السعودية: عجز المساكن يحول العلاقة بين سوقي الأسهم والعقار إلى طردية

يرى مختصون أن الوقت لم يحن للحكم على نتائج الرهن العقاري

جانب من التعاملات في سوق الأسهم السعودية (تصوير: خالد الخميس)
TT

رجح محللون اقتصاديون أن تتحول العلاقة العكسية بين سوق الأسهم والسوق العقارية في السعودية من علاقة عكسية إلى علاقة طردية، من حيث الارتفاع في السعر، حيث كان يواكب ارتفاع أي من القطاعين انخفاضا في الآخر خلال السنوات الأخيرة، وتحديدا بعد عام 2005.

وتعاني السعودية من عجز في المساكن يصل إلى مليون وحدة سكنية، وهذا ما جعل الحكومة تبحث عن حلول للأزمة الكبيرة التي أثارت القلق لدى شريحة واسعة من الشباب، الذي يمثل الأغلبية في المملكة.

ومع إقرار نظام الرهن العقاري في الثاني من يوليو (تموز) الماضي من قبل مجلس الوزراء، ساد التفاؤل كثيرا من الأوساط، التي اعتبرت الأمر خطوة مهمة في توسيع المقدرة على امتلاك المساكن والتعاطي مع إحدى القضايا الاجتماعية الملحة للكثيرين في المملكة، فضلا عن فوائده الكثيرة للاقتصاد، إلا أن جني الفوائد الكاملة لنظام الرهن العقاري سيستغرق بعض الوقت، وربما يكون الأثر المباشر محدودا على المدى القصير (بحسب مختصين) وأن الأثر لن يكون له علاقة كبيرة ومباشرة بسوق الأسهم.

وقال الدكتور عبد الله العبد الكريم المحلل الاقتصادي إنه مع وجود تفاؤل بالارتفاع الكبير في سوق الأسهم، فإن هذا الارتفاع غير مضمون على المدى القريب، وذلك لعدة عوامل خارجية، وتحديدا الأزمة الأوروبية والانتخابات الرئاسية الأميركية، التي تؤثر عادة على الاقتصاد.

وأمن الدكتور العبد الكريم في حديث لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على وجود علاقة عكسية ما بين سوق الأسهم والسوق العقارية، وقال: «كلما ارتفعت سوق الأسهم انخفضت سوق العقار، ولكن في هذه الفترة إن ارتفعت الأسهم فإن السوق العقارية لن تنخفض نتيجة عدة عوامل وفي مقدمتها العجز الكبير الذي تعاني منه المملكة في الوحدات السكنية، مع تزايد الطلب على العقار نتيجة الجيل الجديد من الشباب المتأهلين، الذين باتوا مسؤولين عن أسر ويودون الاستقرار في المسكن والانفصال في سكن مستقبل خارج منزل ذويهم».

واسترسل العبد الكريم في القول: «كما يجب الأخذ في الاعتبار أن هناك شركات مختصة بالبناء والتشييد موجودة أصلا في السوق السعودية، مثل شركات الإسمنت، وكذلك شركات التطوير العقاري، وكذلك شركات صناعة المواد الضرورية للمساكن، وإن كان حجمها قليلا ولكنه مؤثر، هذا عدا البنوك، التي تمثل الوجهة الأبرز للشباب الباحث عن الاستقلال في منزل مع الأسرة الجديدة، ولذا من المؤكد أن العلاقة العكسية التي ظلت سائدة بين سوق الأسهم وسوق العقار ستتحول إلى علاقة طردية، إن لم يكن هناك على الأقل ثبات في الأسعار بالعقارات».

وبين العبد الكريم أن الرهن العقاري سيكون له دور في حدوث تطور إيجابي في سوق العقار، ولكن بالتأكيد سيحمل معه بعض السلبيات، ولن تتضح نتائجه إلا في عام 2013 أو عام 2014 حيث سيكون هناك وضوح كبير في الحالة التي عليها هذا النظام الذي تم إقراره مؤخرا، لكنه لم يبدأ مراحل التنفيذ.

من جانبه، قال الدكتور حسن أمين المحلل الاقتصادي إن التفاؤل بوجود ارتفاع كبير في سوق الأسهم يتخطى الـ8 آلاف نقطة ليس في محله، نتيجة ظروف غامضة سيمر بها العالم، وعلى اعتبار أن صناع السوق لا يزالون يحكمون الأمور بحذر، ولا توجد أي مجازفات في هذا الجانب.

وأضاف الدكتور أمين لـ«الشرق الأوسط»: «كانت العلاقة العكسية الواضحة بين سوق الأسهم وسوق العقار منذ عام 2005، على اعتبار أن السوق الاقتصادية السعودية فيما يختص بالسيولة أحادية للأسف، وبعد أزمة عام 2006م غادر كثيرون سوق الأسهم بما ظفروا به من مبالغ، واتجهوا إلى سوق العقار، وهذا ما ارتد سلبا على الوضع الاقتصادي، وأحدث التضخم الكبير الذي عليه الاقتصاد.

وقال الدكتور حسن: «أما الارتفاع الأخير في الأسهم، فأعتبره ارتدادا طبيعيا بعد الاختناقات التي تعرضت لها هذه السوق في الإجازة الصيفية ثم شهر رمضان»، مبينا أن الشفافية الكاملة مفقودة في هذه السوق، ولذا لا يمكن الجزم بأي تغيرات مقبلة.

وأشار الدكتور حسن أمين إلى أن السعودية تعاني من عجز في المساكن يصل إلى مليون وحدة سكنية على الأقل، وهذا يعني أن حدوث انخفاض كبير في السوق العقارية ليس متوقعا، أو حتى ممكن، وإن حصل ارتفاع في سوق الأسهم.