مدريد تستبعد حاجتها لأموال عاجلة من حزمة إنقاذ القطاع المصرفي

في حين تستعد فنلندا لانهيار محتمل لمنطقة اليورو

مصرف «بانكيا» الإسباني الذي شارف على الانهيار لولا تدخل الحكومة بمساعدة أوروبية مؤخرا (إ.ب.أ)
TT

استبعد وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جيندوس طلب ضخ مبلغ عاجل الآن من حزمة إنقاذ القطاع المصرفي. وستحصل إسبانيا على مساعدات بقيمة 100 مليار يورو لإصلاح القطاع المصرفي، وتم الاتفاق على أن تكون قيمة الجزء الأول من الحزمة 30 مليار يورو يتم صرفها بصورة طارئة إذا ما استدعت الحاجة لمساعدة البنوك التي تعاني من مشكلات، باستقرار العملة الموحدة.

من جانبها، أكدت فنلندا على لسان وزير خارجيتها إيريك تيوميوجا أنها تستعد للانهيار المحتمل لمنطقة اليورو، وقد دعت الزعماء الأوروبيين إلى اتخاذ الاحتياطات نفسها. تيوميوجا وصف الوضع في منطقة اليورو بالمأساوي، محذرا من عجز محتمل في ظل عدم قدرة بعض الدول المستدينة، كإسبانيا واليونان، على الوفاء بالتزاماتها. تيوميوجا دعا إلى إيجاد صيغة قانونية لإخراج هذه الدول من منطقة اليورو. وفنلندا من بين الدول القليلة في المنطقة التي ما زالت تشهد نموا اقتصاديا، ولكن في الوقت نفسه نرى أن النمو الاقتصادي في منطقة اليورو سجل تراجعا في الربع المالي الثاني بمعدل 0.2 في المائة. وبعض المحللين الاقتصاديين يتوقعون دخول المنطقة في انكماش اقتصادي في الوقت الذي تسجل فيه معظم الدول الأوروبية عجزا في ناتجها القومي المحلي. أما ألمانيا، فيتوقع أن لا تبقى قادرة على إنقاذ المنطقة بينما تشهد تباطؤا في نموها الاقتصادي وتراجعا في حجم تبادلاتها التجارية.

في مدريد، استبعد وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي جيندوس، طلب ضخ مبلغ عاجل الآن من حزمة إنقاذ القطاع المصرفي. وستحصل إسبانيا على مساعدات بقيمة 100 مليار يورو لإصلاح القطاع المصرفي، وتم الاتفاق على أن تكون قيمة الجزء الأول من الحزمة 30 مليار يورو يتم صرفها بصورة طارئة إذا ما استدعت الحاجة لمساعدة البنوك التي تعاني من مشكلات. وقال دي جيندوس: «البنك المركزي الإسباني يقيم الظروف والأوضاع». وأضاف المسؤول الإسباني: «هذا المبلغ موجود ومتاح إذن، وسيصرف إذا ما كانت هناك هيئة مالية لديها احتياجات خاصة قبل نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل». وأكمل دي جيندوس: «إذا ما طرأ وضع استثنائي، يمكن حينها اللجوء لصرف الـ30 مليار يورو، أما إذا لم يحدث هذا الأمر، فسيتم الانتظار لنوفمبر المقبل للحصول على الحزمة كاملة». وتمر إسبانيا بأزمة اقتصادية حادة، لا سيما بعد أن دخل اقتصاد البلاد في حالة ركود، فيما وصلت معدلات البطالة لذروتها مسجلة 24.63% خلال الربع الثاني من العام الحالي. وفي مدريد أيضا، جرى الإعلان عن أن حجم الديون التي لا تقدر إسبانيا على تسديدها، أو ما يعرف بـ«الديون السيئة»، سجل ارتفاعا قياسيا في شهر يونيو (حزيران) الماضي وصل إلى 9.42 في المائة نتيجة ركود سوق العقارات، مما أدى إلى تراجع قيمة الأصول المرتبطة به. حجم الديون السيئة يهدد بالارتفاع في حال فشلت خطة الإنعاش الاقتصادي في توفير الأموال اللازمة.

