ألمانيا تدعو إلى مزيد من التعاون ورابطة الشمال في إيطاليا تريد الاستفتاء على اليورو

فائض تجاري في منطقة اليورو وترقب لقرارات المركزي الأوروبي

منطقة اليورو وعملتها الموحدة على المحك
TT

قال معهد الإحصاء الأوروبي، إن منطقة اليورو حققت فائضا تجاريا، في وقت تترقب فيه كل الدول الأعضاء في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، ما سوف يصدر من قرارات مطلع الشهر المقبل من المصرف المركزي الأوروبي، فيما أبدت برلين عاصمة أقوى الاقتصاديات الأوروبية تأييدها لتحقيق المزيد من التعاون الأوروبي للخروج من الأزمة التي تعاني منها المنطقة والتي عرفت باسم أزمة الديون السيادية وبدأت من اليونان وانتقلت إلى آيرلندا والبرتغال وهناك مخاوف من انتقالها إلى إسبانيا وإيطاليا وقبرص والمجر، وتزامن الإعلان عن الدعوة إلى مزيد من التعاون الأوروبي مع الإعلان في روما عن نية حزب رابطة الشمال تقديم مشروع حول استفتاء شعبي على اليورو العملة الأوروبية الموحدة مما قد يزيد من الضغوط التي تواجهها المنطقة في ظل تردي الأوضاع المالية والاقتصادية لعدد من الدول الأعضاء. ففي برلين أعربت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن تأييدها لتحقيق مزيد من التعاون الأوروبي المالي للخروج من الأزمة. وقالت: «ما قاله رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي هو ما كررناه مرارا منذ بدء الأزمة الاقتصادية في اليونان منذ أكثر من عامين. نحن ملتزمون باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية منطقة اليورو». دراغي، الذي لمح بأن البنك المركزي الأوروبي قد يشتري سندات للدين من الدول الأوروبية المتأزمة، تعرض لنقد واسع في ألمانيا التي بدأت تشهد تباطؤا في النمو الاقتصادي نتيجة الأزمة الاقتصادية في المنطقة. وفي السادس من سبتمبر (أيلول) المقبل، سيعلن دراغي كيفية تحرك المصرف المركزي لمعالجة أزمة الديون الأوروبية والأسواق ستكون في حالة ترقب للقرار الذي سيتخذه. ومن جانبها تتابع المفوضية الأوروبية ببروكسل عن كثب وضع تمويل اليونان التي حصلت على برنامجي إنقاذ، وأنها تجري اتصالات وثيقة مع الشركاء الأوروبيين لضمان سير كل الأمور بشكل طيب. وثمة بعض المخاوف بشأن القدرة المالية لليونان على المدى القصير، نظرا لأن أثينا لن تحصل على الدفعة الأولى من برنامج الإنقاذ الثاني المخصص لها قبل سبتمبر ، تزامنا مع تقديم تقرير «الترويكا» - المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي - بشأن سير الإصلاحات التي تجريها حكومة اليونان. وقد أعلنت حكومة اليونان أنها ستواجه هذه المشكلة عبر زيادة إصداراتها من أذون الخزانة قصيرة الأجل.

