ترحيب أوروبي بخطة إصلاحات إسبانية لخفض 40 مليار يورو من موازنة العام المقبل

بدء سريان معاهدة الاستقرار المالي الأوروبي التي توفر 800 مليار يورو كجدار حماية للدول المتعثرة

TT

دخلت معاهدة الاستقرار المالي الأوروبي حيز التنفيذ، بعدما صادقت عليها الدول الـ17 الأعضاء في منطقة العملة الموحدة.

وقال رئيس مجموعة اليورو كلود يونكر إن المعاهدة تشكل حجر الزاوية في جدار الحماية الأوروبي. وفي بروكسل، رحبت المفوضية الأوروبية بما وصفته خطة الإصلاحات الإسبانية، وتتضمن إجراءات لخفض نحو أربعين مليار يورو من الميزانية المخصصة لعام 2013 من أجل سد العجز في الميزانية العامة وتجنيب البلاد طلب الحصول على قروض إضافية من المجتمع الدولي. ورحب رئيس مجموعة اليورو جان ببدء سريان معاهدة آلية الإنقاذ الأوروبية الدائمة، بعد إغلاق عملية التصديق على معاهدة الاستقرار المالي من جانب الدول الأعضاء الـ17 في منطقة اليورو. وقال يونكر، في بيان وزع في بروكسل، إن ألمانيا أبلغت مجموعة اليورو بقرار التصديق على المعاهدة، وبعد يومين سيصل الإبلاغ الرسمي من استونيا بالتصديق على المعاهدة وبالتالي أصبحت سارية المفعول. ووصف يونكر آلية الإنقاذ الدائمة بأنها ستكون حجز الزاوية في جدار الحماية الأوروبي، وجزءا لا يتجزأ من استراتيجية شاملة لضمان الاستقرار المالي في منطقة اليورو. وأضاف أن هذا الأمر يعتبر إنجازا تاريخيا يضمن الاستقرار والاستدامة للأجيال القادمة.

وستحل الآلية الدائمة محل آلية الاستقرار المالية المؤقتة. ووجه يونكر الدعوة لمجلس إدارة الآلية المؤقتة لحضور اجتماع للمجلس الاقتصادي والمالي الأوروبي في لوكسمبورغ في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول)، وسيدعو فيه إلى تعيين كلاوس ريغلينغ، الرئيس الحالي للآلية المؤقتة، ليكون رئيسا لمجلس إدارة الآلية الدائمة. ويذكر أنه في ديسمبر (كانون الأول) 2011 أقرت القمة الأوروبية الميثاق المالي الجديد الذي يهدف إلى تشديد قواعد عجز الميزانية في دول الاتحاد الأوروبي، وقد رفضت بريطانيا وجمهورية التشيك التوقيع على الميثاق المدعوم ألمانيا. وفي 30 مارس (آذار) 2012 وافق وزراء مالية منطقة اليورو على الجمع بين صندوق الاستقرار المالي الأوروبي وآلية الاستقرار الأوروبية خلال عامي 2012 و2013، وهو ما يوفر جدار حماية ماليا بقيمة 800 مليار يورو تقريبا لمساعدة الدول الأوروبية المتعثرة.

وخلال الشهر الحالي وافقت المحكمة الدستورية الألمانية في كارلسروه على آلية الاستقرار الأوروبي، وهو ما يمثل قرارا بالغ الأهمية، لاستقرار اقتصاد دول منطقة اليورو المثقل بالديون، والحفاظ على العملة الأوروبية الموحدة، وأيضا لتحديد العلاقة بين ألمانيا وبقية شركائها في الاتحاد الأوروبي مستقبلا. وهذه الآلية ستحل محل الصندوق الأوروبي المؤقت للاستقرار المالي، وستمكن من إعادة رسملة المصارف مباشرة، وشراء سندات من الأسواق الأولية والثانوية. وقد اعتبرها الكثير من الاقتصاديين ضرورية، في حال لجوء إحدى دول منطقة اليورو إلى المساعدة الأوروبية، وكان من المفترض أن تدخل حيز التطبيق بداية يوليو (تموز) الماضي، لكن ذلك توقف على قرار المحكمة الدستورية الألمانية.

يشار إلى أن البرلمان الألماني كان قد صادق على هذه الآلية إضافة إلى الميثاق المالي بغالبية الثلثين أثناء دورة استثنائية في منتصف يوليو الماضي. ومن وجهة نظر المراقبين، فإن إحدى العوائق الرئيسية أمام حل أزمة الديون في منطقة اليورو أزيلت، بعد أن أقرت المحكمة الدستورية في ألمانيا بدستورية صندوق الإنقاذ الأوروبي المعروف باسم آلية الاستقرار الأوروبي، وفي المقابل وضعت شروطا تتعلق بالمساهمة الألمانية في هذا الصندوق مستقبلا، إذ حدد قضاة المحكمة السقف الأعلى للمساهمة الألمانية في صندوق الإنقاذ المالي، الذي لا يجب أن يتخطى حصة ألمانيا من رأسمال الصندوق أي 190 مليار يورو، مضيفين أن أي زيادة لهذا السقف مشروطة بموافقة مجلسي النواب والشيوخ.

