«بوينغ» للطائرات تعمل على تزويد المستقبل بالوقود الحيوي

1 % من وقود الطائرات المستخدم عالميا سيحتوي على مكونات حيوية بحلول 2015

الوقود الحيوي الذي يمكن استخدامه بديلا ثانويا للكيروسين لم يعد فقط متاحا بل بات مرغوبا فيه بصورة كبيرة (أ.ب)
TT

قبل 7 سنوات من الآن، كانت فكرة استخدام الوقود الحيوي في الطائرات التجارية والعسكرية تبدو خارج نطاق العلم الحديث. فعلى الرغم من أنه مناسب لتشغيل السيارات والشاحنات، فإنه لم تكن هناك آمال كبيرة معقودة على إمكانية تلبية الوقود الحيوي استخدامات الطائرات التجارية والمحركات النفاثة عالية الأداء.

ولكن في عام 2006، أصبح القائمون على تطوير منتجات شركة «بوينغ» الأميركية على دراية تامة بالأبحاث التي تعترض على فكرة عدم قدرة الوقود الحيوي على أن يكون منافسا لوقود الطائرات التقليدي القائم على الكيروسين، من حيث محتوى الطاقة والأداء الفني ومتطلبات البنية التحتية والتكلفة. قام هؤلاء الخبراء بالتواصل مع آخرين في الصناعة لتحديد ما إذا كان الوقود الحيوي بإمكانه المساعدة في مواجهة التحديات البيئية التي يواجهها قطاع الطيران التجاري أم لا، حيث آتت هذه الجهود أكلها في نهاية المطاف.

قال بلي جلوفر، نائب رئيس قسم سياسات البيئة والطيران في وحدة «بوينغ» للطائرات التجارية: «لقد كان هذا الأمر حلما منذ خمس سنوات، وها هو الآن قد أصبح حقيقة». فالوقود الحيوي الذي يمكن استخدامه بديلا «ثانويا» للكيروسين «لم يعد فقط متاحا، بل بات مرغوبا فيه بصورة كبيرة، ولكن الخطوة التالية، تكمن في جعله مجديا من الناحية التجارية».

لقد تم تحقيق قدر كبير من النجاح نحو تحقيق هذه الهدف، فعلى سبيل المثال، دخلت شركة «الاتحاد للطيران»، التي يقع مقرها في أبوظبي، التاريخ في شهر يناير (كانون الثاني) عام 2012 عندما قامت بتسيير أحدث طائراتها من طراز «بوينغ 777-300ER » من سياتل إلى أبوظبي باستخدام الوقود الحيوي المستدام، في أول رحلة من نوعها في الشرق الأوسط.

يقول جلوفر إنه على الرغم من النجاح الذي تحقق حتى الآن، فإنه لا يزال طريق تطوير الوقود طويلا، مضيفا: «لقد حددنا لأنفسنا هدفا وهو أن يحتوي 1 في المائة من وقود الطائرات المستخدم حول العالم على بعض مكونات الوقود الحيوي بحلول عام 2015. نحن نرى أن نسبة الـ1 في المائة هي الأصعب في طريقنا، ولكن بعد أن نتمكن من تحقيقها، سوف يتحسن منحنى التعلم ويصبح من السهل بالنسبة لنا الوصول إلى نسبة 5 في المائة ثم 10 في المائة، ثم الوصول إلى كميات تجارية كبيرة».

يقول نيد فيرغسون، مدير قسم البيئة في وحدة العمليات الحكومية التابعة لشركة «بوينغ» للطائرات إن أحد الأمور التنظيمية البارزة تمثل في موافقة «الجمعية الأميركية الدولية للاختبار والمواد» (ASTM International) في شهر يوليو (تموز) عام 2011 على استخدام ما يصل إلى 50 في المائة من خليط وقود الطائرات المتجدد المائي المجهز (الذي تمت معالجته باستخدام الهيدروجين) مع الكيروسين التقليدي في الطائرات النفاثة. أيدت «إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية» القرار الذي اتخذته «الجمعية الأميركية الدولية للاختبار والمواد»، وهي منظمة معترف بها عالميا في مجال المعايير الفنية. وكانت «الجمعية الأميركية الدولية للاختبار والمواد» قد وافقت من قبل على استخدام الوقود الذي يتم إنتاجه باستخدام عملية «فيشر - تروبش»، التي تقوم بإنتاج الهيدروكربونات من خلال تحويل مجموعة متنوعة من المواد، مثل الكتل الحيوية والفحم، إلى غاز.

