ستانتشوك: السعودية تضطلع بدورها في الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي

رئيس الغرفة التجارية البولندية أكد أن برنامج الخصخصة البولندي يشجع الشركات السعودية على الاستثمار في 200 شركة

دونالد توسك رئيس وزراء بولندا خلاله لقائه رجال الأعمال السعوديين والبولنديين بمجلس الغرف السعودية بالرياض في أبريل الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

توقع مسؤول اقتصادي بولندي زيادة مطردة في معدل التبادل التجاري بين بلاده والسعودية، مع تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية المشتركة خلال العام المقبل، وذلك في إطار تعزيز التوجه لتبادل الوفود التجارية بين البلدين، واستغلال الفرص الاقتصادية والاستثمارية المتاحة، بجانب التعاون والشراكة في مختلف المجالات المساندة، لافتا إلى تنظيم زيارات ولقاءات متكررة بين أصحاب وصاحبات الأعمال السعوديين والبولنديين، بدأت تؤتي أكلها، مشيرا إلى أن بولندا تعتبر أكبر ساحة للتشييد والبناء في أوروبا، حيث إنها حققت معدلات عالية في جذب الاستثمارات الأجنبية بشكل عام.

وقال ماتشي ستانتشوك، رئيس مجلس الغرفة التجارية البولندية، لـ«الشرق الأوسط»: «كان ذلك نتاجا طبيعيا لمساعي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في تأسس شراكة اقتصادية استراتيجية بين البلدين، من خلال توقيع عدد من الاتفاقات، التي شملت عددا من المجالات، منها حماية الاستثمارات والتعاون التجاري، بالإضافة إلى التدريب التقني والمهني، إبان زيارته التاريخية التي قام بها لبولندا في 2007، كما تشكلت بنى تحتية من ناحية قانونية ورسمية انطلقت بموجبها العلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى أعلى مستوياتها».

ووصف العلاقات التجارية السعودية البولندية بالمتميزة، مبينا أنها تتخطى مرحلة العلاقات التجارية إلى الخطط الاستراتيجية، المنوط بها رفع مستوى الشراكة المزدهرة بين البلدين، مؤكدا قدرة قيادة البلدين على توسيع فرص الاستثمار في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاستثمار والتمويل والتشييد والإنشاءات، والنفط والغاز والطاقة، والزراعة، بالإضافة إلى عدد من القطاعات التجارية والخدمية الأخرى.

وأضاف ستانتشوك أن السعودية وبولندا بلدان مزدهران اقتصاديا، وليس هناك ما يدعو أيا منهما لطلب مساعدة من الآخر، بقدر ما أن المسألة تتعلق بتوسيع مساحة خدمة المصالح المشتركة وتبادل المنافع وتعظيم دور كليهما في المساهمة في حل قضايا العالم والمنطقة اقتصاديا وسياسيا، مؤكدا قدرتهما على توظيف تعاونهما لمساعدة الطرف الثالث من العالم، والذي يحتاج لثمار مثل هذا التعاون.

وأفاد بأن توجه بولندا يسير في اتجاه تعزيز التعاون مع شركائها، الخليجيين بشكل عام والسعودية بشكل خاص، في جميع القطاعات، بجانب قطاعات المقاولات والعقارات والطاقة الكهربائية والصناعات الكيماوية، مبينا أن من شأن ذلك فتح الباب على مصراعيه للشركات السعودية والبولندية للاستفادة من الفرص الاستثمارية المطروحة في هذه القطاعات، مشيرا إلى أن بولندا تؤمن للمستثمرين إمكانية الوصول للسوق الأوروبية ذات الحجم الكبير والفرص المتنوعة.

ونوه بقدرة بلاده على تصدر قائمة الدول الأوروبية المعافاة من أزمة الانهيار الاقتصادي، الذي أصاب عددا من البلاد الأوروبية، منوها بأن بولندا هي البلد الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي استطاع أن يجنب مواطنيه آثار الأزمة المالية العالمية، مبينا أن اقتصاد بلاده استطاع، خلال السنوات الأربع الماضية، تحقيق معدلات نمو اقتصادي عالية، مشيرا إلى تنفيذ بلاده عددا من المشروعات في مجال البنية التحتية بعشرات المليارات من الدولارات، فيما تفوق تكلفة كل الاستثمارات في كل القطاعات أكثر من 200 مليار دولار.

وفي المقابل، أكد ستانتشوك أن الاقتصاد السعودي يشهد تطورا مطردا على كل الصعد، مما يجعله محط أنظار المستثمرين ورقما مهما في التجارة الدولية، لافتا إلى أن الزيارة التي قام بها دونالد توسك، رئيس وزراء بولندا، عملت على تعزيز قنوات التبادل التجاري بين البلدين، بجانب فتح المجال لاختراق المنتجات السعودية الوطنية ذات التنافسية العالية للأسواق البولندية، إضافة إلى إتاحة الفرصة لرجال الأعمال لاستكشاف المزيد من فرص الشراكة التجارية والاستثمارية مع نظرائهم البولنديين ومعالجة العقبات مباشرة على طاولة المفاوضات.

