منطقة اليورو تسعى إلى محاصرة أزمة الديون السيادية.. وتخشى من انتقال عدواها

ديون اليونان وإسبانيا والبرتغال تبقى أوجاع رأس مؤلمة للاتحاد النقدي

TT

عقد وزراء المال الأوروبيون أمس الجمعة اجتماعات في قبرص حيث الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، تركزت المناقشات خلالها على ملفات تتعلق باليونان وإسبانيا والبرتغال، في إطار المساعي الأوروبية لمنع تفاقم أزمة الديون السيادية، التي ضربت حتى الآن كلا من اليونان وآيرلندا والبرتغال، وهناك مخاوف من انتقالها إلى دول جديدة.

وحضر اجتماعات الصباح وزراء الدول الـ17 الأعضاء في منطقة اليورو، وبعد الظهر جرى توسيع الاجتماعات بانضمام وزراء باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والبالغ عددها إجماليا 27 دولة. وحضر الاجتماعات ماريو دراغي رئيس المصرف المركزي الأوروبي، وكريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد الدولي. وعلى هامش الاجتماعات قال وزير المالية الهولندي، كيس دياخر، إن الاجتماعات لن تتمخض عن أي قرارات بشأن اليونان، لأن الجميع في انتظار تقرير لفريق خبراء «الترويكا» حول ما تحقق في اليونان حتى الآن من خطوات على طريق الوفاء بالتزاماتها. وفي الوقت الذي أشارت فيه تقارير إعلامية إلى أن اليونان ربما تحصل على حزمة إنقاذ ثالثة، فإن أثينا لم تحقق حتى الآن سوى القليل من الإصلاحات وخطط التقشف المطلوبة، من وجهة نظر العديد من المراقبين في بروكسل. ولمح الوزير الهولندي إلى أن الكرة الآن في ملعب اليونان «وعليهم أن يثبتوا أنهم يعملون من أجل الوفاء بالالتزامات».

وعن البرتغال، قال الوزير إن لشبونة تسير على الطريق الصحيح لتنفيذ تعهدات تتعلق بالإصلاحات والتقشف، وبالتالي لها الحق في الحصول على متسع من الوقت للوفاء بكل الالتزامات. وقال الوزير إن البرتغال لا تشتكي كثيرا مثلما هو الحال في اليونان. وبالنسبة لإسبانيا قال الوزير إن الاجتماعات مخصصة للبحث في شروط حصول مدريد على مساعدة مالية لإنقاذ القطاع المصرفي، ودور المصرف المركزي في هذا الصدد.

ومن جانبه، أكد وزير الاقتصاد الإسباني لويس دي غيندوس أن خفض العجز والعمل على تطبيق الإصلاحات الاقتصادية أكثر أهمية من الحديث عن برنامج البنك المركزي الأوروبي لشراء الديون. وجاءت تصريحات دي غيندوس لدى وصوله إلى اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو غير الرسمي، المنعقد في العاصمة القبرصية نيقوسيا، حيث أكد أن إسبانيا تعمل وستواصل العمل على برنامج الإصلاحات. وأشار إلى أن مدريد ستعلن عن خطوات مهمة في هذا الصدد خلال الأيام المقبلة. وأكد دي غيندوس أن إسبانيا ينبغي أن تخفض عجزها العام وفقا لما تم الاتفاق عليه مع الشركاء الأوروبيين، الأمر الجاري تنفيذه بالفعل، على حد قوله. وكان رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي قد أكد مؤخرا أن الوفاء بأهداف العجز العام لبلاده والالتزام ببرنامج الإصلاحات أكثر أهمية من مساعدة مالية مهمة أو برنامج إنقاذ.

يأتي ذلك بعد أن أكد رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه مانويل باروزو، أن اليونان يجب أن تبقى في منطقة اليورو إذا وفت بالتزاماتها الخاصة بتطبيق إصلاحات اقتصادية جوهرية وخطط التقشف اللازمة. وبالتزامن مع ذلك وافقت المحكمة الدستورية في ألمانيا على مشاركة البلاد في صندوق الإنقاذ في منطقة اليورو وآلية الاستقرار الأوروبي، وجاء ذلك فيما وافق الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على رفع سقف العجز المسموح به للبرتغال بنهاية العام الحالي إلى 5 في المائة بدلا من 4.5 في المائة، بسبب المشكلات التي يمر بها الاقتصاد المحلي. وأمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، ألقى رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو خطابا شرح فيه وضع دول منطقة اليورو، وأكد رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو أن اليونان يجب أن تبقى في منطقة اليورو إذا وفت بالتزاماتها الخاصة بتطبيق إصلاحات اقتصادية جوهرية وخطط التقشف اللازمة.

وحذر باروزو من أن هناك إمكانية لوصول الاقتصاد اليوناني إلى مفترق طرق خلال الخريف المقبل، مبينا أن تطور وضع ديون أثينا يعتمد على مدى عزمها على تطبيق الخطط المتفق عليها. كما دعا باروزو في الوقت نفسه الدول التي تشكك حاليا في استمرار اليونان بمنطقة العملة الموحدة للوقوف عن إطلاق هذه الشكوك نظرا لأن العمل على استقرار هذه المنطقة أمر يمس الجميع. وأضاف رئيس المفوضية الأوروبية أن ضمان استقرار منطقة اليورو يشكل أحد أبرز التحديات التي ستتم مواجهتها خلال الفترة المقبلة، مبينا أن البنك المركزي الأوروبي لن يمول الحكومات ولكن يمكنه شراء سندات الديون من الأسواق الثانوية. كما دافع باروزو عن قيام اتحاد دولة قومية يمكن أن تكون حصنا قويا ضد الشعبوية. وقال «يجب أن تتطور المجموعة الأوروبية الحالية، ونحن لا نخشى من قول ذلك، نحن بحاجة إلى التوجه نحو فيدرالية قومية الدول. هذا ما نحتاج إليه اليوم. إنها ليست دولة فيدرالية إنما دولة قومية قادرة على إيجاد حلول لكل مشاكلنا المشتركة لكن بشكل يحافظ على استقلالنا، استقلال كل دولة واستقلال المواطن ليتمكن من التحكم في قدره». وبالنسبة لباروزو، فإن هذا التطور يمكن أن يمر عبر توقيع معاهدة جديدة. كما دافع باروزو عن الوحدة الاقتصادية والنقدية لمنطقة اليورو تحت إشراف البنك المركزي الأوروبي.

يذكر أنه في منتصف الأسبوع، وبالتحديد الأربعاء الماضي، تراجع الدولار الأميركي على مقربة من أدنى مستوياته مقابل اليورو والعملات الرئيسية الأخرى، بعد أن وافقت المحكمة الدستورية في ألمانيا على مشاركة البلاد في صندوق الإنقاذ في منطقة اليورو وآلية الاستقرار الأوروبي. فيما أدت التوقعات لعمل جولة جديدة من الحوافز النقدية بالضغط على الدولار. ومهد الحكم الطريق للرئيس الألماني للتصديق على مرفق الاستقرار الأوروبي، مما يسمح للبنك المركزي الأوروبي بشراء السندات والمضي قدما. وقالت المحكمة الألمانية إن المبلغ المخصص للمرفق يجب ألا يتجاوز 190 مليار يورو دون موافقة مجلس النواب في البرلمان، وقال إنه يجب أن يبقى مجلسا الشعب والشورى على علم بالقرارات المتعلقة بمرفق الاستقرار المالي.

من جانبها، رحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بقرار المحكمة، واصفة إياه بأنه يوم جيد بالنسبة لألمانيا وأوروبا.