وستمكن آلية الاستقرار الأوروبي من إعادة رسملة المصارف مباشرة، وشراء سندات من الأسواق الأولية والثانوية. وجاء ذلك بعد أن توصل حزبا الحكومة الائتلافية الألمانية والمعارضة الاجتماعية الديمقراطية والخضر إلى اتفاق للتصديق على المعاهدة المالية الجديدة للاتحاد الأوروبي في البرلمان الألماني بمجلسيه. وعقب الاجتماع، الذي عقدته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مع الزعماء وقادة الكتل البرلمانية لأحزاب الائتلاف الحكومي والمعارضة في برلين، أعلن زعيم المعارضة الاجتماعية الديمقراطية الألمانية، سيجمار غابريل، أن الاتفاق يقضي بإعداد حزمة من الإجراءات لدفع التنمية والتوظيف في الاتحاد الأوروبي. وأشار غابريل إلى أن الاتفاق يشمل أيضا مقترحات لمكافحة البطالة، ولفرض ضريبة على المعاملات المالية ورحب الاتحاد الأوروبي بما وصفه بأنه «خطة إصلاح شاملة» أعلنت عنها السلطات الإسبانية.

وقال مفوض الشؤون الاقتصادية والنقدية في الاتحاد الأوروبي أولي رين في بيان «إنها خطوة كبيرة لتوسيع وتعميق الإصلاحات الهيكلية». ورأى البيان أن «إسبانيا تواجه تحديات مهمة لتصحيح الاختلالات الكبيرة جدا في الاقتصاد الكلي، وهي تتطلب استجابة شاملة والتدابير التي أعلنت اليوم خطوة أخرى مهمة نحو التصدي لهذه التحديات». وكانت إسبانيا أعلنت في وقت سابق عن ميزانيتها التقشفية لعام 2013 مع خطة جديدة لخفض الإنفاق وافقت الحكومة الإسبانية على تحديد ميزانية تقشف شديدة الصرامة للتغلب على الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وذكرت مصادر إسبانية أن الحكومة برئاسة ماريانو راخوي خفضت نحو أربعين مليار يورو من الميزانية المخصصة لعام 2013 من أجل سد العجز في الميزانية العامة وتجنيب البلاد طلب الحصول على قروض إضافية من المجتمع الدولي.

وقال زير الخزانة الإسباني، كريستوبل مونتورو «الزيادة تأتي بسبب الفائدة الكبيرة على الدين العام والتي تقدر بنحو عشرة مليارات يورو، وهذا أمر لا يمكن لنا الوفاء به، وبالتالي يجب حفظ الأموال من خلال وقف الزيادة في الدين العام وهذا سبب مهم جدا». في الوقت الذي قامت فيه الحكومة الإسبانية بتقليص ميزانية هذا العام بنحو سبعة وعشرين مليار يورو. وقالت نائبة رئيس الوزراء الإسباني ثريا ساينز دي سانتا ماريا «الجديد في هذا الأمر هو إنشاء سلطة موازنة مستقلة مسؤولة عن توقع أي انزلاق قد يحدث مع هذه الميزانية وضمان الشفافية في جميع الأوقات». وشهدت الأيام الماضية مظاهرات ضخمة في مختلف المدن الإسبانية احتجاجا على سياسة الحكومة المالية، حيث طالب المتظاهرون باستقالة الحكومة. ويأتي ذلك فيما لا تزال المصارف الإسبانية تخفض أسعار العقارات التي تسوقها، وهي تسعى إلى بيعها كاملة قبل بداية الخريف المقبل. وفي حال لم تتمكن من ذلك فإنها ستبرز في ميزانيتها العمومية حتى الصيف المقبل.

وقد وصلت بعض التخفيضات في أسعار العقارات إلى سبعين في المائة، وهنالك تخوف من أن تحتاج إسبانيا لما يعرف بـ«المصارف السيئة» التي يتم تأسيسها لشراء الأصول غير الفعالة. وفي اليونان الوضع ليس أفضل، فهي تحاول تسويق ثمان وأربعين جزيرة غير مأهولة عبر تقسيط ثمنها لمدة تصل إلى خمسين عاما لتتمكن من تخفيض ديونها. وفي خطوة أخرى تهدف إلى إقناع الدائنين أو ما يعرف بالـ«ترويكا» الأوروبية بمصداقيتها في بيع جميع الأصول التي تملكها، تعتزم اليونان بيع حصتها في مجموعة «OPAP» للمضاربة. المجموعة التركية «دوغان هولدينغ» أعربت عن رغبتها في شراء عدد من الأسهم التي سيتم طرحها.