سوق الأسهم السعودية مهددة بالخروج من دائرة اهتمام المستثمرين الأجانب

بسبب الأداء السلبي الذي لازمها خلال الفترة الماضية

سوق الأسهم السعودية أغلقت عند مستوى 6807 نقاط يوم أمس (تصوير: خالد الخميس)
TT

باتت سوق الأسهم السعودية مهددة وبشكل كبير في الخروج من دائرة اهتمام المستثمرين الأجانب خلال الفترة المقبلة، يأتي ذلك كرد فعل قوي للأداء السلبي الذي لازم مؤشر السوق السعودية خلال الفترة القريبة الماضية، إضافة للأداء السلبي التاريخي الذي لازمه منذ فبراير (شباط) 2006 وحتى الآن.

وتراجع مؤشر سوق الأسهم السعودية خلال تعاملاته يوم أمس نحو 71 نقطة بنسبة انخفاض بلغت واحد في المائة، وهي تراجعات تأتي في مستهل جلسة تداولات الأسبوع الحالي، واستمرارا للانخفاضات الحادة التي تكبدها مؤشر السوق خلال تعاملات الأسبوع الماضي والتي بلغت نحو 2.6 في المائة، ليغلق بالتالي عند مستويات 6807 نقاط، وسط سيولة نقدية متداولة بلغت 5.3 مليار ريال (1.4 مليار دولار).

من جهة أخرى، كشف مدير شركة مالية معنية بإدارة استثمارات الأفراد (طلب عدم كشف اسمه) لـ«الشرق الأوسط» أمس عن انقطاع خط مفاوضات ساخن كان يستهدف جذب رؤوس أموال أجنبية لضخها في سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية، وقال، «كان هنالك 4 مستثمرين أجانب ينوون ضخ استثماراتهم في سوق الأسهم السعودية، إلا أن المفاوضات معهم توقفت في الأسبوع الماضي نتيجة لعدم رغبتهم في ضخ أموالهم في هذه السوق بسبب الأداء السلبي الحالي».

أمام هذه التطورات، أوضح فهد المشاري الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن سوق الأسهم السعودية ما زالت تفتقد لصانع السوق الحقيقي، مضيفا: «سوق الأسهم السعودية سوق أفراد، ولن يتطور هذا السوق طالما أن الأفراد هم من يسيطرون على أكثر من 90 في المائة من تداولاته اليومية».

وطالب المشاري هيئة السوق المالية بضرورة تبني خطط فعلية لتشجيع الشركات والمؤسسات على الاستثمار في سوق الأسهم المحلية في البلاد، مع ضرورة تشجيع المتداولين الأفراد على الاستثمار طول المدى بعيدا عن المضاربات اليومية.

وفي ظل هذه المستجدات، كان قد لخص خبراء اقتصاديون ومستثمرون سعوديون، أهم التحديات التي تواجه الاستثمار في سوق الأسهم المحلية في البلاد بخمسة تحديات قادت إلى عزوف كثير من المستثمرين الأفراد عن ضخ أموالهم في هذه السوق، والبحث عن منافذ استثمارية أخرى تتصدرها تجارة «التجزئة»، وقطاع «العقارات».

وأوضح هؤلاء أن التحديات الـ5 التي تعيق الاستثمار في سوق الأسهم السعودية تتمحور في: ضعف أداء سوق الأسهم السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، وانخفاض مستوى الأمان المتعلق بالاستثمار في هذا السوق، وغياب الشركات الاستثمارية عن التداول في سوق الأسهم المحلية في البلاد واعتمادها على الأفراد، وعدم وجود دعم حكومي واضح لهذه السوق، بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة خلال الفترة الحالية.

بينما أكد فهد المشاري الخبير الاقتصادي والمالي، أن كثيرا من المواطنين السعوديين خرجوا من سوق الأسهم المحلية في البلاد خلال السنوات الـ5 الماضية دون رجعه، وقال، «الكثير من السعوديين فقد الثقة في تعاملات سوق الأسهم، والسوق يثبت يوما بعد آخر أنه يفشل في إعادة الثقة إلى نفوسهم».

