رئيس المفوضية الأوروبية: اليورو حل وليس مشكلة لأزمة أوروبا

وسط تداعيات ديون البنوك الإسبانية

TT

اعتبر رئيس المفوضية الأوروبية، جوزي مانويل باروزو، اليورو هو الحل بالنسبة للدول الأوروبية التي تعاني أزمة، وأن العملة الموحدة ليست المشكلة، كما أكد أن الفيدرالية تلوح في مستقبل أوروبا، بينما توقع التقرير الدوري للأمانة العامة للاقتصاد السويسري عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية بالوتيرة التي يتوقعها البعض بسبب وجود عوامل تجعل اقتصاد منطقة اليورو في وضع هش باستمرار. وفي باريس، دعا رئيس الحكومة الفرنسية اليسارية جان مارك إيرو الأغلبية البرلمانية إلى التضامن مع الحكومة بالتصويت لاتفاقية الاستقرار المالي الأوروبية الهادفة إلى تقليص الأنفاق العام من أجل خفض عجز الميزانية واحتواء الأزمة المالية. هذه الدعوة جاءت بسبب معارضة شرائح من اليسار لهذه الاتفاقية قبل مناقشتها في الثاني من الشهر المقبل بالجمعية الوطنية ثم في الثاني والعشرين من الشهر ذاته في مجلس الشيوخ.

وفي بروكسل، أشار رئيس المفوضية الأوروبية جوزي مانويل باروزو، في تصريحات لمحطة الأخبار الأوروبية (يورو نيوز)، إلى أن الأزمة التي عصفت بالكثير من الدول الأوروبية قد ضربت عددا من الدول التي تعتمد العملة الموحدة، كما ضربت تلك التي لم تعتمدها. وفي المقابلة التي دامت نصف ساعة بعد ظهر الأربعاء، أجاب فيها رئيس المفوضية الأوروبية عن أسئلة الكثير من الشباب الذين شاركوا على الهواء مباشرة بطرح أسئلتهم من مختلف الدول الأوروبية. في المحور الأوروبي، اعتبر باروزو الاتحاد الأوروبي لا يمثل بديلا عن الدولة - الأمة، وأن القرارات التي تتخذها المفوضية إنما هي قرارات الدول الأعضاء وأنها تنبع من مجموع الدول الأعضاء ويتم التصويت بالإجماع. كما أشار إلى أن الفيدرالية تلوح في الأفق الأوروبي، وأنها لن تكون وليدة اللحظة، لكنها باتت ترتبط بواقع القرن الحادي والعشرين وبتحديات الأسواق التي تعيش عولمة لم يسبق لها مثيل. واعتبر باروزو أوروبا، التي تتحضر لانتخابات برلمانية عام 2014، تفتح صدرها لجميع أبنائها، وفي الوقت عينه ترفض التطرف القومي الذي يحمل مغالاة مؤذية، وأن المعيار الديمقراطي هو الغالب؛ وأن أوروبا تسعى نحو الدمج بين الحفاظ على حرية الإنترنت وفي الوقت عينه تبحث عن صيغ لحفظ حقوق الفنانين والمبدعين والكتاب، لا سيما بعد سقوط «اتفاقية أكتا» التي كان من المفترض أن تكون الإطار القانوني لحقوق الناشرين. من جهة أخرى، توقع التقرير الدوري للأمانة العامة للاقتصاد السويسري عدم تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية بالوتيرة التي يتوقعها البعض بسبب وجود عوامل تجعل اقتصاد منطقة اليورو في وضع هش باستمرار. وقال الخبراء التابعون لوزارة الاقتصاد السويسرية في تقريرهم الدوري حول حالة الاقتصاد العالمي، إن المؤشرات التي تدل على أن الاقتصاد العالمي يجنح إلى الركود تفوق تلك المؤشرات التي توقعت تحسن الحالة الاقتصادية العالمية على المستقبل المنظور.

وعزا التقرير هذا الركود إلى «تداعيات أزمة الديون السيادية الأوروبية وعدم قدرة اقتصادات دول مجموعة اليورو على الوصول إلى معدلات نمو اقتصادي طبيعية، لا سيما في دول مثل إسبانيا وإيطاليا وغيرهما، حيث تعاني اقتصاداتها ركودا ثقيلا انعكست تبعاته على أقوى الاقتصادات الأوروبية مثل ألمانيا». وربط التقرير بين القدرة على الخروج من هذا الركود الاقتصادي وسياسة البنك المركزي الأوروبي وتعامل حكومات الاتحاد الأوروبي مع أزمة الديون السيادية وكمية السندات التي يمكن أن يشتريها البنك من الدول المختنقة بالديون السيادية، وما إذا كان حجم تلك المشتريات سيؤدي إلى تخفيض نسب الفائدة عليها ومن ثم تخفيض حجم المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها. وأكد: «حتى وإن أظهرت أسواق المال الأوروبية تعافيا من الأزمة، فإنها لن تعجل بخروج سريع لدول منطقة اليورو من الأزمة»، مشيرا إلى وجود الكثير من نقاط الضعف وحالة من عدم اليقين رغم قرارات البنك المركزي الأوروبي التي خففت احتمالات تصعيد مشكلة أزمة الديون السيادية في دول منطقة اليورو على وجه الخصوص، إلا أن تلك القرارات لا تعني بالضرورة نهاية الأزمة.

