قضية «سامسونغ» قد تشعل معركة بين «أبل» و«غوغل»

توقعات بحرب قضائية «طاحنة» جديدة في القطاع

معركة «سامسونغ» و«أبل» قد تمتد لتشمل «غوغل» (إ.ب.أ)
TT

لم يتخير ستيفين جوبز كلماته عندما تحدث عن نظام تشغيل «أندرويد» للهواتف الجوالة الخاص بشركة «غوغل»، الذي كان يرى أنه شديد الشبه بهاتف «آي فون»، حيث أخبر كاتب سيرته الذاتية وولتر إيزاكسون بأن نظام «أندرويد» هو «منتج مسروق»، قائلا: «أنا على استعداد لخوض حرب نووية حرارية دفاعا عن هذا الرأي».

ولكن حتى الآن لم تخُض شركة «أبل» حربا مع شركة «غوغل»، ليس بصورة مباشرة على الأقل، بل قامت بدلا من ذلك بمقاضاة شركات صناعة الهواتف الجوالة التي تستخدم نظام «أندرويد» في منتجاتها، مثل شركة «سامسونغ»، التي تعرضت لضربة قوية يوم الجمعة الماضي بمطالبتها بدفع تعويضات تتجاوز مليار دولار، بعد أن تحققت هيئة محلفين من انتهاكها لبعض براءات الاختراع المملوكة لشركة «أبل».

إلا أن الحرب الآن تقترب من باب شركة «غوغل»، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» من إعداد كلير كاين ميلر وبريان تشين، وقد بدأت الشركة تحرص بصورة متزايدة على أن تصنع بنفسها أجهزتها الخاصة، ويعود بعض الفضل في ذلك إلى استحواذها على شركة «موتورولا موبيليتي»، أو أن تلعب دورا أساسيا في تصميمها، كما فعلت مع الكومبيوتر اللوحي «نيكسوس 7». وقد توصلت هيئة المحلفين في محاكمة شركة «سامسونغ» إلى أن الميزات التي قام عليها نظام «أندرويد»، وليست الميزات التي أضافتها شركة «سامسونغ» فحسب، انتهكت براءات الاختراع المملوكة لشركة «أبل»، مما قد يجبر شركة «غوغل» على تعديل برمجياتها.

ويقول تشارلز غولفين، وهو محلل في قطاع الهاتف الجوال لدى شركة «فوريستر»: «إن رغبة شركة (أبل) هي أن تتمكن من وضع شركة (غوغل) في ذلك الكرسي الكهربائي، لكنها بحاجة إلى طريق حتى تتمكن فعليا من فعل ذلك، وكل ما توصلت إليه حتى الآن هو طريقة لملاحقة منتجي الأجهزة الفعليين». وأوضح غولفين أنه من الممكن أن ينتهي الأمر بشركة «غوغل» نهاية أكثر عدالة في نظر شركة «أبل» إذا لم تتخذ تدابير وقائية، مضيفا: «ما يعنيه هذا بالنسبة لأصحاب نظام (أندرويد) هو مراجعة دقيقة جدا، بداية من التصميمات الأولية، بما في ذلك إجراء تفتيش صارم على مجموعة براءات الاختراع التي تمتلكها شركة (أبل) لإزالة أي شيء يبدو منطويا على مخاطرة في ما يتعلق بالتعدي على حافظة شركة (أبل)».