جاء ذلك بعد أن أعرب وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، عن ثقته في صلابة الاقتصاد الإسباني و«العزيمة الكبيرة» التي أبدتها حكومة ماريانو راخوي في مواجهة الأزمة. وقال فيسترفيله لصحيفة «بيلد آم زونتاغ» ردا على سؤال حول الفترة التي يمكن أن تستمر فيها إسبانيا في الصمود من دون اللجوء إلى صندوق الإنقاذ، إن «حكومة الرئيس راخوي تظهر عزيمة كبيرة في مسيرة إصلاحاتها. لذلك أنا متفائل في ما يتعلق بإسبانيا». ورفض وزير الخارجية «الدخول في تكهنات» حول ما إذا كانت إسبانيا ستطلب برنامج إنقاذ مالي، مشددا على أنها «دولة قوية للغاية» و«اقتصادها صلب».

من ناحية أخرى، شدد الوزير الألماني على ضرورة وفاء اليونان بالتزاماتها لأن الحصول على المساعدات الدولية يتوقف عليها، داعيا إياها لأن تأخذ هذه الالتزامات «على محمل الجد»، محذرا من أنه لن يتم السماح بـ«الخروج عن المسار» المتفق عليه.

وعلى جانب آخر، أشار فيسترفيله إلى أن قرار شراء ديون منطقة اليورو بشكل واسع يخص البنك المركزي الأوروبي، مؤكدا على استقلالية هذه المؤسسة في اتخاذ القرارات التي تتعلق باستقرار العملة الموحدة.

