مؤسسة وشركة في القطاع الخاص، وقال في هذا الجانب: «ليس لدينا نقص في أعداد الشركات، ولكن لدينا نقص في حجم الإنتاج، البعض يريد الدولة أن تدعم شباب الأعمال كأن هؤلاء الشباب يعانون من الإعاقة، وهذا أمر غير صحيح».

وأوضح الجاسر عقب لقائه بشباب الأعمال في الغرفة التجارية والصناعية بالرياض، قبل نحو 4 أشهر، أن شباب الأعمال وقود التنمية الحقيقي في البلاد، مؤكدا أن التحول نحو اقتصاد المعرفة أصبح ضرورة لاقتصادات الدول التي تسعى إلى الحفاظ على مكانتها الاقتصادية.

وأكد أن هناك دراسات اقتصادية من خلالها يمكن التنبؤ بالأزمات الاقتصادية التي قد تحدث في العالم، مشيرا إلى أنه يتم الاستفادة من خلال هذه الدراسات بالبحث عن الحلول التي من الممكن مواجهة الأزمات الاقتصادية من خلالها.

وشدد على أهمية وضع الحلول اللازمة لوقف عمليات التستر التجاري في البلاد، مبينا أن التستر الأجنبي يقود إلى منافسة غير عادلة في نهاية الأمر في السوق النهائية.

ويعرف التستر التجاري بأنه يتعلق بتمكين الوافد من استثمار أو ممارسة نشاط تجاري لحسابه، أو بالاشتراك مع غيره محظور عليه ممارسته، أو لا يسمح له نظام استثمار رأس المال الأجنبي أو غيره من الأنظمة والتعليمات ممارسته، ويعتبر المواطن متسترا في حالة تمكين الوافد من استخدام اسمه أو ترخيصه أو السجل التجاري لممارسة النشاط التجاري.

وبحسب دراسات اقتصادية، يتسبب التستر التجاري بدرجة كبيرة في إفشال سياسات الاستقرار الاقتصادي في المملكة وتشويه المؤشرات اللازمة لوضع السياسات الاقتصادية اتلفة، والتي من أهمها مؤشرات الأسعار ومعدلات البطالة ومعدلات النمو الاقتصادي.

وأشارت الدراسات ذاتها إلى أن هناك تأثيرا سلبيا بالغا على فعالية السياسة النقدية في الاقتصاد، وقالت «زيادة الأنشطة اتلفة في إطار معاملات التستر التجاري يؤدي إلى زيادة الطلب على النقود ويصبح أحد الدوافع الأساسية للاحتفاظ بها، وهو ما سيؤثر بالتأكيد على فعالية السياسة النقدية».

ويقود التستر التجاري بحسب هذه الدراسات، إلى تحويل أغلب الأرباح الناجمة عن التستر تحول إلى خارج المملكة، إضافة إلى إضعاف الكفاءة الاقتصادية، والإخلال بتوزيع الموارد، موضحة أنه يتسبب أيضا في المنافسة غير المشروعة للمواطنين، ولا سيما أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وبحسب الدراسات ذاتها، يسهم التستر التجاري في نمو البطالة، لاقتصار التوظيف في مشاريع التستر على العمالة الأجنبية، إضافة إلى تزايد أعداد العمالة الوافدة، ومزاحمة المواطنين في أعمالهم بصورة غير مشروعة، واحتكار العمالة الوافدة لبعض الأنشطة التجارية.