وفي بروكسل أيضا، أظهر تقرير لمكتب الإحصائيات الأوروبية (يوروستات) أن منطقة اليورو (17 دولة) حققت في شهر يونيو (حزيران) فائضا تجاريا مع باقي أنحاء العالم قدره 14,9 مليار يورو وأشار التقرير إلى أن هذا الفائض يحقق ارتفاعا هاما مقارنة بما كان عليه الحال من نفس الشهر من العام الماضي، حيث لم يسجل الفائض التجاري لمنطقة اليورو حينها إلا 0,2 مليار يورو أما مجمل دول الاتحاد، حسب تقرير يوروستات، فقد سجلت فائضا تجاريا قدره 0,5 مليار يورو في شهر يونيو من العام الحالي ولاحظ التقرير أن صادرات الاتحاد الأوروبي نحو باقي دول العالم قد سجلت ارتفاعا هاما اعتبارا من منتصف شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، حيث «حققت الصادرات الأوروبية نحو روسيا زيادة قدرها 18% وكوريا الجنوبية بمقدار 16%، أما نحو البرازيل فقد ازدادت الصادرات الأوروبية بمعدل 15% ونحو اليابان بمعدل 14%»، وفق التقرير الذي بنى المقارنات على بيانات العام المنصرم أما بالنسبة للواردات، فأشار تقرير يوروستات إلى أن واردات الاتحاد الأوروبي بكامل دوله الـ27 قد ارتفعت على مدى العام الحالي بمقدار 12% بالنسبة للبضائع المقبلة من النرويج و9% للمستوردات المقبلة من الولايات المتحدة الأميركية.

وأفاد التقرير بانخفاض معدل المستوردات الأوروبية من الهند ومن اليابان بنسب متفاوتة.

من جهة أخرى دعا أمين عام حزب رابطة الشمال في إيطاليا إلى استفتاء شعبي على العملة الأوروبية الموحدة، مطالبا باتحاد أوروبي جديد يرتكز على أقاليم وشعوب القارة العجوز عوضا عن المنظومة الأوروبية الموحدة بصورتها الحالية.

وكتب روبرتو ماروني، زعيم الحزب الإيطالي المعروف بميوله الانفصالية، في مقال نشره في صفحته الشخصية على موقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي «إن رابطة الشمال تدرس مقترح مشروع قانون لاستفتاء شعبي حول أوروبا (الاتحاد الأوروبي) واليورو». وأضاف «فأوروبا كهذه التي تحت قبضة المصرفيين هي أوروبا خطرة»، كما أن «الدول الأوروبية بمؤسساتها الوطنية التي عفا عليها الزمن لا تدري كيفية تجاوز الأزمة الاقتصادية الراهنة» بدول منطقة اليورو وقال ماروني، وزير الداخلية في حكومة سلفيو برلسكوني السابقة، «آن أوان التحركات الجريئة لفتح المسار أمام أوروبا جديدة، أوروبا الأقاليم والشعوب والحرية والديمقراطية الحقيقية»، معلنا عن أنه سيعمل في الخريف المقبل على «تكوين توافق أوروبي واسع يجمع القوى الحزبية الرافضة للتكتل الأوروبي الموحد» بهيئته الراهنة، ومن جهته أقر رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي بالصعوبات التي تواجهها حكومته في مجال مكافحة التهرب الضريبي وقال مونتي في مقابلة صحافية «أعتقد أن إيطاليا هي في وضع صعب، وذلك بوجه خاص بسبب هذه الظاهرة، إذ إننا في هذا السياق في حالة حرب» حسب تعبيره وأوضح رئيس الوزراء الإيطالي أن هذا التوصيف للظاهرة «يبرر استخدام وسائل قوية» على حد قوله واعتبر مونتي أن «التهرب من الضرائب من شأنه أن يتمخض عنه كم كبير من الضرر لصورة البلاد في الخارج» وعلى المستوى القضائي، كشف عن «الكثير من القوانين الجديدة الرامية للاستجابة لحالات الطوارئ، ليس فقط فيما يتعلق بوضع السجون ولكن أيضا بطء المحاكمات، التي كما أكد المصرف المركزي، لها تأثير سلبي على نمو بلادنا على صعيد الناتج المحلي الإجمالي»، وإيطاليا شهدت أبطأ نمو اقتصادي في منطقة اليورو منذ أكثر من عقد واحد، اقتصادها يقترب من الركود بينما يتصاعد حجم ديونها. ارتفاع الفوائد التي لا تقدر على تسديدها يضعها في مواجهة أزمة ديون صعبة. مما جعل البعض من المراقبين يطرح سؤالا، هل ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو قادر على معالجة هذه المشكلات؟ وبالتزامن مع ذلك فإن قضية غلق مصنع الصلب - ألفا - في مدينة تارانتو الإيطالية أصبحت تلقي بضلالها على الحياة السياسية في البلاد. وزير التنمية الاقتصادية ووزير البيئة إضافة إلى وزير العدل أدوا زيارة إلى المنطقة الصناعية لإيجاد حل، بعد أن تصاعد الجدل بين مؤيد لغلق المصنع نظرا لما يسببه من أضرار بيئية ومشكلات صحية وبين رافض لذلك فالصحة والعمل يمكن توفيرهما معا. حكم قضائي صدر الأسبوع الماضي يقضي بتوقيف نشاط المصنع إلى غاية إزالة التلوث، وهو ما يهدد مصير اثني عشر ألف عامل. النقابات العمالية وجدت نفسها في حيرة بين الدفاع عن حقوق العمال والمضار البيئية التي يسببها المصنع. عمال المصنع وعائلاتهم تظاهروا بدورهم، تنديدا بقرار الغلق الذي يهدد مصدر رزقهم الوحيد وسط أزمة اقتصادية خانقة في إيطاليا أنه من أكبر مصانع الحديد والصلب في إيطاليا. اليوم هو مسار جدل بين المسؤولين من جهة وأنصار البيئة والمدافعين عنها. هذا المصنع ينتج بين تسعة وثمانية وعشرين مليون طن من الحديد الإيطالي ويوظف أكثر من عشرة الآلاف شخص. فالموظفون غاضبون من قرار إغلاقه، بالنسبة إليهم، الإغلاق سيتسبب بكارثة للاقتصاد الوطني، إنه التحدي الأكبر لـ«ألفا». فهؤلاء يفضلون الموت بالأمراض الناجمة عن التلوث بدلا من الموت جوعا. اثنا عشر ألف موظف مهددون صحيا بالإضافة إلى السكان الذين يقتنون إلى جانب المصنع.

