«جدوى للاستثمار»: تداولات المستثمرين الأجانب تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي حجم التداول

قالت إنهم أكثر التصاقا وتفاعلا مع الاقتصاد العالمي المؤثر بدرجة كبيرة على أسعار الأسهم في السعودية

التغيرات الكبيرة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى سوق الأسهم السعودية تعقبها غالبا تحركات واضحة في مؤشر «تاسي» («الشرق الأوسط»)
TT

قال تقرير اقتصادي، أمس، إن تداولات المستثمرين الأجانب تمثل نسبة ضئيلة من إجمالي حجم التداول في سوق الأسهم السعودية، بلغ متوسطها اليومي 1.1 في المائة منذ مارس (آذار) 2009، مشيرا إلى أنه لم يتعدّ 0.7 في المائة لفترة الأشهر الـ6 الأولى من العام الحالي، في المقابل، شكلت تداولات المستثمرين السعوديين الأفراد منذ مارس 2009 نحو 89.3 في المائة من إجمالي التداول.

وأشار التقرير الصادر من شركة «جدوى» للاستثمار إلى أن التغيرات الكبيرة في تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى سوق الأسهم السعودية تعقبها غالبا تحركات واضحة في مؤشر «تاسي»، مما يعني إمكانية استفادة المستثمرين المحليين من رصد تحركات المستثمرين الأجانب في السوق.

وأضافت شركة «جدوى» للاستثمار: «في 6 من الحالات الـ7 التي تغير فيها صافي الاستثمارات الأجنبية الشهرية بأكثر من 750 مليون ريال (200 مليون دولار)، نجد أن (تاسي) تحرك في نفس ذلك الاتجاه في الشهر التالي. ونعزو ذلك إلى ارتفاع درجة رصد التطورات في الأسواق العالمية بواسطة المستثمرين الأجانب وسرعتهم في إعادة موازنة محافظهم الاستثمارية مقارنة بالمستثمرين المحليين الذين ينصب تركيزهم على الأوضاع المحلية».

وأضاف التقرير: «سمح للمستثمرين الأجانب بدخول سوق الأسهم السعودية، عقب إجازة نظام مبادلة في أغسطس (آب) 2008، غير أن نشر البيانات عن نشاط الأجانب في السوق، لم يبدأ إلا في مارس 2009، تمثل تداولات المستثمرين الأجانب إشارة مهمة للمستثمر المحلي، على الرغم من صغر حجمها، ونستطيع التأكد من هذه العلاقة بالنظر إلى التغير في صافي مشتريات المستثمرين الأجانب في شهر ما مقارنة بالشهر السابق، ثم مقارنة ذلك بالتغير الذي يحدث في مؤشر (تاسي) خلال الشهر التالي».

وذكر التقرير أنه كمثال بلغ قيمة صافي مشتريات الأجانب في يناير (كانون الثاني) 2012 نحو 257 مليون ريال (68.5 مليون دولار) مقارنة بصافي مشتريات قدرها 153 مليون ريال (40.8 مليون دولار) في ديسمبر (كانون الأول) 2011، أي بزيادة قيمتها 104 ملايين ريال (27.7 مليون دولار)، وأعقب ذلك ارتفاع «تاسي» بنسبة 9.7 في المائة في الشهر التالي أي فبراير (شباط) 2012.

وأضاف: «تبدو العلاقة ضعيفة إذا نظرنا إلى الفترة ككل، وهي 41 شهرا بين مارس (آذار) 2009 وسبتمبر (أيلول) 2012، فالمؤشر تحرك في 25 من تلك الشهور في نفس الاتجاه الذي اتخذه التغير في تدفق الاستثمارات الأجنبية خلال الشهر السابق، بينما تحرك في الاتجاه المعاكس في 16 شهرا، لكن هناك تفسيرا منطقيا لذلك، حيث إن التغيرات الشهرية في التدفقات الاستثمارية تأتي صغيرة في كثير من الأحيان، ولا تعكس تغيرا في شهية المستثمرين نحو السوق السعودية».

وتابع التقرير: «لكن عند استعراض التغيرات الكبيرة في التدفقات الأجنبية، يتضح لنا وجود علاقة بين هذه التدفقات وحركة (تاسي)، ويلاحظ أنه خلال الفترة التي توفرت فيها بيانات عن التدفقات الاستثمارية هناك 7 أشهر شهدت تغيرا بذلك الحجم، تحرك (تاسي) في 6 منها، في نفس اتجاه التغير في الشهر التالي».

وفي بعض الحالات، كانت شهية المستثمر الأجنبي والمحلي متجانسة، لذلك جاءت التغيرات الكبيرة في صافي مشتريات الأسهم عبر نظام مبادلة متوافقة مع تغيرات مشابهة في السوق المحلية. ولفت إلى أنه كمثال استجاب المستثمرون الأجانب والمحليون بنفس الطريقة للأحداث السلبية الرئيسية، مثل أزمة ديون دبي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، وزيادة الغموض بشأن الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط في يناير (كانون الثاني) 2011، ويوضح أن التأثير المتواصل للحدث المعين انعكس على أداء «تاسي» في الشهر التالي في كلتا الحالتين، لكن في حالات أخرى جاء التغير كجزء من اتجاه ظل متواصلا لعدة أشهر.

