منظمات تدق ناقوس الخطر في البرتغال

بعد تزايد حالات الفقر

TT

رغم الإشادة الدولية بالسياسات التقشفية التي تتبناها البرتغال، فإن مواطني البلاد يدفعون ثمنا باهظا مقابل هذه الإجراءات، حيث تدق منظمات المساعدة ناقوس الخطر إزاء ارتفاع معدلات الفقر.

وقال متسول أمام محطة روسيو للسكة الحديد في لشبونة هامسا: «أنا مهندس... أصبحت عاطلا منذ بداية عام 2010 وتركتني زوجتي قبل ستة أشهر. أعيش على الرصيف منذ شهرين». ولم يفصح «المهندس المتسول» عن اسمه الأول حيث سيطر عليه شعور قوي بالخجل مما آل إليه وضعه.

وتصف منظمات تقديم المساعدات لوكالة الصحافة الألمانية الأشخاص في مثل حالة هذا الرجل بأنهم «فقراء جدد».

وتتزايد أعداد هؤلاء في البرتغال، حيث انكمش اقتصاد البلاد بنسبة 3.3 في المائة في الربع الثاني من هذا العام. وقال الخبير الاقتصادي ريكاردو كابرال: «على مدار عامين فقط تسببت الأزمة الاقتصادية في خفض معدلات الاستهلاك المحلي بنسبة 13 في المائة ليعود إلى مستويات عام 1999». من ناحية أخرى، قفز معدل البطالة في البلاد إلى 15 في المائة.

وقالت صحيفة «بابليكو» إن أكثر من 50 في المائة من العاطلين في البرتغال، والبالغ عددهم نحو 800 ألف شخص، لا يتلقون إعانات بطالة. ووفقا لجهاز الإحصاء «إي إن آي»، فقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يحصلون على أقل من 310 يوروات (370 دولارا) شهريا بنسبة 9.4 في المائة ليصل إلى 153 ألف شخص.

ويلقي منتقدون بمسؤولية الركود جزئيا على الخفض الضخم للميزانية الذي تنفذه حكومة يمين الوسط لرئيس الوزراء بيدرو باسوس كويلو. وتسمح السياسات التقشفية للبرتغال بخفض عجز ميزانيتها وتكاليف الاقتراض، مما جلب لها إشادة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، اللذين منحا لشبونة حزمة إنقاذ بقيمة 78 مليار يورو، ولكن الحكومة تتعرض لاتهامات بالتسبب في إحداث شلل للاقتصاد وزيادة معدلات الفقر بخفض الإنفاق على الاستثمارات العامة والمزايا الاجتماعية.

ويعتني الفرع البرتغالي لمؤسسة «كاريتاس» الكاثوليكية للأعمال الخيرية الآن بعدد أسر يبلغ في المتوسط 82 أسرة أسبوعيا. وقال رئيس الفرع إيجينيو دا فونسيكا إن حالات الانتحار تزايدت إلى مستوى «مقلق».

ويستقبل أطباء النفس أعدادا متزايدة من الأشخاص الذين يعانون قلقا رهيبا بسبب الأزمة الاقتصادية. ويقول مسؤولو أمن إن الأزمة تتسبب في زيادة معدلات السرقة.

وقال باسوس كويلو الأسبوع الماضي إن الركود سينتهي العام المقبل، على الرغم من أن حكومته لم تأخذ تصريحاته على محمل الجد، مع اعتراف وزير الاقتصاد ألفارو سانتوس بيريرا بأن هناك «غموضا كبيرا» بشأن المستقبل.

ويرى الكثير من البرتغاليين أنه ما من خيار سوى الرحيل عن البلاد، حيث يهاجر ما بين 120 إلى 150 ألفا خارج البلاد سنويا، كما يعتزم ما لا يقل عن 59 في المائة من خريجي الجامعات للرحيل بعد الانتهاء من دراساتهم، وفقا لاستطلاع رأي صدر حديثا. ولا يتوجه المهاجرون فقط إلى دول أوروبية أخرى، وإنما أيضا إلى مستعمرات برتغالية سابقة مثل البرازيل وأنغولا أو موزمبيق.

وقال جورج أورتيجا رئيس لجنة الأساقفة البرتغالية إن الحال دفع ببعض المهاجرين إلى الانطلاق دون أي ترتيبات مسبقة لينتهي بهم الحال إلى «النوم أسفل الجسور» في البلاد التي يقصدونها. ولم تثر تلك التحذيرات قلق المتسول الذي يقف عند محطة روسيو للسكك الحديدية، إذ يقول: «عندما تكون لدي أموال كافية، سأرحل من هنا».