وفي مدريد جرى الإعلان عن أن حجم الديون التي لا تقدر إسبانيا على تسديدها، أو ما يعرف بالديون السيئة، سجل ارتفاعا قياسيا في شهر يونيو الماضي وصل إلى 9.42 في المائة نتيجة ركود سوق العقارات ما أدى إلى تراجع قيمة الأصول المرتبطة به. حجم الديون السيئة مهدد بالارتفاع في حال فشلت خطة الإنعاش الاقتصادية في توفير الأموال اللازمة. وجاء ذلك بعد أن أعرب وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله عن ثقته في صلابة الاقتصاد الإسباني و«العزيمة الكبيرة» التي أبدتها حكومة ماريانو راخوي في مواجهة الأزمة. وقال فيسترفيله لصحيفة «بيلد آم سونتاج» ردا على سؤال حول الفترة التي يمكن أن تستمر فيها إسبانيا في الصمود من دون اللجوء إلى صندوق الإنقاذ، إن «حكومة الرئيس راخوي تظهر عزيمة كبيرة في مسيرة إصلاحاتها. لذلك أنا متفائل فيما يتعلق بإسبانيا». ورفض وزير الخارجية «الدخول في تكهنات» حول ما إذا كانت إسبانيا ستطلب برنامج إنقاذ مالي، مشددا على أنها «دولة قوية للغاية» و«اقتصادها صلب». من ناحية أخرى، شدد الوزير الألماني على ضرورة وفاء اليونان بالتزاماتها لأن الحصول على المساعدات الدولية يتوقف عليها، داعيا إياها لأن تأخذ هذه الالتزامات «على محمل الجد»، محذرا من أنه لن يتم السماح بـ«الخروج عن المسار» المتفق عليه.

وعلى جانب آخر، أشار فيسترفيله إلى أن قرار شراء ديون منطقة اليورو بشكل واسع يخص البنك المركزي الأوروبي مؤكدا على استقلالية هذه المؤسسة في اتخاذ القرارات التي تتعلق باستقرار العملة الموحدة.