استقالة عائلة شومان من البنك العربي بسبب خلافات في مجلس الإدارة

محافظ «المركزي الأردني»: لن تؤثر على سلامة ومتانة البنك

المبنى الرئيسي للبنك العربي في العاصمة الأردنية عمان
TT

استقال، أمس (الخميس)، رئيس مجلس إدارة البنك العربي عبد الحميد شومان، بالإضافة إلى ابنته وزوجته. وجاء في نص استقالة شومان: «تفاجأت وأصبت بخيبة أمل كبيرة حين تبين لي أن الأشخاص المناط بهم حماية مصالح البنك ومسؤولية المحافظة عليه، من خلال صلاحيات وسلطات منحت لهم لضمان ازدهاره، كانوا هم نفس الأشخاص الذين لم يعيروا هذا الأمر أي اهتمام».

وختم بالقول: «لا أستطيع الاستمرار بالبقاء كجزء من مجلس الإدارة الذي يدير ظهره لموظفي البنك فيما يتعلق بمواضيع قد يكون من شأنها الإضرار بالبنك، ولا أستطيع الإبقاء على أي رابط مع هذه المجموعة التي لا تقيم وزنا لمصلحة البنك والمصلحة العامة. لذلك، وبعد رحلة طويلة من النجاح معا، آسف أن أخبركم أنني قمت اليوم بتقديم استقالتي». وتراجع سهم البنك في سوق عمان المالي قبل إغلاق السوق بساعة بعد نبأ الاستقالة؛ من 7 دنانير إلى 6.68 دينار.

وتوقع مراقبون اقتصاديون أن عطلة عيد الفطر التي تستمر لغاية يوم الثلاثاء المقبل قد حمت الأسهم من التراجع وستكون فترة كافية لتسوية الخلاف بين المساهمين خلال عطلة العيد، وإذا ما ظل الوضع عليه فإن أسهم البنك قد تتراجع في بداية افتتاح السوق يوم الأربعاء المقبل.

وتعد المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الأردنية، و«سعودي أوجيه» و«أوجيه ميدل إيست هولدنغ» اللبنانية، وبنك المتوسط اللبناني وجميعها تعود ملكيتها لأسرة الحريري، ومؤسسة «عبد الحميد شومان»، أبرز المساهمين في البنك الذي يبلغ رأسماله 534 مليون دينار/ سهم. وفي أول رد فعل رسمي حكومي أكد محافظ البنك المركزي الأردني زياد فريز أن رئيس مجلس إدارة البنك العربي عبد الحميد شومان قدم استقالته من مجلس الإدارة، أمس (الخميس)، بسبب خلافات مع بعض أعضاء المجلس.

وأضاف فريز في بيان صحافي أن الخطوة الحالية لن تؤثر على أوضاع البنك الذي يعتبر من المؤسسات العربية والوطنية الرائدة، التي يقوم البنك المركزي الأردني بمتابعة أوضاعه بشكل دوري ضمن دوره الرقابي، ويؤكد في هذا الصدد على سلامة ومتانة الوضع المالي وسيولة البنك محليا وإقليما ودوليا.

وبموجب القانون، يتولى نائب رئيس مجلس الإدارة صبيح المصري مهام رئاسة المجلس، الذي يشمل في عضويته ممثلين عن مؤسسات وطنية وعربية إقليمية رائدة حيث عقد المصري اجتماعا طارئا، بعد ظهر أمس مع كبار مديري البنك لمناقشة التداعيات والأوضاع الداخلية للبنك بعد استقالة شومان وعائلته من مناصبهم الإدارية.

وفي تعليقه على الاستقالة قال المصري: «يؤسفنا أن نؤكد نبأ استقالة عبد الحميد شومان من مجلس إدارة البنك العربي، الذي جاء بناء على رغبته الشخصية. وإننا إذ نقدم خالص شكرنا وعظيم عرفاننا له على ما بذله من جهود عظيمة في إدارة البنك العربي على امتداد أكثر من 40 عاما، فإننا نؤكد على مضي المؤسسة في مسيرتها الناجحة محليا وإقليميا وعالميا مستندة إلى قيمها الراسخة ونهجها الاستراتيجي الرصين المبني على أسس العمل المؤسسي المهني والسياسات المالية الحصيفة. ويتمتع البنك العربي بهيكل إداري ومؤسسي متين تم بناؤه عبر السنين».

وتجدر الإشارة هنا إلى أن البيانات المالية لمجموعة البنك العربي للنصف الأول من عام 2012 أظهرت استمرارا في نمو الأرباح، حيث حقق البنك أرباحا صافية بعد الضرائب والمخصصات بمبلغ 360.3 مليون دولار مقارنة بـ327.2 مليون دولار في الفترة المقابلة لعام 2011 وبمعدل نمو مقداره 10 في المائة، على الرغم من الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية.

كما تجدر الإشارة هنا إلى أن وكالة التصنيف العالمية «فيتش»، أكدت في 25/ 7/ 2012 تقييمها للبنك العربي بدرجة A - مع مؤشر مستقر، ويأتي هذا تأكيدا لمتانة الوضع المالي للبنك العربي.

وتضاربت الآراء حول أسباب الاستقالة؛ فقد قالت مصادر مصرفية مطلعة إن ميزان القوى لم يعد لصالح عائلة شومان في البنك، خصوصا في ظل بناء تحالفات ومحاور بين صبيح المصري نائب رئيس مجلس الإدارة وعائلة الحريري، فقرر الجانبان بدهاء وذكاء الإطاحة بشومان وأبنائه معلنين تحرير البنك من شومان، حيث من المتوقع أن يتولى رئاسة مجلس الإدارة صبيح المصري المدعوم من عائلة الحريري وبعض اللوبيات الداعمة للمصري صبيح.

