صيانة المنشآت النفطية الخليجية تقتص 10 مليارات دولار من موازنة العام المقبل

في خطوة من شأنها رفع وتسريع عملية الإنتاج

متوسط سعر برميل النفط المتوقع خلال الربع الأخير من العام الحالي 100 دولار («الشرق الأوسط»)
TT

تعتزم دول الخليج تخصيص نحو 37.5 مليار ريال (10 مليارات دولار) لصيانة منشآتها النفطية خلال العام المقبل، وهو الأمر الذي يعني أن ملف صيانة المنشآت النفطية سيكون ضمن الملفات التي تعتزم دول الخليج رفع حجم مخصصاتها المالية خلال الموازنة المالية للعام المقبل.

وذكرت مصادر مطلعة ذات صلة بالشأن الخليجي، أن ملف تطوير وصيانة المنشآت النفطية لدى دول المنطقة بدأ ينضج، وقالت هذه المصادر «من المتوقع أن تصل دول الخليج خلال السنوات الخمس المقبلة إلى مرحلة متقدمة في عملية التنقيب عن البترول وتطوير المنشآت النفطية، وهو الأمر الذي من المتوقع أن يدفع بالاقتصاد الخليجي إلى مزيد من النمو».

وأمام هذه المستجدات، توقع خبير اقتصادي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط خلال الربع الأخير من العام الحالي 100 دولار، مؤكدا أن هذا السعر من شأنه أن يعزز من فوائض ميزانيات دول الخليج بنسبة أعلى مما كانت عليه التقديرات في العام الماضي.

وتأتي هذه التطورات في قطاع النفط الخليجي، في وقت تعيش فيه المنطقة أوضاعا سياسية مضطربة نتيجة للمشهد السوري المتطور، وهو الأمر الذي يعني أن أسعار البترول قد تشهد مزيدا من التقلبات خلال الأسابيع المقبلة، نتيجة للتهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق «هرمز».

من جهة أخرى، أوضح فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن إنفاق دول الخليج نحو 10 مليارات دولار على صيانة منشآتها النفطية خلال العام المقبل هو قرار يهدف إلى زيادة معدلات الإنتاج، وقال: «دول المنطقة تسعى إلى تحقيق التوازن في سوق النفط العالمية، من خلال الإيفاء بمستويات الطلب». وأضاف العقاب في هذا السياق: «أتوقع أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط خلال الربع الأخير من العام الحالي نحو 100 دولار»، مؤكدا أن هذا السعر من شأنه أن يعزز من فوائض ميزانيات دول الخليج بنسبة أعلى مما كانت عليه التقديرات في العام الماضي.

وأشار العقاب إلى أن ملف صيانة وتطوير المنشآت النفطية بات يشكل هما كبيرا لدول المنطقة، موضحا أن رفع حجم الإنفاق على صيانة المنشآت النفطية الخليجية خلال الأعوام القليلة المقبلة أمر وارد جدا.

وكانت دول الخليج قد حددت 3 ملفات رئيسية من المزمع أن تزيد نسبة الإنفاق الحكومي عليها في موازنة العام المالي المقبل، بهدف مواصلة النمو الاقتصادي في دول المنطقة وتحقيق أعلى معدلات الرفاهية لمواطنيها.

وبحسب معلومات جديدة حصلت عليها «الشرق الأوسط» قبل نحو أسبوعين، تركزت هذه الملفات الثلاثة في الإنفاق على المشاريع السكنية الخاصة بالمواطنين، والرعاية الصحية كملف ثان، بينما يرتكز الملف الثالث على تطوير المنشآت النفطية لدول المنطقة.

وأمام هذه الملفات الثلاثة التي من المزمع أن يعتمد عليها الإنفاق الحكومي الخليجي، استبعد خبراء اقتصاديون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» حينها، أن تقلل دول الخليج من معدلات الإنفاق الحكومي خلال العام المقبل بسبب الأوضاع السياسية في المنطقة.

وذكر هؤلاء أن دول الخليج تعتمد في تنميتها المتزايدة على معدلات الإنفاق الحكومي، مشيرين إلى أن الملفات الثلاثة التي من المزمع أن تعتمد عليها في موازنتها للعام المالي المقبل (المشاريع السكنية، والرعاية الصحية، وتطوير المنشآت النفطية)، تعد من الملفات المرشحة بقوة للحصول على إنفاق أكبر من قبل الحكومات الخليجية.

وقالوا: «أمام القطاع الخاص دور كبير جدا في المساهمة مع الحكومات الخليجية في ما يخص تعزيز معدلات النمو الاقتصادي، فإنه ليس من الطبيعي أن يكون كامل الاعتماد على الإنفاق الحكومي فقط»، مشيرين إلى أن الملفات الثلاثة التي سيتم الاهتمام بها للعام المالي المقبل مرتبطة بشكل كامل مع القطاع الخاص.

وفي هذا الاتجاه، قال فضل البوعينين، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن يواكب الإنفاق الحكومي الخليجي الكبير كفاءة في التنفيذ من قبل القطاع الخاص، لذلك يعتبر القطاع الخاص أداة مهمة في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي إذا ما قام بدوره بالشكل المطلوب».

وأضاف البوعينين: «دول الخليج بحاجة إلى ضبط السياسة المالية، وضبط حجم الإنفاق، تفاديا لزيادة معدلات التضخم، لذلك من الأهمية أن يركز الإنفاق على المجالات التي لا تقود إلى زيادة في معدلات التضخم بشكل مباشر أو غير مباشر»، مشيرا إلى أن الإنفاق الحكومي الكبير على مشاريع الإنشاءات قاد إلى تعثرها في معظم دول الخليج.

وأشار البوعينين خلال حديثه إلى أن هنالك مشاريع إنشائية تفوق قدرة الشركات مما يقود إلى تعثرها، وقال: «جدولة المشاريع وتقديم الأهم على المهم يساعد دول الخليج على تنظيم معدلات إنفاقها».

وقلل البوعينين من أثر الأوضاع السياسية في المنطقة على الإنفاق الحكومي الخليجي للعام المقبل، إلا إنه استدرك قائلا: «طالما أن دول الخليج تعتمد على النفط كمصدر دخل أساسي لها، فمن الطبيعي أن تتأثر هذه الإيرادات بالأوضاع العالمية، ومن الطبيعي أن تتراجع إذا ما تعرضت صادرات النفط الخليجية لما يعرقل من سيرها».