دراسة مصرفية: تعديل قانون البنوك المصرية يعالج نزيف الاحتياطي

أكدت أن وضع حد أدنى لرؤوس أموال البنوك يفيد في علاج عجز ميزان المدفوعات

TT

اعتبرت دراسة مصرفية حديثة أن تعديل قانون البنوك المصري ضرورة في ظل المتغيرات السياسية المتلاحقة خلال العام الثاني للثورة، معتبرة أن التعديل الذي قدمه حزب الحرية والعدالة على قانون البنوك، والذي تم الإعلان عنه قبل حل مجلس الشعب (الغرفة الأولى من البرلمان المصري) واجب النفاذ، مشيرة إلى أن التعديل الخاص بالحد الأدنى لرأس المال يفيد في وقف نزيف الاحتياطي وعلاج العجز في ميزان المدفوعات وتراجع الودائع.

وأوضحت دراسة الباحث المصرفي أحمد آدم، التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه الرئيس محمد مرسي يرغب في رفع الحد الأدنى لرأس مال أي بنك يعمل تحت مظلة البنك المركزي من 500 مليون جنيه (82 مليون دولار) إلى ملياري جنيه (328 مليون دولار)، وكذلك الارتفاع بالحد الأدنى لرأس مال فروع البنوك الأجنبية العاملة بمصر من 50 مليون دولار إلى 180 مليون دولار، وهو ما يساعد في وقف نزيف احتياطي مصر من النقد الأجنبي.

ويذكر أن الاحتياطيات الدولية لمصر من العملات الأجنبية تراجعت بشكل متسارع منذ بداية ثورة 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 وحتى الوقت الحالي، فقد انخفضت من 36 مليار دولار إلى 15.1 مليار دولار، وهي لا تكفي بالكاد لتغطية سوى ثلاثة أشهر واردات سلعية، ولولا القروض والمساعدات والودائع التي حصلت عليها الحكومات المتعاقبة على مصر منذ بداية الثورة وحتى حكومة الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء المصري، لكان يمكن أن تكون الاحتياطيات أقل من 5 مليارات دولار، والتي لم تكن لتكفي سوى لشهر واحد واردات سلعية.

وذكر آدم في دراسته أنه من الأسباب القوية لتعديل قانون البنوك العجز التاريخي لميزان المدفوعات في فترة ما بعد الثورة نتيجة لخروج الكثير من أموال رموز النظام السابق واستثمارات أجنبية قصيرة وطويلة الأجل من داخل مصر، حتى إن العجز ولأول مرة في التاريخ يصل بنهاية عام 2010 - 2011 إلى 9.8 مليار دولار، ثم يتواصل العجز ويصل نهاية الربع الثالث من العام المالي 2011 - 2012 إلى 11.2 مليار دولار، ليصبح إجمالي عجز ميزان المدفوعات خلال عام وتسعة أشهر إلى 21 مليار دولار، ولولا المساعدات والمنح والقروض لكان العجز تزايد وبشكل كبير.

وقالت الدراسة إن «اتساع عجز الموازنة العامة عاما بعد آخر أدى لارتفاع معدلات نمو الديون المحلية خصوصا بعد الأزمة العالمية، في المقابل جاء انخفاض معدلات نمو الودائع بالبنوك نتيجة لإدارة سيئة للسياسة النقدية من قبل البنك المركزي، مما أدى لنضوب السيولة الموجودة بالبنوك للاستمرار في تمويل عجز الموازنة، وهو ما قوبل بتخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي للودائع بالعملة المحلية من 14 في المائة إلى 12 في المائة، ثم ارتفعت إلى 10 في المائة خلال شهرين فقط، مما أعطى صورة سلبية عن مدى ضخامة أزمة السيولة، وهو أمر يدفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بعيدا عن مصر، ثم لم تكتف السلطات النقدية بكل هذه الأخطاء فبدأت في عمليات طبع نقدية من دون حساب حتى بلغ المطبوع من بداية الثورة وحتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي 51 مليار جنيه (8.37 مليار دولار)».

وتوقع آدم أن تستجيب البنوك العاملة للقانون ولو بشكل تدريجي، متوقعا أن يكون يناير (كانون ثاني) المقبل محاولة لتصحيح أوضاع رؤوس الأموال العاملة في مصر، مشيرا إلى أن البنوك الأجنبية التي أعلنت عن خروجها من السوق المصرية كان جزءا من أسباب خروجها هو مخاوف زيادة رؤوس الأموال في ظل ضعف مراكزها الرئيسية خاصة في منطقة اليورو.

وأشار آدم إلى أن تطبيق تعديل قانون البنوك الذي قدمه حزب الحرية والعدالة يضمن ضخ ما لا يقل عن 11 مليار دولار بأوصال البنوك وبالتبعية بأوصال الاقتصاد المصري، والمبلغ الأخير هو ما أعلنت الحكومات المتعاقبة على مصر بعد الثورة عن أنه لازم لتعافي الاقتصاد المصري.

وقالت الدراسة إن هناك بنوكا عربية ترغب في دخول مصر خصوصا بعد الإعلان عن تعديلات قانون البنوك المزمع عرضه على السلطة التشريعية، وأهمها القيام بتعديلات تسمح للبنوك الإسلامية بالعمل بكامل حريتها، كما أن دخول مصر في علاقات قوية ببعض القوى الاقتصادية مثل السعودية وقطر وتركيا والصين قد حفز هذه البنوك على الدخول.

وأشار آدم إلى ضرورة البحث في أمر الاستحواذ على بنك يعاني من مشاكل مصرفية، مثل عدم كفاية المخصصات، وبالتالي يحتفظ المساهمون بمساهماتهم وباسم البنك وبحق الإدارة، مع إمكانية حصولهم على قرض مساند من البنك المركزي المصري، مع البحث عن شريك جديد يعاونهم في زيادة رأس المال والاستحواذ على بنك أو فرع بنك لم يستطع توفيق أوضاعه.

وقال آدم إن «تعديل قانون البنوك سيسمح للبنوك الإسلامية بتملك العقار والمنقول حتى تستطيع أن تقوم بعمليات بيع الأجل، كما سيتم إنشاء هيئة شرعية مركزية مهمتها مراقبة التزام البنوك التي تعمل وفقا لأحكام الشريعة بتطبيق الشريعة على كل معاملاتها المصرفية، علاوة على الفصل في نقاط الخلاف التي قد تنشأ، وهذا التعديل من شأنه التأثير على ناتج أعمال البنوك الأخرى».