وأضافت المصادر أن سبب الأزمة العاصفة لمجلس إدارة البنك يعود إلى القرارات الفردية التي كان يتخذها شومان الحاصل على تفويض فردي بالتصرف واتخاذ القرارات، وهو قيام شومان بتعين محافظ البنك المركزي السابق فارس شرف ومساعد محافظ البنك المركزي السابق خلود السقاف ليكونا إلى جانبه في معركته الطاحنة، مما دفع الحلف الآخر والمحور الذي يتزعمه صبيح المصري لإخفاق هذا المشروع والتصدي له من خلال توفير الدعم اللوجيستي إلى المدير التنفيذي نعمة الصباغ، حيث وصلت عدة رسائل إلى شومان للتراجع من قراره والكف عن سياسة المشاغبة، إلا أنه «ركب رأسه»، واستمر في عناده حتى جاء قرار تنسيقي بالإطاحة به.

وبالفعل نجح محور صبيح المصري في التضييق على شومان حتى اضطر إلى تقديم استقالته هروبا من سياسة الحصار التي اتبعت بحقه. وعلمت الشرق الأوسط أن مكتب «أطلس»، التابع للبنك العربي، وحال وصول معلومات الاستقالة إلى الجميع قام ببيع عشرات الآلاف من أسهم البنك، مما أدى إلى تدمير السوق المالية، حيث هبط سهم البنك العربي 3.5 في المائة بعد ساعة من قرار الاستقالة.

من جانبها، قالت مصادر مصرفية أخرى إن سبب الخلاف يعود إلى رفض شومان تمويل مشروع «سرايا العقبة»، وإعطاء تسهيلات لمشروع «العبدلي» وسط عمان، بقرض قيمته 450 مليون دولار لاستكمال المشروع المتوقف، وهو إحدى شركات الحريري، حيث كانت وجهة نظر شومان أنه لا يستطيع الموافقة على قرض قيمته أكبر من رأسمال الشركة، البالغ 300 مليون دولار. وأشارت المصادر إلى أن استقالة شومان ستؤثر على سمعة البنك لدى المودعين، إذ إن عملاء البنك لديهم الثقة الكبيرة بعائلة شومان على مدى السنين، حيث بنيت هذه السمعة عندما حافظ البنك على ودائع العملاء في فلسطين عندما احتلت عام 1948، كما أنه حافظ على ودائع العملاء بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967. وتتوقع المصادر أن تبدأ العملاء بسحب ودائعها، خاصة رؤوس الأموال الفلسطينية.

من جانب آخر، قالت مصادر مطلعة إن تطبيق مبدأ الحاكمية الرشيدة على البنوك، ومنها البنك العربي، قبل ثلاث سنوات، بحيث يفصل منصب المدير التنفيذي عن منصب رئيس مجلس الإدارة حيث تقلصت صلاحيات شومان، وبدأت محاصرته منذ ذلك اللحظة.

من جانبه، قال رجل أعمال مطلع وعلى صلة بقيادات الوسط المصرفي إن البنك يشهد «ربيعا مصرفيا» على غرار الربيع السياسي من أجل التغيير والبحث عن الكفاءات ذات المهنية العالية على المستويين الإقليمي والدولي، في إشارة إلى حاجة البنك إلى قيادة نوعية من «البانكرز» على حد تعبير المصدر، منبها إلى أن مجلس الإدارة يبدو أنه «انتصر» إلى المدير التنفيذي نعمة الصباغ الذي يتقاضى راتبا عاليا جدا بالمعايير المحلية، ووجد نفسه مكبلا بقيود رئيس مجلس الإدارة وأفراد عائلة شومان من المسيطرين علي الإدارة التنفيذية، مما دفعه إلى تحفيز مجلس الإدارة إلى الانتفاض على القيادة المتحجرة، على حد تعبيره.

وأكد المصدر أن مجلس الإدارة انتظر طويلا من أجل أن يتطور العمل وينطلق البنك بقفزات تمكنه من التفوق كما كان، مما دفع بمجلس الإدارة إلى التعبير أكثر من مرة عن عدم رضاه عن طريقة الرئيس في تكبيل الإدارة التنفيذية العليا، مشيرا إلى نص رسالة الاستقالة التي وجهها شومان إلى أسرة البنك، وما تحويه من «تعبيرات».

وأكد المصدر نفسه أنه لا تبعات سياسية للاستقالة وقرارات المجلس، وأن الأمر فني تقني محض.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن 4 مديرين آخرين تقدموا باستقالتهم بالتزامن مع شومان وأفراد عائلته، ومن هؤلاء المديرين كل من مدير شؤون الأفراد ومدير الشؤون القانونية.

ويتكون مجلس إدارة البنك من 11 عضوا تنتخبهم الجمعية العمومية لمدة 4 سنوات، وهو منتحب حتى 26 مارس (آذار) 2014. ويشمل مجلس إدارة العربي كلا من شومان رئيسا وصبيح المصري نائبا للرئيس، وصالح بن سعد المهنا ممثلا لوزارة المالية من المملكة العربية السعودية، ونازك الحريري، وسمير فرحان قعوار، ورياض برهان طاهر كمال، ومحمد الحريري، وإبراهيم عز الدين كممثل لمؤسسة الضمان الاجتماعي، وخالد الإيراني ممثل مؤسسة «عبد الحميد شومان»، ووهبة عبد الله تماري عضو، ودينا شومان.