«القطاع الرقمي» فرصة لتوفير 4.4 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي بالأسواق الناشئة

«بوز آند كومباني» العالمية: من الممكن أن يوفر 64 مليون فرصة عمل

TT

قال تحليل اقتصادي صدر أمس إن الرقمنة، التي تعرف بالاعتماد الشامل للتقنيات والتطبيقات الرقمية المتصلة بالإنترنت من قبل المستهلكين والمؤسسات والحكومات، ساعدت على خلق 17 مليون فرصة عمل وساهمت بمبلغ 350 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للبلدان النامية.

وأظهر التحليل الذي أجرته شركة «بوز آند كومباني» العالمية أن الرقمنة في الأسواق الناشئة يمكن أن توفر مبلغا إضافيا يصل إلى 4.4 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، و64 مليون فرصة عمل جديدة على مدار السنوات العشر المقبلة.

ولفت بهجت الدرويش الشريك في «بوز آند كومباني» إلى أن تعزيز الرقمنة سيتطلب ضخ استثمارات تبلغ 1.4 تريليون دولار، فضلا عن تضافر جهود الحكومات والقطاع الخاص لتحسين مؤشر الرقمنة الخاص بأشد الناس فقرا في البلدان النامية المنخفضة والمتوسطة الدخل، وهم القابعون في «قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي»، ومع ذلك، تتمثل المكاسب من هذا الأمر في تعويض هذه التكلفة بأضعاف مضاعفة.

ولفت الدرويش إلى أن مؤشر الرقمنة يتألف من نقاط تشمل 23 مؤشرا تقيس مستوى الرقمنة في البلدان وفقا لمقياس يتدرج من 0 إلى 100 درجة، ويبلغ متوسط مؤشر الرقمنة في البلدان النامية 27 درجة، وذلك يمثل نصف المؤشر في البلدان المتقدمة. وأضاف قائلا «لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، فثمة فجوة رقمية في البلدان النامية، حيث اكتشفنا أن متوسط مؤشر الرقمنة لأشد الناس فقرا في البلدان النامية الذين يبلغ تعدادهم 3.9 مليار نسمة على مستوى العالم يصل إلى 17.5 درجة فقط».

وأكد أنه ليس من المستغرب ما يحصل عليه الفقراء من مستوى رقمنة منخفض، ففي كثير من الأحيان لا تكون التقنية الرقمية في متناولهم وفي حدود معارفهم.

ويسأل ميلند سينغ، وهو مدير أول في «بوز آند كومباني»، عن ماذا لو توفرت التقنية الرقمية بشكل أيسر وأقل تكلفة، ويجيب قائلا «لو تمكنا من مضاعفة مؤشر الرقمنة في قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي في البلدان النامية على مدار السنوات العشر المقبلة، فسيكون بمقدورنا انتشال أكثر من نصف مليار شخص من براثن الفقر».

وتابع أنه «قد تتحقق مكاسب عدة تتمثل في استحداث فرص العمل وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب فتح أسواق جديدة، مما يؤدي إلى إيجاد أنشطة جديدة بقيمة 700 مليار دولار في قطاعي الرعاية الصحية والتعليم وحدهما».

وأكد أنه لتحقيق هذه الغاية، سيكون على الجميع سد الفجوة بين تكلفة الرقمنة لأشد الناس فقرا وهي تبلغ 47 دولارا للفرد سنويا، وبين التكلفة التي يستطيع هؤلاء الناس تحملها حاليا وهي تبلغ 5.50 دولار للفرد سنويا للحصول على إمكانية الوصول الرقمي وشراء الأجهزة الرقمية.

من جهته، أشار وسانديب جانديوالا، وهو مستشار في «بوز آند كومباني»، إلى أنه بناء على هذا فإن التحدي الكامن لعملية الرقمنة في الأسواق الناشئة يتمثل في الفجوة بين القدرة على الإنفاق من جهة، وإتاحة التقنية الرقمية بشكل أيسر من جهة أخرى.

وأضاف أنه «على جانب الطلب، كمثال، يكافح المستهلكون في قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي من أجل العثور على فرصة عمل ودخل شهري ثابت وقروض بفائدة معقولة، فهم ليسوا راغبين في الإنفاق على التقنية الرقمية، حيث يتوفر القليل من المحتوى الملائم لهم»، وزاد جانديوالا قائلا «إضافة إلى انخفاض جودة تجاربهم كعملاء، وعلى جانب العرض، يعاني مشغلو الشبكات الحاليون من كثرة الأعباء والضغوط، علاوة على قلة عدد الشبكات القائمة للتوزيع والبيع بالتجزئة، ومحدودية الخبرات في كيفية طرح الخدمات للمستهلكين في قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي».

وتابع أنه «يمكن تقريب هذه الفجوة من خلال بذل جهود تعاونية تجمع بين إيجاد حلول على كل من جانبي العرض والطلب، فعلى جانب العرض ينبغي اعتماد الابتكار والاستثمار المشترك وتوحيد المقاييس على مستوى ركائز الرقمنة الأربع».

وعدد المستشار في «بوز آند كومباني» ركائز الرقمنة الأربع، وهي تغطية شبكية يمكن الاعتماد عليها، وأجهزة بأسعار معقولة، ومنهج فعال لدخول الأسواق، ومحتوى وتطبيقات ملائمة، ضاربا مثالا في حاجة مشغلي الشبكات إلى اعتماد نماذج عمل مبتكرة كتلك التي تحقق الإيرادات من المستهلكين وتكسب المال من شركات الدعاية والإعلان التي لا تستطيع الوصول إلى قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي حاليا. إضافة إلى أن الجهات الحكومية والخاصة ستحتاج إلى الاستثمار بشكل مشترك في المجالات الواقعة خارج نطاق تخصصاتها التقليدية، ولا سيما في تطوير البنية التحتية، كما ستكون الحاجة ماسة إلى توحيد التقنيات والإجراءات والممارسات للحد من التشتت في مختلف الأسواق الخاصة بأشد المستهلكين فقرا، وتعظيم الفرصة لتحقيق وفورات الحجم.

أما على جانب الطلب، فيمكن تعزيز نزعة الشراء الرقمية لدى المستهلكين في قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي من خلال زيادة قدرتهم واستعدادهم لإنفاق الأموال التي كسبوها بشق الأنفس على المنتجات والخدمات الرقمية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تصبح الرقمنة أداة مدرة للدخل، إما بشكل مباشر من خلال توفير فرص العمل في قطاع المعلومات والاتصالات والتقنية، وإما بشكل غير مباشر من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المعلومات. كما يمكننا زيادة النزعة للإنفاق من خلال زيادة توفر المحتوى والتطبيقات التي تلبي الاحتياجات الأساسية الاقتصادية والاجتماعية للسكان المستبعدين.

وقالت راوية عبد الصمد، وهي مستشارة في «بوز آند كومباني»، إن البلدان النامية تتطلع إلى زيادة مستوى الرقمنة والتنافس مع الاقتصادات الأكثر ثراء، حيث يكمن رهانها الأفضل في سد الفجوة الرقمية بين الشرائح الأغنى والأفقر في مجتمعاتها.

وزادت أنه «حققت العديد من الاقتصادات النامية إنجازات مثيرة للإعجاب على الساحة الرقمية على غرار ما أنجزته الصين والهند، ولذا يمكن لتلك البلدان الاعتماد على هذا النجاح من خلال إعطاء شريحة قاعدة الهرم الاجتماعي والاقتصادي الفرصة للمشاركة في الثورة الرقمية».