إسبانيا على وشك طلب الإنقاذ المالي من منطقة اليورو

خزينة مدريد ستواجه استحقاقات قيمتها نحو 26 مليار يورو في أكتوبر

متاجر مدريد تريد أن تبيع بأي ثمن في زمن الكساد.. ويرى في الصورة أحد المتاجر وهو يعلن عن تخفيضات كبيرة في الأسعار (رويترز)
TT

استقبل رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي أمس الخميس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ضمن سلسلة من اللقاءات الدبلوماسية قد تمهد لطلب رابع اقتصادات منطقة اليورو قريبا خطة إنقاذ مالي.

وبعد استقبالها الثلاثاء رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي الذي أثنى على «خطة التقشف البالغة الأهمية والشجاعة والطموحة» التي أقرتها إسبانيا، تأمل مدريد الآن في الحصول على الدعم نفسه من الرئيس الفرنسي.

ففي مواجهة الانكماش الاقتصادي وريبة الأسواق التي تهدد قدرتها في الحصول على تمويل، باتت إسبانيا، القوة الاقتصادية الرابعة في منطقة اليورو، في موقع ضعف حاليا.

وكتبت صحيفة «آ بي ثي» المحافظة القريبة من الحكومة الخميس أن «هدف راخوي هو النجاح في الحصول على دعم الدولة المجاورة للمطالب الإسبانية حتى تلقى أزمة السيولة حلا من دون المرور عبر إنقاذ إسبانيا». وتدعو مدريد إلى وحدة مصرفية ومالية على المستوى الأوروبي من أجل مساندة الدول الهشة في منطقة اليورو. وينتظر ماريانو راخوي الذي طالب الثلاثاء الماضي بأن تكون الوحدة المصرفية جاهزة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أن يدعمه هولاند في مطلبه هذا.

وسيكون هذا الدعم الفرنسي أساسيا بعد الإعلان الاثنين الماضي عن تشكيل باريس وبرلين مجموعة عمل ثنائية حول الأزمة في منطقة اليورو ستدرس بصورة خاصة «تطبيق القرارات المتعلقة باليونان وإسبانيا»، وقبل زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الخميس المقبل إلى مدريد. غير أن الصحيفة حسب تقرير لـ«رويترز» أقرت بأن عملية إنقاذ أوسع نطاقا للاقتصاد الإسباني من خلال تحرك للبنك المركزي الأوروبي، تبدو الآن محتومة. وكتبت أن «الوقت ينفد أمام حكومة راخوي لأن الخزينة ستواجه في أكتوبر المقبل استحقاقات ديون بقيمة 26 مليار يورو» فيما يقدرها بعض المحللين بأكثر من 30 مليار يورو.

أما الجانب الفرنسي فيطلب المزيد من التفاصيل حول سبل إعادة رسملة المصارف الإسبانية، بحسب ما أوضح مصدر دبلوماسي. وحصلت هذه المصارف التي تواجه وضعا هشا منذ انهيار الفورة العقارية عام 2008، على وعد من منطقة اليورو في يونيو (حزيران) الماضي بتقديم مساعدة تصل إلى نحو مائة مليار يورو، غير أنه ما زال يترتب وضع آلية لضخ هذا المبلغ وتحديد قيمته بدقة. ولا تزال الحكومة الإسبانية التي تتوقع عدم استخدام أكثر من ستين مليار يورو، تنتظر الحصول على عدد من تقارير التدقيق المالي قبل أن تحسم أمرها.

وأفيد في باريس أنه «يعود للإسبان أن يحددوا المبالغ الضرورية، لكن من مصلحة إسبانيا، وكذلك منطقة اليورو، أن يستقر الوضع بأسرع ما يمكن، أي أن تتم إعادة الرسملة». أما بالنسبة لطلب إنقاذ شامل، فقال المصدر الدبلوماسي نفسه إنه «يعود لإسبانيا أن تقول ما إذا كانت بحاجة إلى ذلك». غير أن مدريد قد تفيد من قدر من التساهل من جانب فرنسا. وأوضح المصدر أن «إسبانيا لا تواجه مشكلة المصداقية ذاتها» المطروحة بالنسبة لليونان، واتخذت «تدابير كثيرة» لضبط العجز في ماليتها العامة.

ومدريد مصممة على ادخار 102 مليار يورو بحلول عام 2014 بفضل إجراءات تقشف تاريخية تتضمن اقتطاعات في الميزانية وزيادات ضريبية، من أجل تخفيض عجزها من 8.9% إلى 2.8% من إجمالي الناتج الداخلي.

غير أن الوضع في البلاد لا يزال هشا، وهو ما ذكر به الثلاثاء طلب المساعدة المالية الذي أصدرته كاتالونيا؛ إذ طلبت من الدولة المركزية خمسة مليارات يورو رغم أنها من أغنى المناطق الإسبانية. وأقرت منطقة فالنسيا بعد ذلك بأنها ستطلب أكثر من 3.5 مليار يورو، فيما ستحتاج منطقة مرسيا إلى ما لا يقل عن 300 مليون يورو. أما الأندلس، فكشفت أنها ستحتاج إلى مساعدة من دون أن تكشف حجمها في الوقت الحاضر. وقال ماريانو راخوي الثلاثاء إن «المناطق هي إسبانيا أيضا، وبالتالي، فإن الحكومة الإسبانية لن تتخلى عنها».

إلى ذلك، ارتفع اليورو أمام الدولار أمس الخميس؛ إذ يترقب المستثمرون ليروا ما إذا كان بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) سيلمح بقوة لاتخاذ المزيد من إجراءات التيسير النقدي خلال اجتماع لرؤساء بنوك مركزية اليوم الجمعة.

وسيتأثر الدولار على نطاق واسع إذا تضمنت كلمة برنانكي اليوم في جاكسون هول بولاية وايومنغ الأميركية أي إشارة إلى أن «المركزي الأميركي» سيطلق جولة جديدة من برنامج شراء الأصول المعروف باسم التيسير الكمي.

وحسب «رويترز» سيعطي هذا دعما إضافيا لليورو الذي لقي دفعة مؤخرا من توقعات بأن يكشف البنك المركزي الأوروبي عن خطط محددة الأسبوع المقبل للمساعدة في خفض تكاليف اقتراض إسبانيا وإيطاليا المرتفعة.

وارتفع اليورو 0.1 في المائة إلى 1.2545 دولار مقتربا من أعلى مستوى له الأسبوع الماضي عند 1.2590 دولار.

مع ذلك، حد من المكاسب عدم اليقين بشأن سياسات الاحتياطي الاتحادي؛ إذ يقلل تحسن البيانات الاقتصادية الأميركية التي صدرت مؤخرا من فرص اتخاذ المزيد من إجراءات التيسير الكمي. كما ارتفع اليورو بعد أن نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن رئيس وزراء الصين قوله إن بكين ستواصل شراء السندات الأوروبية الحكومية بعد تقييم المخاطر بالكامل.

لكن المخاوف حيال آفاق الاقتصاد الصيني قللت إقبال المستثمرين على المخاطرة؛ إذ بدا أن تباطؤ الاقتصاد الصيني حد من الطلب على السلع الأولية مثل الصلب والحديد والنحاس.

وضغط هذا بشكل خاص على العملات مرتفعة العائد المرتبطة بالسلع الأولية مثل الدولار الأسترالي الذي هبط لأدنى مستوى في شهر عند 1.0318 دولار أميركي. وانخفض الدولار 0.1 في المائة أمام العملة اليابانية إلى 78.62 ين، بينما ارتفع اليورو 0.1 في المائة إلى 98.70 ين.