إيران تستهدف استقرار سعر الفائدة وسط تضخم فوق 21%

البطالة تفوق 14%.. و180 ألفا من الكفاءات يغادرون البلاد سنويا

TT

قال محافظ البنك المركزي الإيراني أول من أمس السبت إن إيران لن ترفع أسعار الفائدة المصرفية، معتبرا أن خفض التضخم الذي في خانة العشرات مقدم على تحقيق الاستقرار في سعر العملة المحلية الريال شديد التقلب.

ونقلت «وكالة الطلبة» الإيرانية للأنباء عن محافظ البنك محمود بهمني قوله: «سعر الفائدة المصرفية لن يتغير حاليا وذلك إلى أن نرى ما سيحدث بالنسبة للتضخم وإلى أي درجة يمكن أن نخفضه»، وأضاف: «من الطبيعي أن أسعار الفائدة المصرفية يجب أن تتحدد قياسا إلى معدل التضخم».

ويعاني الاقتصاد الإيراني من ارتفاع التضخم وتآكل قيمة العملة وهو ما يسهم بدوره في ارتفاع أسعار المستهلكين. وقال اقتصاديون إن صعوبات الدفع عبر النظام المصرفي العالمي هي بسبب الحظر وتناقص مداخيل النفط، إضافة إلى أن لجوء إيران لتسوية الصفقات عبر المقايضة ضغط على الرصيد الأجنبي الإيراني وأدى إلى انكماش حجم الاقتصاد الإيراني. ولاحظ اقتصاديون أن معدل التضخم في إيران الذي قدرته الجهات الرسمية بـ21% قد ارتفع بنحو ضعف هذا الرقم بسبب تدهور قيمة سعر صرف الريال. وكانت إيران قد استخدمت بكثافة الاحتياط الأجنبي خلال الشهور الماضية للدفاع عن الريال الذي تدهورت قيمة صرفه في السوق السوداء، والطلب العالي على الدولار من المواطنين الذين يرغبون في الهجرة خارج إيران وأصحاب الثروات الذين يرغبون في الحفاظ على قيمة مدخراتهم من التآكل. وحسب نشرة «إيكونوميك ووتش»، فإن إيران وضعت خطة خمسية لإصلاح الاقتصاد. وتهدف الخطة إلى خفض معدل التضخم إلى 12%، وخفض البطالة من معدلاتها الحالية التي تقدرها الجهات الرسمية بـ14.6% من القوة العاملة في إيران البالغة 25.7% حسب تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة. وكان صندوق النقد الدولي قد أشار في تقريره الأخير إلى أن 180 ألفا من الكفاءات الإيرانية تغادر البلاد سنويا للهجرة والاستقرار في الخارج.

وكان الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي يقضي حاليا العام الأخير من ولايته قد رفع سعر الفائدة المصرفية في يناير (كانون الثاني) إلى 21 في المائة على أمل تقوية الريال بعد أن تسببت عقوبات غربية تستهدف صادرات طهران من النفط والبنك المركزي في انحدار قيمة العملة في السوق المفتوحة. وارتفع الريال قليلا بعد الخطوة. وبحسب البنك المركزي، بلغ معدل التضخم في إيران 21.5 في المائة للسنة الفارسية المنتهية في 19 مارس (آذار)، لكن تقديرات غير رسمية تقول إنه يبلغ مثلي ذلك المستوى. وتنال عقوبات أميركية وأوروبية - تهدف إلى حمل إيران على التخلي عن برنامجها النووي - نيلا شديدا من الاقتصاد، في حين تسببت معظم المحاولات الحكومية لاحتواء الأزمة في تفاقم التضخم ودفعت الريال لمزيد من التراجع. وفي الأسبوع الماضي، سجل الريال مستوى قياسيا منخفضا عند نحو 25 ألف ريال للدولار في السوق غير الرسمية؛ أي نصف سعره قبل عام وبانخفاض نحو 17 في المائة في ثلاثة أيام. لكنه استقر في الأيام القليلة الماضية عند نحو 24 ألفا و350 ريالا، بحسب موقع «مثقال» الذي يرصد أسعار العملة.

