كريستين لاغارد: دول الخليج أسهمت بشكل كبير في تحقيق الاستقرار المالي العالمي

وزير المالية السعودي: المملكة لا تزال تجري مفاوضاتها لزيادة حصتها في رأس مال الصندوق

وزراء المالية الخليجيون والأمين العام لدول مجلس التعاون والمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي خلال الاجتماع المشترك بين لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة المحافظين (رويترز)
TT

قالت كريستين لاغارد، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، إن الدور الكبير الذي تقوم به دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من أجل تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي بدول المجلس، والتي تعد من بين الدول المصدرة للنفط، أسهم بدور مهم في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الدولي خلال الفترة الماضية. وأوضحت لاغارد أن صندوق النقد الدولي يرغب في زيادة تعاونه المستمر مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك بما يعود نفعه على دول المجلس والعالم ويسهم في زيادة الاستقرار والتعاون الدولي.

وأضافت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي «أتقدم بجزيل الشكر لدول المجلس لقاء الجهود التي قامت بها لإيجاد استقرار في الوضع المالي بالاقتصاد العالمي، إضافة إلى استقرار الوضع المالي في دول منطقة الخليج العربية»، مشيرة إلى أن الاستقرار العالمي يجب أن يحظى بأسعار نفط مستقرة، إضافة إلى وجود إدارة مالية على المستوى الاقتصادي في هذا الجانب.

وجاء حديث لاغارد في مؤتمر صحافي عقد البارحة في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي، والدكتور عبد اللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، يوم أمس على هامش مشاركتها في الاجتماع المشترك بين لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة المحافظين بدول مجلس التعاون، بمشاركة صندوق النقد الدولي.

وتابعت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي «كما تعرفون فإن عوامل الاستقرار في منطقة الخليج العربي، أو الاستقرار في الاقتصاد العالمي، تمثل الدور الذي تقوم به دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تمر بمرحلة انتقالية، ولهذا السبب ستكون هناك شراكة بين الصندوق ودول مجلس التعاون من أجل معرفة ما هي التوجهات الداعمة لدول المجلس تجاه هذه الدول التي تمر بمرحلة انتقالية»، من جهته، قال الدكتور إبراهيم العساف، وزير المالية السعودي رئيس لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، المنعقدة أمس بالرياض، إن السعودية التي قدمت مساهمة مالية بلغت 15 مليار لدعم الاقتصاد العالمي عبر صندوق النقد الدولي، لا تزال تجري مفاوضاتها الحالية مع الصندوق لزيادة حصتها في رأسمال الصندوق، وإن المملكة أعلنت في شهر أبريل (نيسان) الماضي عن هذه المساهمة والغرض منها.

وأضاف الدكتور العساف أن «مساهمة السعودية تمثلت عبر جزءين، القروض التي تقدم وزيادة حصتها في رأسمال الصندوق، وهو ما تجري النقاشات بشأنه حاليا مع إدارة الصندوق»، مشيرا إلى أنه تم الانتهاء من الاجتماع الثانوي اليوم مع لاغارد لمناقشة عدد من القضايا المهمة ومن بينها الوضع الاقتصادي في العالم وتوقعات النمو الاقتصادي والوضع في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية ومختلف دول العالم والحوار حول السياسات الاقتصادية لدول مجلس التعاون ورأي الصندوق فيها، إضافة إلى ما يتم من نقاش بين كل دولة والصندوق في إطار الحوار الثنائي وبحث دور الصندوق في مساعدة الدول العربية والتعاون مع دول المجلس.

وأكد وزير المالية السعودي أنه تم بحث دور الدول العربية ومن بينها دول مجلس التعاون في دعم جهود صندوق النقد الدولي، والتعاون المالي وحصص دول المجلس في رأسمال الصندوق، مبينا أن الصندوق قدم خلال الاجتماع المشترك ورقتي عمل حول السياسات المالية لدول المجلس، لافتا إلى أن ذلك وجد استحسانا من كريستين لاغارد التي أكدت على دور دول المجلس في دعم اقتصادات الدول العربية والاقتصاد العالمي، إضافة إلى بحث زيادة عدد الموظفين العرب في الصندوق وزيادة التعاون الفني ومتابعة اجتماعات طوكيو المقبلة. وبالعودة إلى لاغارد فقد أشارت إلى أن صندوق النقد قدم 8 مليارات دولار لعدد من الدول العربية، ومن بينها الأردن واليمن والمغرب، وهناك مفاوضات حاليا مع مصر، كما أن دول مجلس التعاون قد قدمت بدورها 7 مليارات دولار، وهو ما يؤكد عزم هذه الدول على المساهمة في إنعاش اقتصادات الدول العربية التي تعاني من أزمات حاليا، وهو دور يسهم في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي. وأضافت «تم خلال الاجتماع بحث رؤية الصندوق حول الوضع الاقتصادي العالمي خاصة في منطقة اليورو والولايات المتحدة الأميركية»، مشيرة إلى أن دول مجلس التعاون تميزت باقتصاد جيد ومنتعش وحققت نموا جيدا في عام 2011، في الوقت الذي يتوقع أن يستمر فيه هذا النمو خلال الفترة المقبلة، وهو أمر يرحب به الصندوق الدولي، إضافة إلى طرح توظيف المزيد من المواطنين العرب في إدارة الصندوق في الفترة المقبلة.

