نريد الحج.. لا نريد غلاء ولا هذا الرفاه

سعود الأحمد

TT

الراغبون في الحج من مختلف دول العالم، لا بد وأنهم يتطلعون من الجهات المعنية أن يقفوا في وجه هذا الغلاء الفاحش لحملات الحج. حيث لا يوجد مبرر أن يسمح لمجموعة من رجال الأعمال المستثمرين في هذا المجال، أن يجعلوا من الحج تجارة رائجة ومصدر ثراء، على حساب من يتطلعون لأداء مناسك الحج والعمرة. حتى أصبحت شعائر الله حلما بعيد المنال على معظم شرائح المجتمعات الإسلامية! بل إنه وحتى في السعودية.. وعلى الرغم أن أهلها يفترض أنهم الأوفر حظا من غيرهم (باعتبارها بلاد الحرمين)، ومع هذا تعاني الأسر السعودية والمقيمون فيها من ارتفاع تكاليف التسجيل في حملات الحج! لأن أقل حملة حج اليوم في السوق السعودية تصل إلى عشرة آلاف ريال. بمعنى أن الأسرة السعودية من حيث عدد الأبناء، تصل تكاليف حجهم إلى خمسين ألف ريال! والسؤال هنا: كم هم السعوديون الذين يستطيعون توفير مثل هذا المبلغ من دخولهم الشهرية؟! ولذلك فقد أصبحنا في السعودية لا نفكر في الحج لأكثر من مرة، وإنما نفكر في ميزانية مالية لمجرد قضاء فريضة الحج! وعلى هذا المنوال، ربما ننتقل إلى حالة من العجز عن تحمل تكاليف فريضة الحج ويهرم البعض منا ويموت دون أدائها! ناهيك عما يحصل في بقية دول العالم الإسلامي؛ حيث يقتصر الحج على طبقة الأثرياء فقط! هذا في الوقت الذي يمكن فيه للجهات المعنية بالشؤون الإسلامية (على مستوى العالم) أن تعمل شيئا للتخفيف من هذه المعاناة! والمأمول أن تدرج مثل هذه القضية في جدول أعمال اجتماعات المنظمات والهيئات المعنية بالشأن الإسلامي العالمي. وعلى أن ينظر لهذه القضية من منظور اقتصادي أسري لمختلف مسلمي العالم، ويوضع لها معالجات ناجعة على المدى القصير والطويل.

وبالمناسبة: رحم الله أيام زمان، يوم كان الحاج يحمل متاعه وخيمته على سيارته ويركب معه من يرغب من أفراد أسرته وأقاربه وجيرانه وأصدقائه للحج، ويقضي فرضه بتكاليف ميسرة جدا. والسؤال: لماذا لا تسعى وزارات الحج بالدول الإسلامية إلى تسعير حملات الحج والعمرة بمبالغ تكون في متناول الجميع؟! عوضا عن ما هو عليه الحال اليوم، من جعل فريضة الحج فرصة لكسب ملاك شركات الطوافة من الجشعين ومستغلي الفرص والأزمات! فهذه شعيرة إسلامية يفترض أنها ليست مجالا للمرابحة ينتهزها البعض على حساب المجتمع.

ولماذا لا نرى عروضا لموظفي الشركات السعودية الكبرى والجهات الحكومية بتكاليف رمزية؟! ولو من قبيل المكافآت الوظيفية! على غرار ما تفعله الشركات الأجنبية، من منح لموظفيها تتمثل في رحلات سياحية بأسعار رمزية. فلماذا لا تمنح شركاتنا ووزاراتنا مثل هذه المميزات لموظفيها وأسرهم، ولو مرة خلال العمر الوظيفي؟! وختاما.. إن ما يوفره بعض المطوفين من مبالغة في الأكل والترف والإسراف في الترفيه، يزيد على حاجة الحاج الذي يبحث عن الأجر! ويزيد من تكاليف الحج، مما يصعب على الكثيرين تحمل هذه الأعباء. فيا ليت المعنيين بالتنظيم أن يجعلوا خيارات لمن يريد الحج لمجرد السكن والتنقلات فقط، وأخرى لمن يريد السكن فقط (وهكذا) لتكون الأسعار في متناول الجميع.

* كاتب ومحلل مالي