أمانة دول الخليج تؤكد ضرورة الحد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية

دول المنطقة رفعت حجم الإنفاق لمواجهة أزمة الغذاء

أحد متاجر بيع المواد الغذائية في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي أكدت فيه الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي ضرورة الحد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تثقل كاهل المستهلك، اتفقت الدول الخليجية يوم أمس على زيادة حجم الإنتاج المحلي، وزيادة الاستثمارات الخارجية لمواجهة أزمة الغذاء التي طالت معظم أسواق العالم، وسط اتفاق ضمني على محاربة زيادة الأسعار، وحماية المستهلك، ورفع مستوى جودة الإنتاج.

وأوضحت مصادر خليجية لـ«الشرق الأوسط» عقب اجتماع عقد يوم أمس لوزراء تجارة دول المنطقة في العاصمة السعودية (الرياض)، أن وزراء تجارة دول الخليج اتفقوا على رفع توصية تتعلق بتفعيل دور حماية المستهلك في المنطقة، وقالت هذه المصادر، «تمت مناقشة تضخم أسعار السلع الأساسية وكيفية مواجهة هذا الأمر، وسط اتفاق كامل على أهمية رفع معدلات الإنتاج المحلي، وزيادة نسبة الاستثمارات الخارجية».

وناقش وزراء التجارة الخليجيون أسباب ارتفاع نسبة استيراد السلع الغذائية الأساسية من الخارج، وكيفية مواجهة هذه المشكلة؛ حيث تبلغ نسبة اعتماد دول الخليج على الاستيراد الخارجي من الغذاء واللحوم ما نسبته 80 في المائة من حجم الاستهلاك الإجمالي.

وكانت «الشرق الأوسط» قد أبرزت يوم أول من أمس، توجه دول الخليج خلال اجتماعهم المنعقد أمس لمناقشة ملف الأمن الغذائي في دول المجلس، وسط معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» حينها، تؤكد أن دول الخليج تعتزم مناقشة إمكانية ضخ استثمارات جديدة في دول أفريقية وأوروبية لحل أزمة اللحوم في المنطقة، إضافة إلى مناقشة برامج الأمن الغذائي المتعلقة بالحبوب، والأرز، والأعلاف، وهو الأمر الذي تمت مناقشته فعليا خلال اجتماع يوم أمس.

من جانبه قال الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في كلمته الافتتاحية في اجتماع وزراء التجارة الخليجيين أمس - ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة للمجلس عبد الله بن جمعة الشبلي، «أتمنى أن يسفر الاجتماع عن قرارات إيجابية تسهم في تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية وتعزيز مسيرة التعاون المباركة، من أجل تحقيق آمال وتطلعات مواطني دول المجلس، وتحقيق ما يصبو إليه الجميع من بلوغ الأهداف السامية الواردة في النظام الأساسي لهذا الصرح المبارك والمتمثلة في التكامل والترابط بين الدول الأعضاء في جميع الميادين».

وأضاف الدكتور الزياني: «لجنة التعاون التجاري أسهمت بشكل فاعل فيما حققته مسيرة مجلس التعاون الخيرة من نجاحات وتمثل ذلك في جهودها الهادفة إلى تحقيق المواطنة الاقتصادية الخليجية والسوق الخليجية المشتركة، وتطبيق المساواة بين مواطني دول مجلس التعاون، وممارسة الأنشطة التجارية في دول المجلس وتحقيق دورها الإيجابي في إنشاء عدد من الهيئات الخليجية المتخصصة مثل هيئة التقييس ومركز التحكيم التجاري وهيئة المحاسبة والمراجعة».

وذكر الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أن لجنة التعاون التجاري لها دور في تنظيم العلاقة بين القطاعين العام والخاص من خلال إشرافها على اللقاء المشترك السنوي بين الأمانة العامة لمجلس التعاون ورؤساء وأعضاء غرف بالدول الأعضاء، من خلال مشاركة وزير التجارة في الدولة المستضيفة في هذا اللقاء. وأضاف الزياني: «إن المرحلة المقبلة تتطلب من اللجنة بذل المزيد من الجهود خاصة فيما يتعلق بتوحيد القوانين والأنظمة التي تنظم النشاط التجاري وتكثيف الجهود المشتركة لحماية المستهلك في دول المجلس، والعمل على تحقيق الأمن الغذائي، والحد من ارتفاع أسعار السلع الأساسية التي تثقل كاهل المستهلك».

وأوضح الأمين العام لمجلس التعاون أن جدول أعمال الاجتماع حافل بكثير من المواضيع المهمة، وقال، «هي حصيلة جهود مكثفة قامت بها كثير من اللجان، بالإضافة إلى الأمانة العامة منذ الاجتماع الـ45 للجنة التعاون التجاري، ومن أهمها قانونا المنافسة ومكافحة الغش التجاري لدول مجلس التعاون اللذان يتطلع أن تتم الموافقة عليهما ورفعهما للمجلس الأعلى في دورته الـ33 أسوة بقانون العلامات التجارية الذي سيدرج على جدول أعمال الدورة التحضيرية للمجلس الوزاري».