تعني الموافقة على هاتين العمليتين أن الوسائل قد أصبحت متوافرة للمرة الأولى لإنتاج كميات كبيرة من الوقود الحيوي المستخدم في الطائرات والمصنوع من المواد النباتية والحيوانية، وأن الطائرات أصبح بإمكانها الطيران باستخدام أنواع من الوقود من مصادر أخرى غير النفط الخام. ولكن جلوفر يؤكد أن هذه مجرد البداية فقط.

تعمل شركة «بوينغ» مع بعض شركائها على استصدار موافقة للقيام بعمليات أخرى من الوقود الحيوي. يقول فيرغسون: «يتمثل التحدي الرئيسي بالنسبة لنا الآن في جعل استخدام الوقود الحيوي أمرا اقتصاديا. نحن بحاجة إلى الوصول إلى نقطة ما حيث تستطيع هذه الأنواع من الوقود الوقوف على قدمي المساواة والمنافسة مع النفط».

وبالإضافة إلى ذلك، قامت «وكالة حماية البيئة» الأميركية بوضع عدد من الاشتراطات البيئية الطموحة للوقود الحيوي. ولكي يتمكن من الالتزام بمعيار الوقود المتجدد، ينبغي للوقود الحيوي المتطور أن يقوم بتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50 في المائة مقارنة بالوقود الحالي.

يقول دارين مورغان، مدير قسم وقود الطائرات المستدام في وحدة الطائرات التجارية بشركة «بوينغ»، إن الشركة تركز جهودها على تطوير وقود طائرات «مستدام» لا يتنافس مع موارد الغذاء والماء والاستخدامات الزراعية. ويضيف مورغان أن «مجموعة مستخدمي وقود الطيران المستدام»، التي تعد «بوينغ» عضوا مؤسسا فيها، تقوم بتحديد بعض الشروط الواضحة التي تمكن الوقود الحيوي من أن يصبح مستداما.

فعلى سبيل المثال، ينبغي أن تكون مواد الكتلة الحيوية التي تستخدم لإنتاج الوقود الحيوي مواد مثل الطحالب أو نباتات الجاتروفا والكاميلينا، حيث إنها لا تدخل ضمن سلاسل الإمدادات الغذائية. ينبغي أن يتسبب الوقود الحيوي، خلال دورة حياته الكاملة، في إنتاج كمية أقل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مقارنة بوقود الطائرات النفاثة التقليدي.

وتهدف معظم العمليات الرامية إلى تطوير الوقود الحيوي عبر العالم اليوم إلى الاستفادة من النباتات التي يمكن زراعتها محليا. ففي منطقة الشرق الأوسط، تعمل شركة «بوينغ» مع «معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا» وشركة «الاتحاد للطيران»، وشركة «يو أو بي» التابعة لـ«هانيويل»، على تأسيس «مشروع أبحاث الوقود الحيوي المستدام» (SBRP). يعتمد المشروع على الأنظمة الزراعية المتكاملة باستخدام المياه المالحة لدعم تطوير وتسويق مصادر الوقود الحيوي الزراعية، مثل النباتات الملحية، لقطاع الطيران وغيرها من الاستخدامات.

وفضلا عن الفوائد البيئية للوقود الحيوي، فقد يؤدي إنتاج الوقود الحيوي إلى دفع عجلة التنمية الاقتصادية في البلدان أو المناطق التي لديها مساحات واسعة من الأراضي وكميات كبيرة من المياه التي لا تتناسب أو لم يتم تطويرها لإنتاج المواد الغذائية على نطاق واسع، ولكنها تكون مناسبة لإنتاج الكتل الحيوية التي لا تصلح للأكل. وفي الوقت الراهن، يبدو أن معظم أنواع الوقود الحيوي سوف تستخدم بوصفها مكملا للوقود الأحفوري في المناطق التي تزرع فيها.

تقوم برامج الأبحاث التي تتم في شتى أنحاء العالم باستكشاف عمليات متعددة ومصادر مختلفة للكتل الحيوية لإنتاج وقود حيوي مستدام للطائرات، حيث كانت «بوينغ»، وسوف تظل، تلعب دورا رئيسيا في تحقيق هذا الهدف.