السياسة الحذرة للبنوك المغربية تجنبها تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية

«القرض العقاري والسياحي» يركز على مشاريع السكن الاجتماعي ويحتاط لتداعيات الأزمة

بنك المغرب المركزي («الشرق الأوسط»)
TT

قلل أحمد رحو، رئيس «مصرف القرض العقاري والسياحي» (بنك حكومي)، من حجم المخاطر التي يتعرض لها القطاع المصرفي المغربي، وقال إن مرد ذلك إلى السياسة الحذرة والانتقائية للبنوك المغربية، وعبر عن تفاؤله بشأن إيجابية الإجراءات التي تعتزم الحكومة المغربية اتخاذها لتشجيع استهلاك الإنتاج المحلي وتشجيع الصادرات وتنويع أسواقها وللتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية.

وعرفت قروض «القرض العقاري والسياحي» زيادة بنسبة 8.7% خلال النصف الأول من السنة، ويشكل قطاع العقار نسبة 88% من قروض هذا البنك، وارتفعت ودائع العملاء لدى المصرف بنسبة 6.5%، في حين ارتفعت أرباحه الصافية بنسبة 9% خلال نفس الفترة.

وقال رحو الذي كان يتحدث أول من أمس خلال لقاء مع المحللين الماليين بالدار البيضاء: «إن المصارف المغربية معروفة بسياستها الحذرة التي كانت دائما تلام عليها، لكن هذه السياسة هي التي مكنتنا من تفادي أزمة 2007، إذ كان بإمكان البنوك المغربية آنذاك أن تتورط في قروض لمؤسسات موجودة في الخارج، لأن القانون كان يسمح لها بإقراض 20% من أصولها في الخارج قبل عام 2006، لكن المصارف المغربية لم تفعل ذلك، وهذا جنبها الأزمة». وأضاف رحو: «هذه السياسة الحذرة جدا جعلت المصارف المغربية تركز نشاطها في تمويل الحاجات الحقيقية للاقتصاد باحترافية وبشكل انتقائي». وأشار إلى أن المصارف لم تسرف في تمويل بعض القطاعات بطريقة تؤدي إلى خلق فقاعات كما هو الحال بالنسبة للقطاع العقاري في إسبانيا.

ويرى رحو أن تأثر المصارف المغربية بالأزمة سيكون عن طريق القطاعات الاقتصادية، وأضاف: «بدأنا نشعر بأزمة القطاع السياحي وقطاع الملابس والنسيج». غير أن رحو يرى أيضا أن التوجه نحو تنويع الأسواق بدل إبقاء العرض المغربي مركزا على أوروبا، إضافة إلى اتخاذ إجراءات لتشجيع الاستهلاك المحلي - سيمكن المغرب من تجاوز أزمة أداءاته الخارجية.

وبخصوص القطاع العقاري، أشار رحو إلى أن القروض العقارية تمثل 30% من إجمالي القروض المصرفية في المغرب. وأضاف: «نحن في (القرض العقاري والسياحي) أكثر عرضة لمخاطر القطاع العقاري، إذ إن نسبة القروض العقارية تصل عندنا إلى 88%. إلا أننا تمكننا من تخفيف هذه المخاطر عبر مجموعة من الإجراءات التي اتخذناها في الوقت المناسب. فمنذ سنوات، خففنا من تمويلنا للعقار الفاخر ومشاريع المنتجعات الشاطئية التي تعرف حاليا أزمة زيادة العرض على الطلب، وركزنا على الحاجات الحقيقية للمغاربة. ومن بين الإجراءات التي اتخذها (القرض العقاري والسياحي)، تفادي تمويل الفروع التي تعرف أزمة، والتركيز على مشاريع السكن الاجتماعي، مع عدم تمويل أي مشروع إلا بعد أن يحقق نسبة معينة من المبيعات تؤكد أن هناك سوقا وطلبا على المشروع». وأشار رحو إلى أن القروض العقارية للبنك عرفت نموا بنسبة 6.2% خلال النصف الأول من العام الحالي، وبلغت 22.4 مليار درهم (2.5 مليار دولار).

وفي سؤال لــ«الشرق الأوسط» حول وجود مشاكل في تحصيل القروض في مجال السكن الاجتماعي، قال رحو: «هذه المشاكل تقتصر على شريحة معينة من المتعاملين، وهم أولئك الذين لهم مداخيل غير منتظمة وغير محددة، ويتم تمويل قروض شراء السكن لهؤلاء حصريا من طرف (القرض العقاري والسياحي) و(القرض الشعبي)، ونحن نتولى النصيب الأكبر، وسبب المشكلة يكمن في الطابع غير المنتظم للدخل، ويكفي أن يعجز المقترض عن دفع قسطين متتابعين لكي تبدأ المشاكل، لذلك قررنا بتنسيق مع السلطات الحكومية أن نتدخل بسرعة لإيجاد حلول كلما تطلب الأمر ذلك قبل أن تتفاقم الوضعية». وأضاف رحو أن هذه القروض كانت تستفيد من ضمان صندوق حكومي بنسبة 70% من الرأسمال، وبطلب من البنوك تم رفع الحصة المضمونة إلى 80% منذ بداية العام الحالي.