ويهيب ستانتشوك بأن يضطلع رجال الأعمال من البلدين بدورهم في تعزيز وتطوير تلك الشركات والدفع قدما بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الصديقين إلى الأمام، للارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين السعودية وبولندا، موضحا أن بولندا الأولى أوروبيا في مجال جذب الاستثمارات، والأعلى في مجال عائد الاستثمار، ولديها العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في القطاعات الصناعية والتجارية والعقارية والزراعية، بينما السعودية هي الأولى عربيا وخليجيا ولديها الإمكانات الهائلة في مختلف المجالات.

وعلى الرغم من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين، تجاوز الـ0.56 مليار دولار (2.1 مليار ريال)، فإن ستانتشوك يرى أن ذلك لا يعكس رغبة وطموح القيادتين، نسبة لما يتمتع به البلدان اقتصاديا، مبينا أن الصادرات السعودية في عام 2010 بلغت 143 مليون دولار (536 مليون ريال) مقابل 0.48 مليار دولار (1.8 مليار ريال) واردات بولندية للسعودية، مؤكدا أن الإمكانيات الاقتصادية والفرص الاستثمارية والتجارية المتاحة في البلدين تتجاوز ما تم تحقيقه حتى الآن بكثير، مشيرا إلى برنامج الخصخصة البولندي الذي يضم نحو 200 شركة كبيرة ومتوسطة، تسعى بلاده من خلالها للخصخصة الكاملة للعديد من القطاعات، مما يوفر لأصحاب الأعمال السعوديين فرصة كبيرة للشراكة المأمولة.

وأوضح ستانتشوك أن السعودية الأولى عربيا في مجال جذب الاستثمار، وتحتل ترتيبا عالميا متقدما في سهولة ممارسة الأعمال، ولديها منتجات صناعية عالية الجودة، ولديها شركات رائدة وصاحبة خبرة واسعة في مجال المقاولات والبتروكيماويات، ولديها مؤسسات مصرفية قوية وصاحبة خبرة في مجالات التمويل والخدمات المالية المختلفة.

ولفت إلى عزم البلدين على تطبيق ما تم الاتفاق عليه من تفاهمات سابقة، وفي مقدمتها تسهيل التجارة بينهما، وإقامة معارض للمنتجات السعودية في بولندا، وتعزيز نفاذ الصادرات السعودية للأسواق البولندية مباشرة، وتفعيل دور سفارتي البلدين في مجال تبادل المعلومات بشأن الفرص التجارية والاستثمارية المتاحة، وتنشيط تبادل هذه المعلومات عبر مجلس الأعمال، وكذلك إنشاء الشركة السعودية البولندية التنموية لترويج هذه الفرص التجارية والاستثمارية.

وكان دونالد توسك، رئيس وزراء بولندا، بحث خلال الزيارة التي قام بها للسعودية، خلال أبريل (نيسان) 2012، على رأس وفد رفيع المستوى ضم 100 من المسؤولين ورجال الأعمال البولنديين، فرص الاستثمار والشراكة بين البلدين، وذلك في لقاء عمل موسع جمعهم مع فعاليات قطاع الأعمال السعودي، منوها بدراسة إمكانية شراء النفط السعودي ومدى مساهمة شركة الصناعات الأساسية «سابك» في تطوير خصخصة قطاع البتروكيماويات البولندية ومشاركتها في هذا المجال، وبحث التعاون في مجالات الخدمات الصحية والطبية والسياحة العلاجية.

كما شجع رئيس الوزراء البولندي استقطاب استثمارات سعودية في مجالات البنى التحتية والخدمات المالية والتأمينية، ووعد بالعمل من أجل حل كل العوائق التي تحول دون تنمية الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين الصديقين وتشجيع قطاعي الأعمال في الدخول في شراكات عديدة في مجالات متنوعة، وفي قطاعات النفط والتعدين والبنى التحتية بشكل خاص، مع تبلور رؤية سياسية مشتركة تجاه القضايا المشتركة بين البلدين، مؤكدا أن تعاقدات تمت بالفعل في هذا الشأن بين الجهات السعودية ونظيرتها البولندية، مبينا أن سوق وارسو للمالية أهم الأسواق المالية في المنطقة، مشيرا إلى أنها أفضل مكان لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مجال الأعمال المشتركة.

كذلك وعد توسك بنقل جهود تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين من مرحلة التعاون إلى مرحلة الشراكة الاقتصادية القائمة على تبادل وتقوية المصالح المشتركة، في جميع القطاعات الاقتصادية، مبديا استعداد بلاده للتعاون معه في ما يتعلق بتشييد وتجهيز المستشفيات الحديثة بأفضل ما تنتجه التكنولوجيا في هذا المجال، وفي كل المنتجات الصحية والطبية الأخرى، مؤكدا عزمه تولي مهام الإشراف على تنفيذ كل هذه الاتفاقيات بنفسه.

وثمّن الدور الذي تضطلع به السعودية في الحفاظ على استقرار الاقتصاد العالمي بوصفها قوة قائدة للتغييرات الإيجابية، التي يشهدها العالم، مبينا أن قدرتها الاقتصادية والسياسية مكنتها من أن تلعب دورا محوريا على الصعيد الإقليمي والعالمي، مشددا على حرص بولندا ورغبتها الأكيدة في جعل شراكتها أمرا مرغوبا ومطلوبا من قبل البولنديين، لما تتمتع به من مصداقية ومسؤولية.