يأتي ذلك، فيما أكدت فنلندا على لسان وزير خارجيتها إيريك تيوميوجا أنها تستعد للانهيار المحتمل لمنطقة اليورو، وقد دعت الزعماء الأوروبيين إلى اتخاذ الاحتياطات نفسها. تيوميوجا وصف الوضع في منطقة اليورو بالمأساوي، محذرا من عجز محتمل في ظل عدم قدرة بعض الدول المستدينة، كإسبانيا واليونان على الوفاء بالتزاماتها. تيوميوجا دعا إلى إيجاد صيغة قانونية لإخراج هذه الدول من منطقة اليورو. وفنلندا هي من بين الدول القليلة في المنطقة التي ما زالت تشهد نموا اقتصاديا، لكنها قد تستخدم الفيتو ضد إقراض الدول المتأزمة، فنموها الاقتصادي بدأ يتباطأ متأثرا بأزمة الديون في منطقة اليورو. المحللون يتوقعون أن يدخل الاتحاد الأوروبي في عجز اقتصادي في الشهور المقبلة. وفنلندا، تشهد اعتراضا شعبيا واسعا على خطط الإنقاذ الأوروبية في نطاق منطقة اليورو، خصوصا أن النرويج، وهي خارج الاتحاد الأوروبي، تتمتع بنمو اقتصادي أكبر منها، كما أن العملات في بعض الدول الاسكندنافية سجلت أعلى ارتفاع أمام اليورو منذ اثني عشر عاما. والنمو الاقتصادي في منطقة اليورو سجل تراجعا في الربع المالي الثاني بمعدل 0.2 في المائة. بعض المحللين الاقتصاديين يتوقعون دخول المنطقة في انكماش اقتصادي في الوقت الذي تسجل فيه معظم الدول الأوروبية عجزا في ناتجها القومي المحلي. أما ألمانيا، فيتوقع أن لا تبقى قادرة على إنقاذ المنطقة بينما تشهد تباطؤا في نموها الاقتصادي وتراجعا في حجم تبادلاتها التجارية. ألمانيا شهدت كذلك تراجعا في مؤشر ثقة المستهلك في شهر أغسطس (آب) للشهر الرابع على التوالي مما ينبئ باحتمال استمرار تراجع نموها الاقتصادي. في البرتغال، الوضع الاقتصادي يزداد تأزما في ظل الخطة التقشفية التي تتبعها، فلقد شهدت ارتفاعا في معدل البطالة بمعدل 15 في المائة في الربع المالي الثاني وتراجعا كبيرا في حجم الطلب. الحكومة تؤكد اعتمادها على الصادرات لتقوية عجلة الاقتصاد، لكن حتى نمو الصادرات شهد تراجعا ليبلغ 6.8 في المائة في الربع المالي الثاني بعدما بلغ 11.5 في المائة في الربع المالي الأول. وفي بروكسل، قال لوك كويني محافظ المصرف المركزي البلجيكي، إنه ولأول مرة منذ 2009، يمكن الحديث من جديد عن المخاوف بسبب الركود في الاقتصاد البلجيكي، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل سلبي على إجمالي الناتج القومي للبلاد. وحسب تصريحات المسؤول البلجيكي لوسائل إعلام في بروكسل، انخفض الناتج القومي للبلاد في الربع الثاني من العام الحالي بمعدل 0.6%، ومن المتوقع أن يحث نمو سلبي في الربع الثالث، وقال: «هذا يعني أن نتحدث من جديد عن ركود، وأنا أتوقع أن يتقلص الاقتصاد البلجيكي بشكل خفيف في إجمالي العام الحالي، ويمكن أن يصل العجز في الموازنة إلى 3% أو أكثر من ذلك بشكل قليل»، وقال محافظ «المركزي البلجيكي»، إن بلاده تعهدت للمفوضية الأوروبية أن تصل إلى نسبة عجز في الموازنة هي 2.8% ويجب الالتزام بهذا الأمر. وأصبحت مصطلحات «الركود»، و«الانكماش الاقتصادي»، و«التحذير من المخاطر الاقتصادية»، و«تباطؤ النمو»، المصطلحات الأكثر استعمالا في البيانات الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة، سواء على مستوى العواصم الأوروبية؛ ومنها عواصم اقتصادات كبرى، أو على مستوى منطقة اليورو التي تعاني أزمة الديون السيادية منذ انطلاقها من اليونان، وانتشارها بعد ذلك إلى آيرلندا والبرتغال، وهناك دول أخرى مرشحة بقوة لتنضم إلى القائمة في غضون الأشهر وربما الأسابيع المقبلة ومنها إسبانيا وإيطاليا والمجر وقبرص. ولكن بشكل عام، لم تضف هذه البيانات إلا المزيد من السلبية والتوتر حول الاقتصاد الأوروبي الذي تجنب الدخول في دائرة الركود الاقتصادي خلال الربع الأول من العام الحالي بعد أن بقي دون نمو عند 0.0%، إلا أن استمرار ظهور الإشارات السلبية عن الاقتصاد تؤكد أن الاقتصاد متجه نحو الانكماش خلال الربع الثاني رغم جهود البنك المركزي الأوروبي لمنع مثل هذه الوقائع.. وفي روما وفي آخر اجتماع للحكومة قبل بداية العطلة الصيفية، دعا رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي أعضاء جهازه التنفيذي إلى إعداد مبادرات «فعالة» لتحفيز النمو الاقتصادي للبلاد على أن تناقش في الرابع والعشرين من شهر أغسطس الحالي. وحسب مصادر في رئاسة الوزراء، فإن المبادرات ينبغي أن تشمل مشروع قانون النمو ومراجعة الإنفاق الحكومي وسبل تقليص عبء الدين العام، الذي يعادل 120% من الناتج المحلي الإجمالي.

وسوف تلجأ الحكومة الإيطالية إلى الثقة البرلمانية لتمرير حزمة قوانين في هذه المجالات لتسريع إقرارها بنهاية العام بغرض تهدئة الأسواق.

