مساع لإنشاء منطقة تكامل تجارية بين المنطقة العربية ودول أميركا الجنوبية

خلال قمة عربية - أميركية جنوبية في بيرو بداية أكتوبر

TT

تعتزم منطقة دول أميركا الجنوبية بناء منطقة تكامل تجارية واقتصادية مع دول المنطقة العربية، في خطوة أولى لرسم علاقات تعاون وتبادل تجاري واقتصادي استراتيجي، كنتاج طبيعي للبحث عن البديل لكليهما لمنطقة اقتصادية نيابة عن الاقتصادات الكبرى والتجارة الدولية المنهارة بفعل الأزمة المالية العالمية وديون منطقة اليورو.

يأتي ذلك في وقت غيرت فيه مؤشرات تتوقع حدوث فجوة غذائية حادة، يواجهها غلاء أسعار في منتجات الطاقة وأسباب الحياة الأخرى، أنظار منطقتي دول أميركا الجنوبية ومنطقة الدول العربية، لتتجاوز هذه التحديات والتوقعات بأن تنتجا بالتبادل الغذاء والطاقة، في وقت تبرز فيه فرصة نادرة يوفرها الاختلاف في عناصر الثقافات والحضارات والمنتجات السياحية التي تختلف المنطقتان فيهما بعضهما عن بعض، مما يعني توافر فرصة لصناعة السياحة بين المنطقتين كجانب اقتصادي مهم لهما.

وفي غضون ذلك، أوضح روفابيل رونكا غليولو، وزير خارجية البيرو، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «ليما - عاصمة بلاده - ستحظى في الأول والثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، باستضافة قادة دول ورؤساء حكومات البلاد العربية والأميركية الجنوبية، مع الكثير من قادة الأعمال من كلتا المنطقتين، للقمة العربية - الأميركية الجنوبية الآسيوية الثالثة، وذلك لحظة عدم اليقين الاقتصادي في أجزاء أخرى من العالم، حيث تجلب هاتان المنطقتان معا إمكانيات هائلة، ليست مكتشفة إلى حد كبير، للتبادل والتعاون الاقتصاديين».

ويعتقد أن قمة آسيا الثالثة فرصة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية، لكي تظهر للعالم طموحا مشتركا، مشددا على ضرورة النظر إلى أبعد من التحديات المحلية الحالية، والعمل معا لتشكيل العالم الجديد، من خلال بناء علاقة تقوم على أساس متين من الحوار والتجارة والاستثمار والتعاون والثقافة بين شعوب المنطقتين، مؤكدا أن الوقت المناسب حان لأن يقرب العرب والأميركيون الجنوبيون بين ثقافتيهما الحية واقتصاديهما الصاعدين.

هذا وقال المهندس عمر باحليوة، الأمين العام لمجلس الغرف السعودية المكلف، لـ«الشرق الأوسط»: «في الأعوام السابقة، يبدو أنه كان هناك فراغ كبير بين المنطقة العربية ككل ومنطقة دول أميركا الجنوبية، في ما عدا النشاط المحدود في التجارة والتبادل في منتجات البن من البرازيل، واللحوم من الأراغواي الذي أظهرته حاجة المنطقة العربية أثناء أمراض جنون البقر وغيره من الأمراض اللاحقة».

وأضاف أنه «من شأن هذا الملتقى الاقتصادي تعزيز أواصر العلاقات الاقتصادية بين المنطقتين من خلال زيادة التعاون والتبادل التجاري، خاصة أن المنطقة العربية تنتج البترول ومشتقاته بجانب البتروكيماويات وصناعة الأسمدة، بجانب تعدينها الحديد والألمنيوم وغيرهما، بينما تنتج منطقة أميركا الجنوبية المنتجات الزراعية والحبوب الغذائية، وتجارب جديدة في مسألة التعدين والتنقيب عن البترول، فضلا عن أن دول أميركا الجنوبية تتمتع بتقانة عالية في صناعاتها وزراعتها».

وزاد أن «المنطقتين كانتا قد اكتشفت حاجتهما بعضهما لبعض عندما تأزم الوضع الاقتصادي في الدول الكبرى وانهارت الكثير من الاقتصادات العظمي، حيث مثلت كل منهما منطقة اقتصادية بعضهما لبعض عن الدول الاقتصادية الكبرى، وبالتالي فإن هذه القمة تعتبر فرصة نادرة للعلاقة الاقتصادية بين المنطقتين». وأبان باحليوة أن «هناك نقطة التقاء، وهي ناتجة عن حاجة البلاد العربية للغذاء الذي يمكن أن تأمنه بلاد أميركا الجنوبية، مقابل حاجة دول أميركا الجنوبية للطاقة ومتعلقاتها من صناعات أخرى، ومنها تعدين الحديد والألمونيوم ومنتجات البتروكيماويات والأسمدة وغيرها، توفرها البلاد العربية».

من ناحيته، أوضح حسن الشهري، رئيس جمعية «الحبوب والأعلاف التعاونية» السعودية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه القمة تأتي لتؤطر التبادل التجاري، حيث توفر البلاد العربية رأس المال، في وقت تتمتع فيه دول أميركا الجنوبية بأراض زراعية وتقانة تمكنها من توفير الغذاء»، مبينا أن ما يعيب الأخيرة أن عينها على أموال المنطقة العربية أكثر من كونها توفر أراضي للاستثمار الزراعي، مستدلا على ذلك باتجاه تلك الدول نحو اتباع نظام البيع للأمد البعيد.

ولفت الشهري إلى أن «السعودية أكبر مستورد للدواجن من البرازيل، يليها الأراغواي كمصدر لحوم الأغنام، بينما تبرز أهمية الأرجنتين كمنطقة زراعية للمحاصيل الزراعية»، مشيرا إلى «خيبة أمل دول أميركا الجنوبية في المشروع الصيني الذي كان نتاجه استئجار أراضيها وإنتاج محاصيل وتصديرها دونما يعود عليها بنفع أكبر مما هو عليه».

إلى ذلك، أكد وزير خارجية البيرو، أن لكل منطقة تحدياتها، مبينا أن «أميركا الجنوبية خلقت مزيجا من بيئة الاقتصاد الكلي المستقر والمتوسع، ومن عنصر الموارد الطبيعية، اللذين جذبا المستثمرين الدوليين، الذي يبحثون عن فرص الأسواق الناشئة»، مشيرا إلى أنه ما زالت هناك تحديات تواجه الحاجة إلى تحويل نسب نموها العالية خلال الأعوام الأخيرة إلى تنمية مستديمة واندماج اجتماعي.

وتبحر المنطقة العربية، والحديث للوزير البيروي، في خضم مرحلة تاريخية من التحول الاجتماعي والسياسي، جنبا إلى جنب مع تطور وتنويع في البنى الاقتصادية، مشيرا إلى أن العولمة قربت بين مجتمعي المنطقتين، مما يستدعي تنشيط الثقافة الشعبية والرياضية والموسيقى لإشباع الأجيال الناشئة من خلال السياحة والوسائط الاجتماعية.