وأشارت إلى أن صندوق النقد الدولي قد تلقى تعهدات بتقديم 4 مليارات دولار، على أن يتم في اجتماع طوكيو المقبل توقيع قروض تبلغ قيمتها الإجمالية 200 مليار دولار، مشيرة إلى أن العالم واجه خلال السنوات الخمس الماضية أزمات مالية صعبة، وتم وضع سياسات لعلاجها، وأسهم الصندوق بدوره في مساعدة العديد من تلك الدول التي عانت أزمات مالية وحقق بعضها بعض التقدم والنجاح كدول لاتفيا وآيرلندا.

وحول مفاوضات صندوق النقد الدولي مع الحكومة المصرية، قالت لاغارد «المفاوضات مع مصر تتم حاليا عبر فرق عمل تبحث تقديم قروض لإنعاش الاقتصاد المصري، بوصف مصر من بين الدول الأعضاء في الصندوق ويمكن تقديم مساعدة مالية لها إذا تحققت بعض المتطلبات التي تعمل الحكومة المصرية حاليا على توفيرها».

وأكدت أن إعادة هيكلة الديون اليونانية تتم حاليا بالتفاوض مع الحكومة اليونانية، وتم إحراز بعض التقدم، لافتة إلى أن النقاشات تبحث حاليا مسائل وقضايا الإصلاح الاقتصادي في جوانبه المالية والتمويل والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد اليوناني.

وحول عملية الموازنة بين تقديم القروض للدول وضمان استردادها، قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي «دور الصندوق يتمثل في دعم الدول الأعضاء عن طريق وسائل متعددة، من بينها تقديم القروض، والتي تسهم في إنعاش الاقتصاد والأسواق والاقتصاد في الدول المعنية ومن ثم سدادها في فترة لاحقة، مؤكدة أن «الصندوق يضع متطلبات وشروطا يجب الوفاء بها لضمان تقديم تلك القروض».

وكان الاجتماع المشترك بين لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة المحافظين بدول مجلس التعاون بمشاركة صندوق النقد الدولي عقد البارحة في الرياض برئاسة الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية، وبمشاركة وزراء المالية بدول المجلس والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد. وقال وزير المالية السعودي في كلمته الافتتاحية للاجتماع إن الاقتصاد العالمي يواجه حاليا تحديات جسيمة تتطلب من الجميع التعاون لحلها لاستعادة الثقة في الأسواق الدولية والتخلص من آثار الأزمة المالية العالمية، وأهمية قيام الدول المتقدمة بالتعامل مع أسباب تلك الأزمة ومسبباتها.

وأكد على أهمية التعامل مع التطورات الحساسة التي تتعرض لها بعض البلدان في منطقتنا عن طريق تعزيز التعاون والتكاتف، لافتا إلى أن جميع دول مجلس التعاون قد قامت بتقديم الدعم السخي لتلك البلدان التي كانت في حاجة ماسة لتقديم العون والمساعدة مع العمل من أجل المساهمة في تنويع مصادر النمو في دولها وتوفير فرص الوظائف للمواطنين وزيادة الانتعاش والاستقرار المالي في دول المجلس.

وقال الدكتور العساف «نجتمع اليوم والظروف الاقتصادية والسياسية التي تعيشها الدول المحيطة بمنطقتنا تشهد تطورات دقيقة وحساسة تستوجب منا التعامل معها بمزيد من التكاتف والتلاحم بين دولنا أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما كان وراء مبادرة خادم الحرمين الشريفين لإخوته قادة دول المجلس في قمتهم الثانية والثلاثين المنعقدة بمدينة الرياض في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2011، بتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد».

وأضاف «مدركون جميعا أن الاستجابة لتطلعات قادتنا بهذا الخصوص تستلزم منا التعامل مع المهام المناطة بنا وعلى رأسها متطلبات الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة والاتحاد النقدي بحرص أكبر من ذي قبل، وتكثيف أعمالنا واللجان التابعة للجنتنا، وتجاوز أي تحفظات على أعمال هذه اللجان بما يسهل إنجاز أعمالها وتسهيل الطريق نحو الوصول إلى طموحات قادتنا وشعوبنا».

إلى ذلك، قال الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون «إن الاجتماع سيتضمن مناقشة مقترح وزير الدولة للشؤون المالية بالإمارات بشأن تعزيز التكامل والاندماج الاقتصادي بين دول المجلس، إضافة إلى مناقشة قانون نظام العلامات التجارية بدول مجلس التعاون الذي أوصت لجنة التعاون التجاري برفعه للمجلس الأعلى في دورته الثالثة والثلاثين».

وبالعودة إلى وزير المالية السعودي فإنه تحدث لصحافيين يوم أمس قائلا إن من أهم المواضيع التي تمت مناقشتها في الاجتماع متابعة قرارات القمة والإجراءات المتعلقة باستكمال السوق المشتركة والاتحاد الجمركي، بالإضافة إلى التعاون مع التجمعات والدول الأخرى وهذا ستتم مناقشته استعدادا لمؤتمر القمة المقبل.

وأكد أن بلاده مستعدة لأي انتكاسات اقتصادية مستقبلة، وذلك باللجوء للاحتياطيات التي تم بناؤها، مشيرا إلى أن السياسة التي تقوم بها حكومة خادم الحرمين الشريفين أثبتت نجاحها في مواجهة الأزمة المالية في 2008، حيث كانت المملكة مستعدة من خلال احتياطيات كافية، حيث استمر البرنامج التنموي والاستثماري، وعلى الرغم من الانخفاض الحاد في أسعار البترول فلم تخفض المملكة إنفاقها الاستثماري. وقال «مستعدون في حالة وجود انتكاسة، لا سمح الله، للجوء إلى هذه الاحتياطيات، وهذا في الواقع يعكس أهمية بناء احتياطيات كافية لتنفيذ السياسات الاستثمارية على المدى المتوسط وليس على المدى القصير».