، خاصة أن البلاد تستعد للحملات الانتخابية، حيث تنتهي دورة البرلمان الحالي في ربيع العام المقبل، كما تقدم رئيس الوزراء الإيطالي خلال اجتماع مجلس الوزراء بمقترحات لتقوية وسائل حماية الصناعات الاستراتيجية الإيطالية ضد الاستحواذ الأجنبي ضمن ما يسمى «الأسهم الذهبية الحكومية».

وفي برلين، قالت وزارة الاقتصاد الألمانية إن الاقتصاد من المتوقع أن يكون نما بشكل معتدل في الربع الثاني من العام، لكنه يواجه «مخاطر كبيرة» ترتبط بأزمة منطقة اليورو. وقالت الوزارة في بيان: «بعد النمو الكبير في الربع الأول، تراجع الزخم بدرجة كبيرة بسبب تباطؤ المناخ العام العالمي». وأضافت الوزارة: «وقبل كل شيء، أزمة الديون في بعض دول منطقة اليورو التي تؤثر على الاقتصاد، مما يثير حالة من عدم التيقن بين الشركات». وتابعت الوزارة: «لذلك، فإن توقعات الاقتصاد الألماني تتوخى الحذر وتنطوي على مخاطر كبيرة». ورفع خبراء البنك المركزي الأوروبي توقعات الانكماش الاقتصادي لمنطقة اليورو خلال هذا العام من نسبة 0.2%، الصادرة في تقديرات مايو (أيار) الماضي، إلى 0.3%، الأمر الذي قد يدفع إلى خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر. وخلال المسح الذي أجراه «المركزي الأوروبي» بين يومي 16 و19 يوليو (تموز) الماضي ونشر نتائجه في النشرة الشهرية لأغسطس، خفض الخبراء توقعات النمو لعام 2013 أيضا بنسبة 0.4%، لتصل حتى 0.6%. وفي ما يتعلق بعام 2014، يتوقع خبراء البنك المركزي الأوروبي نمو اقتصاد منطقة اليورو بواقع 1.4%. ولم تشهد توقعات التضخم لعامي 2012 و2013 تغيرا مقابل التقديرات السابقة، فينتظر أن يبقى متوسط التضخم على المدى الطويل والمتوسط عند 2%. ويتنبأ بعض الخبراء بأن يقوم «المركزي الأوروبي» بخفض أسعار الفائدة، البالغة حاليا 0.75%، خلال اجتماعهم المرتقب في سبتمبر (أيلول) المقبل.

يأتي ذلك، فيما تنذر الإحصاءات بأن الأزمة الاقتصادية بدأت تطال القوة الاقتصادية الأولى في منطقة اليورو، ألمانيا، التي سجلت تراجعا في حجم تبادلاتها التجارية في شهر يونيو (حزيران) الماضي للمرة الثانية في ثلاثة أشهر. الصادرات انخفضت بمعدل 1.5 في المائة. أما حجم الواردات، فتقلص بمعدل 3 في المائة. وأما في باريس وخلافا لتوقعات الرئيس الفرنسي المنتخب فرنسوا هولاند، فقد سجل النمو الاقتصادي في فرنسا تراجعا في الربع المالي الثاني بمعدل 0.1 في المائة، بعدما شهد جمودا في الربع الأول. وينذر البنك المركزي الفرنسي باحتمال وقوع فرنسا في ركود اقتصادي مع تراجع الاستهلاك في قطاعي الصناعة والخدمات وانخفاض مؤشر مديري المشتريات. وشهدت منطقة اليورو في شهر أغسطس الحالي تراجعا في ثقة المستهلك للشهر الخامس على التوالي لتبلغ «ناقص ثلاثين»، مما يشكل أدنى معدل منذ ثلاث سنوات. التراجع يعود إلى القلق من مصير منطقة اليورو في ظل أزمة الديون، لكن المحللين يعتقدون أن تصريح رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي بأنه قد يشتري سندات للخزينة، خفف من الأضرار.