وقد قامت شركتا «أبل» و«مايكروسوفت» معا بمقاضاة شركات صناعة الهواتف، وكان السبب الرئيسي في ذلك هو أنه من الأسهل بكثير حساب التعويضات التي قد تدين بها تلك الشركات من بيع هواتف مخالفة لحقوق براءة الاختراع. وعلى عكس شركة «أبل»، التي تصنع كلا من الأجهزة والبرمجيات الخاصة بهاتف «آي فون»، فإن شركة «غوغل» تصنع برمجيات نظام «أندرويد» لكنها تترك أمر تصنيع الهواتف وتعديل خصائص محددة في نظام «أندرويد» حسب الطلب إلى شركات أخرى، مثل «سامسونغ» و«إتش تي سي» و«موتورولا» (ورغم أن شركة «غوغل» أصبحت الآن تمتلك شركة «موتورولا»، فقد صرحت بأنها لن تعمل مع شركة «موتورولا» عن كثب أكثر مما تعمل مع شركات الأجهزة الأخرى عندما يتعلق الأمر بتصنيع الهواتف التي تعمل بنظام «أندرويد»). وتقدم شركة «غوغل» البرمجيات الخاصة بنظام «أندرويد» إلى المصنعين دون مقابل، وبدلا من ذلك فهي تحقق أرباحا من نظام «أندرويد» بشكل غير مباشر، عن طريق بيع إعلانات الهواتف الجوالة، إلى جانب بيع التطبيقات والوسائط في متجرها الافتراضي «غوغل بلاي». وقد يكون من الصعب على شركة «أبل» إثبات أن شركة «غوغل» تستفيد ماليا من انتهاك براءات الاختراع، أو أن شركة «غوغل»، وليس شركات تصنيع الأجهزة، هي المسؤولة مسؤولية مباشرة عن الأضرار التي قد تتعرض لها شركة «أبل»، وذلك بحسب روبرت ميرجس، رئيس أعضاء هيئة التدريس في مركز الحقوق والتكنولوجيا التابع لجامعة كاليفورنيا ببيركلي، ومن الممكن أن يتغير ذلك مع قيام شركة «غوغل» بتصنيع أو تصميم المزيد من المنتجات بنفسها. وأشار ميرجس إلى أن شركة «أبل» إذا قامت حقا بملاحقة شركة «غوغل» فمن الممكن أن ينتهي بها المطاف إلى الإضرار بمنتجاتها هي، حيث إن هاتف «آي فون» يحتوي في متصفح «سفاري» الموجود به على شريط بحث «غوغل»، كما أن شركة «غوغل» تقدم بعض التطبيقات الرائجة، مثل تطبيق خاص بالبريد الإلكتروني «جي ميل»، عبر «متجر التطبيقات» الخاص بشركة «أبل» على شبكة الإنترنت. وأكد الرجل أن التعرض لهجوم مباشر قد يجبر شركة «غوغل» على إلغاء تلك الميزات من هاتف «آي فون»، مما يجعل منه منتجا أقل جاذبية بالنسبة للمستهلكين.

إلا أن تلك النوعية من العلاقات لم توقف شركة «أبل» في الماضي، فشركة «سامسونغ» مثلا تعد موردا رئيسيا يزود شركة «أبل» بأجزاء هواتف «آي فون» مثل الشرائح الإلكترونية والشاشات. كما لمحت شركة «غوغل» إلى أن لديها أسسا يمكن أن تستند إليها في مقاضاة شركة «أبل» في المقابل، تماما كما فعلت شركات مثل «سامسونغ»، حيث تمتلك شركة «غوغل» براءات اختراع للكثير من المزايا الهامة في هاتف «آي فون»، كالخرائط والبحث على سبيل المثال. ويبين ميرجس: «حتى مع أنك في حالة حرب مع هؤلاء القوم على إحدى الجبهات، فإنك ترغب في محاولة الحفاظ على حالة سلام استراتيجية في المناطق الأخرى إذا أمكنك».

ومع ذلك، يبدو أن السلام بين شركتي «غوغل» و«أبل» يتزعزع يوما بعد يوم، حيث يعكف المحامون في شركة «غوغل» على التعاون عن كثب مع محامي شركات تصنيع الأجهزة، ومن بينها شركة «سامسونغ»، للدفاع عن نفسها ضد شركة «أبل»، طبقا لما ذكره شخصان على علم بالتكتيكات القانونية لشركة «غوغل».

