الشركات اليابانية توقف عملياتها في الصين بسبب خلاف حول الجزر

صحف بكين تتحدث عن عقوبات صينية على طوكيو

TT

أعلنت شركتا «كانون» و«باناسونيك» اليابانيتان تعليق العمل في مصانعهما في الصين أمس الاثنين وسط تصاعد المخاوف بسبب المظاهرات الحاشدة المعادية لطوكيو في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، بينما تحدثت صحف الصين عن احتمال فرض عقوبات على اليابان. ويدور خلاف حول جزر متنازع عليها في بحر الصين الشرقي بين بكين وطوكيو التي يزورها وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا. وذلك حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وجرت مظاهرات واسعة مناوئة لليابان، اتسم بعضها بالعنف، في الصين خلال الأيام القليلة الماضية بسبب الخلاف على الجزر المعروفة في بكين باسم دياويو وفي طوكيو باسم سينكاكو. وتؤكد كل من اليابان والصين أحقيتها في تلك الجزر التي تسيطر عليها اليابان.

ويتوقع أن تشهد الصين موجة جديدة من المظاهرات الثلاثاء تتزامن مع ذكرى «حادث موكدين» الذي وقع عام 1931 وأدى إلى غزو اليابان لمنشوريا، والذي تحييه الصين كل عام. وأعلنت شركة «كانون» لصناعة الكاميرات وأجهزة الكومبيوتر أنها علقت عملياتها في ثلاثة مصانع في جنوب وشرق الصين الاثنين والثلاثاء «لضمان سلامة جميع موظفينا العاملين هناك». أما شركة «باناسونيك» فأعلنت تعليق أعمالها في مصنع في كينغداو في شمال شرقي الصين «للوقت الحالي» بعد نشوب حريق. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لليابان، ويأتي وقف عمليات الشركتين فيما حذرت وسائل الإعلام الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني من أن الاقتصاد الياباني يمكن أن يعاني لمدة عشرين عاما إذا اختارت بكين فرض عقوبات عليها بسبب الخلاف على الجزر.

ويمكن أن يؤدي أي خلاف مالي بين البلدين اللذين يعدان أكبر اقتصادين في آسيا إلى تباطؤ النمو في قارة آسيا التي تعول عليها كبرى الدول الغربية لدفع نمو الاقتصاد العالمي المتباطئ.

وترتبط الصين واليابان بعلاقات تجارة وأعمال قوية، حيث تستثمر الكثير من الشركات اليابانية في الصين، وبلغ حجم التجارة الإجمالي 342.9 مليار دولار العام الماضي، طبقا لأرقام صينية. إلا أن العلاقات السياسية بينهما عادة ما تتسم بالتوتر بسبب الخلافات على الأراضي والاستياء الصيني من النزاعات والفظائع التي حدثت في السابق. وتصاعد الخلاف حول الجزر الأسبوع الماضي عندما اشترت الحكومة اليابانية الجزر الثلاث أي أنها أممتها فعليا، وردت الصين بإرسال سفن للقيام بدوريات في المياه المحيطة بتلك الجزر. وعقب اجتماعات في طوكيو مع عدد من كبار المسؤولين، دعا بانيتا الذي توجه لاحقا إلى بكين «جميع الأطراف إلى الهدوء وضبط النفس» بعدما حذر الأحد من أن «أي قرار خاطئ من أحد الجانبين يمكن أن يؤدي إلى إشعال العنف».

من جهته، صرح وزير الخارجية الياباني كويشيرو غيمبا أن المظاهرات المعادية لليابان «تنتشر على نطاق غير مسبوق». وترتبط واشنطن بمعاهدة دفاع مع اليابان وصرح بانيتا للصحافيين أن التزام واشنطن بهذه المعاهدة ثابت وقوي. وأضاف غيمبا «بالطبع فإننا نتمسك بالتزاماتنا بموجب المعاهدة، فهي التزامات طويلة الأمد ولا تتغير». إلا أنه قال: إن الولايات المتحدة تتبنى سياسة عدم اتخاذ موقف بشأن النزاع على الجزر. وأضاف: «من مصلحة الجميع أن تحافظ اليابان والصين على علاقات طيبة والعثور على طريقة لتجنب المزيد من التصعيد». وفي بكين تجمع نحو 100 متظاهر في مجموعتين أمام السفارة اليابانية وسط تواجد أمني كثيف الاثنين، وقاموا بالسير أمام المبنى ورشقه بزجاجات الماء فيما شوهدت مروحية تحلق مرارا فوق المتظاهرين. وحثت السفارة مواطنيها على مراعاة الحذر وعدم السير لوحدهم وعدم التحدث باليابانية بصوت عال، بحسب ما صرح المسؤول القنصلي كيجي كامي لوكالة الصحافة الفرنسية. وحول احتمال فرض عقوبات اقتصادية على اليابان، قالت صحيفة «الشعب» الصينية اليومية «في أجواء الخلاف الذي يتعلق بسيادة الأراضي، إذا استمرت اليابان في استفزازاتها، فإن الصين حتما ستدخل في النزاع». ويعاني الاقتصاد الياباني من تبعات الأزمة المالية العالمية وآثار الزلزال الذي هز البلاد في 2011. وقالت الصحيفة إن «الاقتصاد الياباني يعاني من نقص حصانته أمام الإجراءات الاقتصادية الصينية» إلا أنها أضافت أنه نظرا للاعتماد الاقتصادي المتبادل بين البلدين، فإن العقوبات ستكون «ذات حدين» بالنسبة للصين. وقالت الصحيفة في مقالها الذي نشر في نسختها المخصصة للتوزيع خارج البلاد، إن من بين الأهداف المحتملة للعقوبات الصينية القطاعات المالية والصادرات والاستثمارات في الصين. وأضافت أن «واردات الموارد الاستراتيجية» يمكن كذلك أن تتأثر بالعقوبات، في إشارة إلى المعادن النفيسة المستخدمة في المنتجات المتطورة مثل أجهزة «آي باد» وهواتف «آي فون».

وتساءلت الصحيفة «هل تفضل اليابان أن تخسر عشر سنوات أخرى، وهل هي مستعدة لأن تعود إلى الخلف 20 عاما». وكانت اليابان خسرت للصين لقبها ثاني أكبر اقتصاد في العالم في 2010. وسجلت أسهم الشركات الصينية التي ترتبط بعلاقات مع شركات يابانية انخفاضا في بورصة شنغهاي بعد أن أقبل المستثمرون على البيع خشية أن يضر النزاع على الجزر بالطلب على منتجاتها.