التائه

علي المزيد

TT

مجتمع الأعمال به النماذج الحسنة، وبه النماذج السيئة، وبه ما هو بين هذا وذاك. الاقتصاديون عندما يتحدثون عن الاقتصاد دائما ما يتحدثون عن مستقبل الاقتصاد أو يتوقعون صعود الأسواق أو هبوطها أيا كانت هذه الأسواق؛ أسهم، عقار، تجارة عامة أو غير ذلك من الأنشطة التجارية.

ويغفل الاقتصاديون مجتمع الأعمال، على الرغم من أن مجتمع الأعمال هو ثالوث الاقتصاد فالعملية الاقتصادية تقوم على ثلاثة أركان؛ رأس المال، الأرض، القوى العاملة. اليوم سأختار لكم نموذجا من نماذج مجتمع الأعمال، وأعدكم بأن أحدثكم من وقت لآخر عن نماذج أخرى. نموذجنا اليوم ابن تاجر كبير لم يكن والده يثق فيه تماما، وقد يكون ذلك لأن والده يرى أن ابنه غير مكتمل القدرات. لذلك حاول والده أن يصلح حاله، وكانت أفضل وسيلة أن يضغط عليه ماديا بحيث لم يكن يعطيه سوى ما يسد حاجته. نفع هذا الأسلوب مع الابن، وبدأ يحاول أن يجد عملا وأن يحافظ على ما في جيبه؛ في النهاية توفي والده، وورث صاحبنا ملايين الريالات، تفاجأ صاحبنا بضخامة الإرث فلجأ إلى الدين وتشييد المزارع.

بعد أن رأى صاحبنا أن أهل الدين يوصمون بالإرهابيين خفف من غلوائه، وترك هواية المزارع واتجه إلى هواية جديدة، وهي هواية السفر. يأخذ اثنين من أصحابه أو ثلاثة ويتجه إلى مدينة معينة على أنه سيمضي وإياهم عشرة أيام، ولكنه قلق كالعادة، وبعد ثلاثة أيام يمل من مدينته التي وصل فينتقل إلى مدينة أخرى فيمل أيضا فيعود لوطنه فيقلق في وطنه فيفكر في السفر مرة أخرى. وليجد المبرر لسفره لدى أسرته وعائلته يشيع أن الطبيب النفسي نصحه بأن يسافر 3 مرات كل شهرين.

أتعرفون السبب في «توهان» صاحبنا، لأنه لم يرسم هدفا يسعى لتحقيقه، حتى ولو كان هذا الهدف غير ربحي، كان ينخرط في أعمال الخير عبر الجمعيات المنتشرة في السعودية. ودمتم.

* كاتب مالي