والكثير من الميزات التي قالت شركة «أبل» إن أجهزة «سامسونغ» انتهكتها هي ميزات مدمجة في نظام «أندرويد»، مثل تغيير حجم الصورة عن طريق اللمس. وهناك ميزة أخرى تسمى «تأثير الشريط المطاطي»، وهي تحدث عندما تثب الشاشة دلالة على الوصول إلى النهاية العليا أو السفلى، وكانت هذه الميزة حتى وقت قريب جزءا من نظام «أندرويد». وبحسب شخص أحيط علما بخطط شركة «غوغل» المتعلقة بتصميم نظام «أندرويد»، فقد ألغت الشركة هذا التأثير لأسباب تصميمية، وليس استجابة للدعوى القضائية المتعلقة ببراءات الاختراع. وذكرت شركة «غوغل» في تصريح لها يوم الاثنين الماضي: «معظم هذه المطالبات بحقوق براءة الاختراع لا تتعلق بنظام تشغيل (أندرويد) الأساسي. إن صناعة الهواتف الجوالة تتحرك بسرعة، وجميع اللاعبين، بمن فيهم الوافدون الجدد، يضيفون إلى الأفكار التي ظلت موجودة منذ عقود». وامتنعت الشركة عن التعليق على ما إذا كانت ستدخل تغييرات على نظام «أندرويد» أم لا، ولكن عندما يتعلق الأمر بميزات مثل تغيير حجم الصورة عن طريق اللمس، فقد يتعين عليها أن «تدور حول» براءات الاختراع المملوكة لشركة «أبل» وأن تحمي نفسها وشركاءها من صناع الأجهزة، بحسب نصيحة روبرت بار، وهو أستاذ حقوق في جامعة كاليفورنيا ببيركلي ومستشار براءات اختراع سابق لدى شركة «سيسكو سيستمز».

فقد عرضت شركة «غوغل» نفسها لأن تكون هدفا في وقت سابق من هذا العام عندما استحوذت على شركة «موتورولا موبيليتي»، وهي شركة تعمل في صناعة الهواتف التي تعمل بنظام «أندرويد» ظلت شركة «أبل» لعدة سنوات عالقة معها في معركة قانونية حول براءات اختراع خاصة بالهواتف الذكية. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي حكم قاضٍ فيدرالي برفض دعوى بين شركتي «أبل» و«موتورولا». وفي وقت سابق من هذا الشهر عادت شركة «موتورولا» إلى رفع دعوى قضائية جديدة ضد شركة «أبل» لدى هيئة التجارة الدولية الأميركية.

ولكن مع ذلك يؤكد بار أن امتلاك شركة «موتورولا» مكّن شركة «غوغل» أيضا من أن تتسلح بترسانتها الخاصة من براءات الاختراع المتعلقة بالهواتف الجوالة، وبالتالي فإن نشوب معركة بين شركتي «أبل» و«موتورولا» قد ينتهي إلى تسوية توافق فيها الشركتان على ترخيص براءات الاختراع المملوكة بعضهما لبعض. ومن المرجح أن يمتد الصراع الخاص بشركة «سامسونغ» طويلا، حيث أعلنت الشركة أنها ستطلب من القاضي الذي ينظر القضية أن يلغي حكم هيئة المحلفين، وأنه إذا لم يفعل فسوف ترفع دعوى استئناف أمام محكمة أعلى درجة.

وطلبت شركة «أبل» يوم الاثنين الماضي من قاضٍ فيدرالي منع بيع 8 هواتف ذكية من طراز «سامسونغ»، غير أن فرصة أن تضطر شركة «سامسونغ» إلى سحب تلك الهواتف من أرفف المتاجر قريبا ضعيفة، نظرا لأن إجراء كهذا قد يتأخر حتى انتهاء دعوى الاستئناف المرفوعة من قبل شركة «سامسونغ».