وحول القطاع الصناعي، قال الدكتور الزياني، «التصنيع أصبح خيارا استراتيجيا لتحقيق النمو الاقتصادي في دول المجلس، ولهذا فقد تبنت دول المجلس كثيرا من خطط وبرامج التنمية الصناعية التي مكنتها من تهيئة مناخ استثماري ملائم تتوفر فيه معظم مقومات نجاح الاستثمار الصناعي، ووفرت بنية تحتية متكاملة للإنتاج الصناعي، وهذه المزايا والمقومات أدت إلى تعزيز القدرات التنافسية للصناعة الخليجية، وإقامة كثير من الصناعات المتطورة في فترة زمنية قياسية استطاعت أن تشق طريقها نحو الأسواق العالمية، كما أدى ذلك إلى مضاعفة عدد المنشآت العاملة بدول المجلس، وحجم ما استثمر بها من مبالغ طائلة، وإجمالي القوى العاملة بها». وأكد الزياني أن التنمية الاقتصادية التي شهدتها دول المجلس انعكست إيجابيا على مسيرة العمل الخليجي المشترك في مختلف المجالات ومنها المجال الصناعي، مضيفا: «كان للجنة الصناعية الخليجية إسهامات في تطوير وتنمية التعاون الصناعي بين دول المنطقة، ووضع الأطر والأنظمة والتشريعات اللازمة لذلك، وذلك من خلال تحقيقها كثيرا من الإنجازات، وفي مقدمتها السماح لمواطني دول المجلس بالاستثمار في القطاع الصناعي».

وقال الأمين العام لمجلس التعاون، «جدول أعمال الاجتماع حافل بعدد من المواضيع والمقترحات المهمة لتدعيم أنشطة التعاون الصناعي المشترك، ويأتي في مقدمتها التوصية بالموافقة على مشروع القواعد الموحدة لإعطاء الأولوية في المشتريات الحكومية للمنتجات الوطنية بدول المجلس، لما سيحققه اعتماد مشروع هذه القواعد من أثر فعال وإيجابي في تشجيع المنتجات الصناعية الوطنية، وزيادة قدراتها التنافسية أمام ما تواجهه من تحديات إقليمية وعالمية».

وبين الدكتور الزياني أن الأمانة العامة ما زالت تتطلع إلى قيام وزارات الصناعة الخليجية بتقديم مزيد من المقترحات العملية البناءة التي تصب في تحقيق مزيد من التنسيق والتكامل الصناعي الخليجي المشترك بوصفها الأقرب لطرح مثل هذه المبادرات الخلاقة، من خلال خبرتها الطويلة ومتابعاتها للمتغيرات الإقليمية والدولية المستمرة في هذا المجال الحيوي.

يشار إلى أنه تم عقب اجتماع وزراء التجارة الخليجيين في الرياض أمس، عقد وزراء الصناعة في دول المنطقة اجتماعا آخر بمقر الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأعرب الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة وزير التجارة والصناعة السعودي رئيس الدورة الحالية للجنة التعاون الصناعي في كلمته عن تتكلل أعمال الاجتماع بما يسهم في تعزيز العمل الصناعي الخليجي المشترك.

وكان الخليجيون قد رسموا ملامح مواصفات ومقاييس موحدة من المتوقع أن يتم تعميمها على جميع دول المنطقة عقب الانتهاء من وضع استراتيجيتها، جاء ذلك في الوقت الذي اتفقوا فيه خلال اجتماع هيئات المواصفات والمقاييس بدول المجلس مع نظرائهم وزراء التجارة والصناعة بالرياض قبل نحو شهرين، على الاعتراف المتبادل في علامات الجودة وشهادات المطابقة.

وفي اتجاه آخر يتعلق بالصناعات الخليجية، دعا وزراء الصناعة الخليجيون خلال اجتماع عقد في الرياض قبل نحو شهرين إلى أهمية أن تسهم الاجتماعات الخليجية البينية في تنمية التعاون الصناعي، وتحفيز المنتجات المصنعة محليا لضمان إعطاء الأولوية لها في الأسواق الخليجية.

وفيما يتعلق بالمقاييس الخليجية كشف المهندس نبيل ملا محافظ هيئة المواصفات والمقاييس والجودة السعودية السابق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حينها، أنه تم الاتفاق على وضع وتطوير استراتيجية موحدة للمواصفات والمقاييس الخليجية، مبينا أنه تم الاتفاق على أن هذه الاستراتيجية عقب الانتهاء منها ستستمر لمدة 3 سنوات مقبلة. وأشار ملا خلال تصريحه إلى أن المجتمعين اتفقوا على ضرورة تطبيق المواصفات والمقاييس الخليجية على أرض الواقع، موضحا أن هذا الأمر لقي اهتمام وزراء التجارة والصناعة وممثلي هيئات المواصفات والمقاييس الخليجية خلال اجتماعهم أمس.