وعزا الخبراء تحفظهم هذا إلى عدم وجود وضوح في سياسة الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تعتزم الدول الأوروبية المتضررة من أزمة ديون سيادية القيام بها لتحسين سياساتها المالية، وما إذا كانت تلك الإجراءات سوف تقلل من نسبة المخاطر، وتستعيد الثقة الضائعة بالاقتصاد الأوروبي، وتعزز استقرار أسواق المال. ويعول التقرير على قدرة الاقتصاد الآسيوي على تلافي التبعات السلبية الناجمة عن الركود الاقتصادي في أوروبا، إذ يمكن للاقتصاد الآسيوي أن يعوض الخسائر التي يتسبب فيها التعامل مع اقتصاد دول اليورو، ومن ثم يمكن للاقتصاد العالمي أن يتحرك قدما بدلا من التراجع مع الاقتصاد الأوروبي بمجمله.

وأعرب الخبراء السويسريون عن ثقتهم بأن الحكومة الصينية لديها القدرات المالية والسياسية لصد أي نوع من التوتر يمكن أن يصيب السوق المالية الصينية أو سوق العقارات أو البنوك، وأنها قادرة على دفع اقتصادها نحو الاستقرار. وقال الخبراء إن المتغيرات الاقتصادية في العالم سوف تلقي بظلال سلبية على الاقتصاد السويسري، بوصفه أحد الاقتصادات المهمة أوروبيا ودوليا، حيث ستعمل على تخفيض معدلات الصادرات وارتفاع البطالة وصولا إلى 3.‏3%، مما سيجعل إجمالي النمو الاقتصادي لا يتجاوز نسبة 1% مع نهاية العام بتراجع نسبته 4.‏0% عن التوقعات الصادرة في النصف الأول من هذه السنة.

وفي باريس، دعا رئيس الحكومة الفرنسية اليسارية جان مارك إيرو الأغلبية البرلمانية إلى التضامن مع الحكومة بالتصويت لاتفاقية الاستقرار المالي الأوروبية الهادفة إلى تقليص الإنفاق العام من أجل خفض عجز الميزانية واحتواء الأزمة المالية. هذه الدعوة جاءت بسبب معارضة شرائح من اليسار لهذه الاتفاقية قبل مناقشتها في الثاني من الشهر المقبل في الجمعية الوطنية ثم في الثاني والعشرين من الشهر ذاته في مجلس الشيوخ. يأتي هذا في حين قال رئيس الحكومة الفرنسية للنواب: «يجب أن تستمر فرنسا في الظهور كعنصر فاعل جدا في رسم مستقبل أوروبا. على كل حال، نحن نعرف أن أوروبا لا يمكن أن تبنى من دون فرنسا. إذن، صوتنا سيكون له ثقل، وعندما يكون هذا الصوت موحدا وقويا فسيكون ثقله أكبر». الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند متهم من طرف شرائح واسعة من اليساريين بالتراجع عن وعده الانتخابي بإعادة التفاوض حول اتفاقية الاستقرار المالي الأوروبية، وهو التفاوض الذي لم يعد يتحدث عنه بعد وصوله إلى كرسي الرئاسية. وعلق جان فينسون بْلاصي، النائب عن «الخضر» في مجلس الشيوخ الفرنسي، قائلا: «هذه الاتفاقية تعني المزيد من التقشف والمزيد من الصرامة المالية وعلى مدى طويل. أعتقد أن الاتجاه لا يتناسب مع الرهانات (التي صوت من أجلها الناخبون لليسار). الاتفاقية يفترض أن يعاد التفاوض حولها، وهذا ما لم يحدث أو حدث بشكل غير كاف». ورغم توقع نقاشات حادة في غرفتي البرلمان الفرنسي بشأن هذه الاتفاقية ورغم المظاهرات التي ينتظر أن تنظم ضدها مع انطلاق النقاش البرلماني، فإن التصويت لها شبه مضمون، كما يقول الملاحظون.

وفي مدريد، أشارت تقارير إعلامية إلى أن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي لا يزال غير متأكد بخصوص طلب المساعدة من البنك المركزي الأوروبي لبرنامج شراء السندات الجديدة، وهو ما يعني الاشتراك في صندوق الإنقاذ الدائم. يأتي ذلك بينما باعت وزارة الخزانة في إسبانيا 859 مليار يورو من السندات الحكومية لمدة عشر سنوات في متوسط العائد من 5.666 في وقت سابق من اليوم، انخفاضا من 6.647 في مزاد مماثل الشهر الماضي. وتماشى الطلب مع عدد المزايدات التي لم تتجاوز 2.8 مرة مقابل توريد نسبة «إلى محاولة تغطية» 2.4 في شهر أغسطس (آب). كما باعت إسبانيا 3.94 مليار يورو من الديون لمدة ثلاث سنوات مقابل متوسط العائد 3.845، ارتفاعا من 2.798 في مزاد مماثل الشهر الماضي. في المجموع، باعت وزارة الخزانة في إسبانيا 4.799 مليار يورو من الديون الحكومية، وفوق كامل المبلغ المستهدف من 4.5 مليار يورو.