السعودية: سهم شركة «إسمنت المدينة» مرشح لامتصاص 2.6 مليار دولار في أيامه الأولى

توقعات بأن يتم الإعلان عن إدراجه خلال الأسبوع الحالي

عدد أسهم شركة «إسمنت المدينة» الحرة يبلغ نحو 94.6 مليون سهم (تصوير: خالد الخميس)
TT

تعتزم هيئة السوق المالية السعودية خلال تداولات الأسبوع الحالي الإعلان عن إدراج سهم شركة «إسمنت المدينة» في السوق المحلية، وسط مخاوف كبيرة تسيطر على نفوس المتابعين من إمكانية أن يؤثر هذا الإدراج على تعاملات السوق بشكل كامل، إذ إنه من المتوقع أن يستحوذ سهم الشركة على سيولة نقدية عالية قد تصل إلى 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار) في الأيام الثلاثة الأولى من تداولات سهم الشركة.

ورأى مختصون مهتمون بشأن الأسواق المالية، خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن مصدر القلق الحالي يعود إلى تراجع حجم السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية خلال الأيام الماضية، مقارنة بتراجع المؤشر العام وكسره لنقاط فنية ونفسية مهمة، من أبرزها مستويات الـ7 آلاف نقطة.

واستقر متوسط حجم السيولة النقدية المتداولة في سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الماضي عند مستويات 5 مليارات ريال كمعدل تداولات يومي، وهو الرقم الذي وصفه المختصون بـ«الضعيف»، مشيرين إلى أنه في حال إدراج سهم شركة «إسمنت المدينة» خلال الأسبوع الحالي سيزداد «الضعف» العام على تداولات سوق الأسهم السعودية.

وكانت السوق المالية السعودية (تداول) قد أعلنت أنه تمت إضافة أسهم المكتتبين في شركة «إسمنت المدينة» يوم الأربعاء الماضي في محافظهم الاستثمارية، وذلك حسب الأسهم المخصصة لكل مكتتب. فيما أكد الدكتور سالم باعجاجة، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أن مؤشر سوق الأسهم السعودية لن يستطيع تجاوز نقاط المقاومة الفنية المهمة من خلال سيولة نقدية ضعيفة، وقال «هنالك تراجع ملحوظ في حجم السيولة النقدية المتداولة، وعلى النقيض حجم الشركات المدرجة في ازدياد».

وأوضح الدكتور باعجاجة أن السيولة النقدية اليومية المناسبة لسوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية يجب ألا تقل عن مستويات 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار)، وقال «هنالك عزوف واضح من المتداولين الأفراد عن سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية، هنا يجب أن تبحث الجهات التشريعية وعلى رأسها هيئة السوق المالية عن الطرق المناسبة لزيادة حجم السيولة المتدفقة».

من جهة أخرى، أوضح فيصل العقاب، الخبير الاقتصادي، أن سهم شركة «إسمنت المدينة» سيمتص خلال تداولات الأيام الثلاثة الأولى نحو 10 مليارات ريال (2.66 مليار دولار) من حجم السيولة النقدية المتداولة، وقال «إدراج سهم شركة كبرى يتجاوز عدد أسهمها الحرة مستويات الـ94 مليون سهم خلال وقت تعيش فيه سوق الأسهم المحلية في البلاد مراحل ضعف وعدم ثقة، يحتاج إلى إعادة نظر». وتمنى العقاب ألا يقود سهم شركة «إسمنت المدينة» إلى التأثير سلبا على تداولات سوق الأسهم السعودية، وقال «في مثل هذه الظروف يجب أن تكون هنالك إجراءات وقائية لمنع حدوث أي أزمة قد تحدث».

وكان السعوديون قد اكتتبوا الشهر الماضي في 50 في المائة من أسهم شركة إسمنت المدينة، والتي تمثل 94.6 مليون سهم عادي من أسهم الشركة، بسعر 10 ريالات للسهم الواحد (2.6 دولار)، في حين استمر الاكتتاب لمدة 7 أيام كاملة.