من جهة أخرى تصدر سهم شركة «أمانة للتأمين» أكثر أسهم شركات سوق الأسهم السعودية تراجعا يوم أمس؛ حيث خسر 10 في المائة من قيمته ليغلق عند مستويات 245.75 ريال (65.5 دولار)، تلاه سهم شركة مدينة «المعرفة» الذي خسر 9.71 في المائة من قيمته ليغلق عند مستويات 13.95 ريال (3.72 دولار)، تلاه سهم شركة «مجموعة فتيحي» الذي انخفض بنسبة 8.17 في المائة ليغلق عند مستويات 16.25 ريال (4.3 دولار).

بينما تصدر سهم شركة «الخليجية العامة للتأمين» أسهم شركات السوق ارتفاعا بنسبة 9.77 في المائة ليغلق عند مستويات 70.25 ريال (18.7 دولار)، تلاه سهم شركة «الصادرات» الذي ارتفع بنسبة 4.4 في المائة ليغلق عند مستويات 58.5 ريال (15.6 دولار).

وكان قد أكد خبراء اقتصاد سعوديون لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو شهرين من الآن، أن سوق الأسهم المحلية تفتقد «الهوية»، وتتبع الأسواق العالمية بشكل غير منطقي.

وطالب هؤلاء بضرورة إيجاد متحدث رسمي يستطيع طمأنة المتداولين عند حدوث الأزمات، إضافة إلى وجود صانع سوق يستطيع حماية السوق من تقلبات الأسواق المالية العالمية، وقالوا «سوق الأسهم السعودية تفتقد القائد الحقيقي الذي يستطيع موازنة تداولاتها، بما يحقق المصلحة العامة للمتداولين، وللاقتصاد الوطني».

وأضافوا خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» حينها: «سوق الأسهم السعودية لا تعاني أيا من المشكلات التي تحدث في الغرب والتي تؤثر سلبا على أسواقها المترابطة، كما أنها ما زالت مغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهذا يجعل ارتباطها الأقوى بالداخل وليس الخارج».

وأكد فضل البوعينين الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» حينها، أن سوق الأسهم السعودية تفتقد «الهوية»، مضيفا: «أصبحت تابعة للأسواق المالية العالمية، ولا تستطيع تحديد مسارها المستحق، على الرغم من مقومات القوة التي تتميز بها بدءا من: نمو ربحية الشركات المدرجة فيها، وانخفاض مكررات الربحية، والنظرة المتفائلة بأرباح القطاعات الرئيسة، ومتانة الاقتصاد السعودي، والتوسع في الإنفاق الحكومي الذي ينعكس إيجابا على ربحية الشركات».

وأشار البوعينين إلى أن سوق الأسهم السعودية لم تستفد من المؤشرات الإيجابية الداخلية والخارجية، وقال، «على العكس من ذلك نجدها تتفاعل بقوة مع تراجعات الأسواق العالمية وتفقد مجمل أرباحها المحققة لأسباب خارجية يمكن احتواؤها والسيطرة عليها في الداخل».

وأضاف: «صحيح أن هناك علاقة قوية بين الأسواق المالية العالمية، ولكن تلك العلاقة يجب أن تكون محدودة في السوق السعودية، لسببين رئيسين الأول أن السعودية لا تعاني أيا من المشكلات التي تحدث في الغرب وتؤثر سلبا على أسواقها المترابطة، والثاني أن السوق السعودية ما زالت منغلقة أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وهذا يجعل ارتباطها الأقوى بالداخل وليس الخارج».

وقال البوعينين، «الأداء الحالي لسوق الأسهم السعودية يقودنا إلى إعادة طرح أهمية وجود صانع السوق الذي لا يمكن لأي سوق مالية العمل بانضباطية دون وجوده»، مؤكدا على أن السوق السعودية تفتقد القائد الحقيقي الذي يستطيع موازنة تداولاتها بما يحقق المصلحة العامة للمتداولين وللاقتصاد الوطني. وأضاف: «عندما نتحدث عن صانع السوق فنحن لا نتحدث عن من يحفظ للمستثمرين أموالهم كما يحاول بعض المسؤولين تفسيره في رفضهم فكرة صانع السوق، ولكن نتحدث عن صانع السوق الذي يضبط حركة السوق في الاتجاهين الصاعد والهابط».