صراع الانتخابات الأميركية يعرقل مساعدات واشنطن إلى مصر

خبراء يقللون من تأثيرها على الاقتصاد ويرون الخلاف وقتيا

TT

في الوقت الذي تحاول فيه مصر الحصول على مساعدات مالية من دول العالم لعبور أزمتها الاقتصادية، عرقل الكونغرس مساء أول من أمس تحويل 450 مليون دولار أميركي كمساعدات عاجلة إلى مصر، ونادى نواب بقطع المساعدات تماما وتحويلها لخدمة المصالح الأميركية ببلدان أخرى.

وأعلنت أميركا بعد ثورة يناير أنها تبحث إسقاط نحو مليار دولار ديونا على مصر. وقال مسؤولون مصريون إنهم توصلوا شفاهة مع الأميركان للحصول على مساعدات مالية نقدية في صورة منحة لا ترد بقيمة 450 مليون دولار، ومساعدات أخرى بقيمة 650 مليون دولار تسعى أميركا لمبادلة ديون على مصر بتلك القيمة، وتسعى القاهرة إلى إسقاط ديون بنفس القيمة.

ويرى خبراء إن عرقلة تلك المساعدات لا تعني تغيرا في توجهات الولايات المتحدة الأميركية نحو مصر. وقالوا إن ما يحدث الآن عبارة عن «صراع الانتخابات الرئاسية الأميركية» والتي من المقرر أن تبدأ الشهر المقبل، ودللوا على ذلك بأن رئيسة لجنة المخصصات المالية للعمليات الخارجية بمجلس النواب الأميركي كاي جرانجر والتي عرقلت تحويل المساعدات إلى مصر، تنتمي إلى الحزب الجمهوري الذي ينافس مرشحه ميت رومني، الرئيس الحالي باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي على منصب الرئيس.

وقالت كاي جرانجر إنها لا ترى حاجة فورية لضخ هذا المبلغ لمصر، ووصفت تقديم تلك المساعدة بـ«السابق لأوانه»، وأضافت في تصريحات صحافية لها أنها ليست مقتنعة بالحاجة الماسة لهذه المساعدة ولا يمكن أن تدعم تقديمها في الوقت الحالي.

وقالت بسنت فهمي الخبيرة المصرفية إن ما يحدث الآن امتداد للهجوم الذي يلقاه أوباما الآن بسبب مساعدته لدول الربيع العربي، ويحاول معارضوه عرقلة أي خطط يقوم بها في إطار الصراع الانتخابي.

وأضافت بسنت لـ«الشرق الأوسط» إن عدم الموافقة على تقديم مساعدات لا يعني اهتزاز العلاقة أو تغير اتجاهها بين مصر وأميركا، فلا تستطيع أميركا أن تجازف بعلاقتها مع مصر. وتابعت: «رغم أن مصر دولة تمر بضائقة مالية وتواجه صعوبات وتحديات كبيرة، فإنها مؤثرة، وتحاول كافة دول العالم جعل مصر دولة مستقرة». وأشارت إلى أن أي اضطرابات في مصر تؤثر على كافة اقتصاديات العالم، بسبب موقع مصر الاستراتيجي وقناة السويس، فإذا زادت الاضطرابات في مصر سيؤدي ذلك إلى اهتزاز التجارة العالمية وزيادة أسعار النفط إلى مستويات تؤثر على اقتصاديات العالم كله. وقالت: «الاضطرابات بين الولايات المتحدة الأميركية ومصر مؤقتة، ولن تستطيع أي إدارة الاستغناء عن مصر».

وترى بسنت أن المبلغ الذي وعدت به الولايات المتحدة لمساعدة مصر ليس كبيرا، وبالتالي فإن عدم الموافقة على منحه لمصر لن يؤثر على البلاد. وأشارت إلى أن المساعدات التي أعلنت عنها مؤسسات ودول لمصر أكثر أهمية من المساعدات الأميركية، وتساهم في حل أزمة البلاد.

وأعلنت تركيا عن تقديمها نحو ملياري جنيه لدعم الاقتصاد المصري، كما تعهدت قطر هي الأخرى بمساعدة البلاد بنفس المبلغ، فيما قالت المملكة العربية السعودية إنها ستعطي مصر مساعدات ومنحا بقيمة 4.3 مليار دولار، وقال مسؤولون إن المفاوضات مع الكويت والإمارات بشأن تقديم مساعدات للبلاد تسير بشكل جيد، وحصلت مصر على 1.5 مليار دولار من قطر والسعودية في إطار المساعدات المتفق عليها.

ومن المقرر أن توقع مصر اليوم الاثنين على اتفاق إطاري جديد لتقديم تمويل ميسر بنظام المرابحة الإسلامية بقيمة 235 مليون دولار ما يعادل نحو مليار و433 مليون جنيه وذلك لصالح الهيئة العامة للبترول والمقدم من المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة عضو مجموعة البنك الإسلامي للتنمية.

وقال ممتاز السعيد وزير المالية المصري إن هذا التمويل الجديد يأتي ضمن اتفاقيات إطارية وقعتها مصر مؤخرا مع المؤسسة الإسلامية وذلك للحصول على تمويل ميسر لتلبية احتياجات البلاد من السلع الأساسية والاستراتيجية. وبموجب الاتفاق ستضمن وزارة المالية سداد قيمة هذا الاتفاق خصما من حساباتها بالبنك المركزي المصري عند حلول موعد الاستحقاق إذا لم يتوافر بحسابات هيئة البترول ما يكفي للسداد.

وقال محمد عبد الهادي الخبير الاقتصادي إن رفض الولايات المتحدة منح مصر 450 مليون دولار لن يؤثر على تفاوضها مع صندوق النقد الدولي، وتابع قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مصر لها حصة في صندوق النقد الدولي، ولها الحق في الحصول على مساعدات منه، ولا أعتقد أن يكون الخلاف مع الولايات المتحدة مؤثرا على مباحثات مصر مع الصندوق».

وفيما يتعلق بالشرط المتعلق بتخفيض قيمة العملة المحلية التي يطالب بها صندوق النقد، قالت بسنت فهمي إنه يجب وقف دعم العملة المحلية أمام الدولار وباقي العملات، مشيرة إلى أن من أسباب نزيف الاحتياطي الأجنبي للبلاد هو دعم العملة المحلية.

وأشارت إلى أن أحاديث المسؤولين عن عدم تدخل البنك المركزي لدعم الجنيه عار تماما من الصحة، وأضافت أن المستثمرين الأجانب والمحليين يعرفون أن سعر الجنيه مقابل الدولار ليس عادلا، وبالتالي فإن ضخ أموال في السوق المصرية قد يعرضهم إلى خسارة في فرق العملات، وبالتالي فإن أحد الأسباب الرئيسية لتخوف المستثمرين الأجانب من دخول السوق المصرية هو سعر العملة المحلية.