ولم يتضح السبب المباشر للتراجع المفاجئ، لكن قد يعود إلى تهافت على الدولار من قبل الإيرانيين القلقين من أن مزيدا من العزلة الدبلوماسية والاقتصادية سيؤدي إلى تآكل قدرة البنك المركزي على الدفاع عن قيمة الريال. وينذر تراجع الريال في حد ذاته بارتفاع التضخم نظرا لاعتماد إيران على استيراد السلع الاستهلاكية والوسيطة التي ارتفعت أسعارها مع انخفاض قيمة العملة المحلية. ويتعرض حجر الزاوية للبرنامج الاقتصادي لأحمدي نجاد - وهو خطة طموح لإصلاح الدعم - لانتقادات بسبب تفاقم التضخم جراء مدفوعات نقدية شهرية للمواطنين الأشد فقرا. ويركز منتقدو أحمدي نجاد في البرلمان على تعامل حكومته مع أزمة العملة هذا الشهر واتهموا البنك المركزي بالتسبب في الأزمة لعدم طرحه كميات كافية من الدولارات في السوق لتلبية الطلب. وسيحضر بهمني جلسة مغلقة في البرلمان للرد على أسئلة عن التقلبات في قيمة العملة بعدما أعرب النائب عبد الرضا مصري لوكالة أنباء «فارس» أمس عن عدم رضا المجلس عن الإجابات التي قدمها وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني الأسبوع الماضي.

إلى ذلك، قال مسؤول في تصريحات نشرت أول من أمس السبت إن إيران وقعت اتفاقات لبيع أربعة ملايين برميل من النفط عن طريق شركات خاصة في محاولة لتفادي العقوبات الغربية. وتحظر عقوبات يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لوقف برنامج إيران النووي كل واردات النفط الإيراني وتشمل الشركات الحكومية والخاصة، لكن المسؤولين الإيرانيين يقولون إن بمقدور الشركات الخاصة تفادي تلك الإجراءات.

وقال حسن خسرو جردي مدير اتحاد مصدري المنتجات النفطية الإيراني إن اتحاد شركات من القطاع الخاص وقع اتفاقين مع مشترين أجانب لبيع نحو أربعة ملايين برميل من الخام الإيراني. ونقلت وكالة أنباء «مهر» عن خسرو جردي قوله: «بهذا الاتفاق والآلية الجديدة المحددة سيجري تسليم شحنتي النفط الخام هاتين في.. الخليج لمشترين أجانب». ولم يذكر تفاصيل. وكان خسرو جردي قال في تصريحات نشرت الأسبوع الماضي إن شركات خاصة نجحت في تصدير بعض إنتاج البلاد من النفط، وقال دون إسهاب: «القطاع الخاص.. لا يستطيع القيام بأي خطوة جادة لتصدير النفط دون الموافقة على هذه الآلية المالية من جانب البنك المركزي الإيراني».

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على البنك المركزي الإيراني ويمكن أن تتعرض البنوك التي تتعامل معه لاستبعادها من الأسواق المالية الأميركية. ونفت إيران أيضا أن تكون تركيا قد رفعت بدرجة كبيرة وارداتها من الخام الإيراني الشهر الماضي رغم الحظر الغربي، قائلة إن صادراتها مستقرة.

وكانت بيانات من مصدر ملاحي وخدمة «إيه اي إس لايف» لرصد السفن قد أظهرت في وقت سابق هذا الشهر تفريغ نحو 200 ألف برميل يوميا من الخام الإيراني في مرفأي الاستيراد التركيين «علي أغا» و«تتنسيفلتش» في أغسطس (آب) الماضي. ويعادل هذا الرقم أربعة أمثال واردات أنقرة من النفط الإيراني في يوليو (تموز) الماضي عندما اشترت 48 ألف برميل يوميا وهو أقل مستوى في عامين ونصف العام. لكن ممثل إيران لدى منظمة «أوبك» نفى حدوث تلك القفزة، وقال في تصريحات نشرت أمس إن دوافع سياسية تقف وراء تلك التقارير.