وأوضح أحمد بن عمر العبد اللطيف، عضو مجلس الإدارة المنتدب في شركة «إسمنت المدينة»، أن رأسمال الشركة سيبلغ بعد إتمام عملية الاكتتاب 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار)، مشيرا إلى أن الاكتتاب في أسهم شركة «إسمنت المدينة» يقتصر على الأشخاص السعوديين، بما في ذلك المرأة السعودية المطلقة أو الأرملة التي لها أولاد قصر من زوج غير سعودي بأن يحق لها الاكتتاب بأسمائهم لصالحها، مشيرا إلى أن الحد الأقصى للاكتتاب في أسهم شركة «إسمنت المدينة» هو 200 ألف سهم، بينما الحد الأدنى هو 50 سهما للمكتتب الواحد.

وأكد العبد اللطيف أنه ستتم الاستفادة من متحصلات الاكتتاب في إنجاز خطط الشركة التوسعية، ورفع الطاقات الإنتاجية والتصميمية لمصانعها لزيادة إنتاجيتها، وتعزيز حصتها السوقية ورفع جودة منتجاتها واستغلال ما تملكه من مزايا تنافسية لاكتساب حصة متنامية في سوق الإسمنت السعودية، مشددا على أن شركة «إسمنت المدينة» تستهدف إنتاج إسمنت عالي الجودة بنوعيه البورتلاندي العادي والبورتلاندي المقاوم للكبريت، والعمل على تطوير منتجاتها باستمرار، وتحقيق أفضل بيئة عمل للعاملين بالشركة والمحافظة على البيئة، والالتزام بالمعايير والضوابط المنظمة لذلك.

يشار إلى أن سوق الأسهم السعودية باتت مهددة وبشكل كبير بالخروج من دائرة اهتمام المستثمرين الأجانب خلال الفترة المقبلة، وذلك كرد فعل قوي للأداء السلبي الذي لازم مؤشر السوق السعودية خلال الفترة القريبة الماضية، إضافة للأداء السلبي التاريخي الذي لازمها منذ فبراير (شباط) 2006 وحتى الآن.

وكشف مدير شركة مالية معنية بإدارة استثمارات الأفراد (طلب عدم كشف اسمه) لـ«الشرق الأوسط» منتصف الأسبوع الماضي، عن انقطاع خط مفاوضات ساخن كان يستهدف جذب رؤوس أموال أجنبية لضخها في سوق الأسهم السعودية خلال الفترة الحالية، وقال «كان هنالك 4 مستثمرون أجانب ينوون ضخ استثماراتهم في سوق الأسهم السعودية، إلا أن المفاوضات معهم توقفت الأسبوع الماضي نتيجة لعدم رغبتهم في ضخ أموالهم في هذه السوق بسبب الأداء السلبي الحالي».

أمام هذه التطورات، أوضح فهد المشاري، الخبير الاقتصادي والمالي، لـ«الشرق الأوسط»، أن سوق الأسهم السعودية ما زالت تفتقد لصانع السوق الحقيقي، مضيفا «سوق الأسهم السعودية سوق أفراد، ولن تتطور هذه السوق ما دام الأفراد هم من يسيطرون على أكثر من 90 في المائة من تداولاته اليومية».

وطالب المشاري هيئة السوق المالية بضرورة تبني خطط فعلية لتشجيع الشركات والمؤسسات على الاستثمار في سوق الأسهم المحلية في البلاد، مع ضرورة تشجيع المتداولين الأفراد على الاستثمار طويل المدى بعيدا عن المضاربات اليومية.

وفي ظل هذه المستجدات، كان خبراء اقتصاديون ومستثمرون سعوديون قد لخصوا أهم التحديات التي تواجه الاستثمار في سوق الأسهم المحلية في البلاد بخمسة تحديات قادت إلى عزوف كثير من المستثمرين الأفراد عن ضخ أموالهم في هذه السوق، والبحث عن منافذ استثمارية أخرى تتصدرها تجارة «التجزئة»، وقطاع «العقارات».

وأوضح هؤلاء أن التحديات الـ5 التي تعوق الاستثمار في سوق الأسهم السعودية تتمحور في: ضعف أداء سوق الأسهم السعودية خلال السنوات القليلة الماضية، وانخفاض مستوى الأمان المتعلق بالاستثمار في هذه السوق، وغياب الشركات الاستثمارية عن التداول في سوق الأسهم المحلية في البلاد واعتمادها على الأفراد، وعدم وجود دعم حكومي واضح لهذه السوق، بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع السياسية في المنطقة خلال الفترة الحالية.