وعلى الرغم ذلك، هناك أمثلة واضحة استبق فيها المستثمرون الأجانب نظراءهم المحليين في اكتشاف نقطة التحول في السوق - تحديدا في فبراير (شباط) 2011 ومارس (آذار) 2012 - أما الحالة الوحيدة التي تحرك فيها «تاسي» في اتجاه مخالف لتغير كبير في صافي التدفقات الأجنبية في الشهر السابق، فقد كانت في سبتمبر (أيلول) 2011، حيث عمل الارتفاع المعتاد في السوق عقب رمضان على موازنة التأثير الناجم عن تراجع الأسواق العالمية. وأوضحت «جدوى» الظروف التي اكتنفت كل حالة من تلك التغيرات الكبيرة.

أبريل (نيسان) 2009: تراجعت معظم الأسواق العالمية، و«تاسي» إلى أدنى مستوياتها خلال الأزمة المالية في مارس (آذار) 2009، مما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم إلى مستويات متدنية لم تبلغها منذ مدة أغرت المستثمرين الأجانب والمحليين بالعودة إلى السوق.

نوفمبر (تشرين الأول) 2009: تسببت أزمة ديون دبي في انسحاب الاستثمارات الأجنبية بمستوى كبير. يناير (كانون الثاني) 2011: أدى تفاقم الاضطرابات السياسية الإقليمية خاصة في مصر إلى هروب جزء مقدّر من الاستثمارات الأجنبية خارج السوق السعودية.

فبراير (شباط) 2011: عاد المستثمرون الأجانب بسرعة إلى السوق السعودية، بعد أن أدت التراجعات الكبيرة، الشهر السابق، إلى هبوط أسعار الأسهم، إلى مستويات مغرية جدا عندما لجأ المستثمرون المحليون لتسييل محافظهم، تحسبا للأوضاع المضطربة في المنطقة. بلغ «تاسي» أدنى نقطة له في مطلع مارس (آذار) 2011.

أغسطس (آب) 2011: دفعت الأحداث العالمية (خاصة خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وتفاقم التوتر في منطقة اليورو وضعف البيانات الاقتصادية) المستثمرين الأجانب إلى تقليص انكشافهم أمام الأصول المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك الأسهم السعودية. فبراير (شباط) 2012: أدت الثقة بشأن التوقعات المستقبلية لمؤشر «تاسي» واحتمال فتح السوق أمام الاستثمار المباشر إلى زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء تجاه السوق السعودية.

مارس (آذار) 2012: أدت المخاوف بشأن الارتفاع الحاد في أسعار الأسهم وكذلك سلامة الاقتصاد العالمي إلى قيام المستثمرين الأجانب بجني الأرباح، في حين استمر تدفق الاستثمارات المحلية إلى السوق السعودية يعمل على رفع أسعار الأسهم. بلغ «تاسي» ذروته في مطلع أبريل (نيسان) 2012.

وتعتقد «جدوى» أن مقدرة حركة التدفقات الأجنبية الكبيرة على التنبؤ بمسار السوق تعود إلى الاختلافات في قاعدة المستثمرين، فمعظم مشتريي الأسهم عبر نظام مبادلة مؤسسات أجنبية ترصد بشكل جيد المخاطر التي تكتنف الاقتصاد العالمي وتبني قراراتها الاستثمارية على المعطيات الأساسية للسوق والشركات، في حين نجد أن المستثمرين المحليين في الغالب أفرادا يركزون على الأوضاع المحلية أكثر من تركيزهم على اتجاهات الاقتصاد العالمي، ويتأثرون في الغالب بدرجة كبيرة بالإشاعة والحالة النفسية في الأسواق.

وأضافت: «من شأن توسيع فتح السوق المحلية أمام المستثمرين الأجانب المساهمة في رفع كفاءتها وجعلها أكثر ارتباطا بالأسواق العالمية، كما سيجعل السوق أقل عرضة لتكرار فترات الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم وأكثر تجاوبا مع المعطيات الأساسية للشركات».

وبرهنت بيانات المستثمرين الأجانب، التي يتم نشرها بصفة يومية في الأسواق الأخرى في المنطقة على أن قرارات المستثمر الأجنبي تؤثر بشدة على قرارات المستثمر المحلي. ولا يعني ذلك أن المستثمر الأجنبي أكثر دقة من نظيره المحلي، بل يعكس حقيقة أن المستثمر الأجنبي أكثر التصاقا وتفاعلا مع الاقتصاد العالمي، الذي يؤثر بدرجة كبيرة على أسعار الأسهم في المملكة.