دول الخليج تواجه أزمة شح المياه بمشروع جديد للربط المائي

بتكلفة أولية تصل إلى مليار دولار

المهندس عبد الله الحصين وزير المياه والكهرباء السعودي اثناء المنتدى
TT

تتجه دول الخليج إلى تحقيق مشروع «الربط المائي» خلال الفترة المقبلة، يأتي ذلك عقب نجاح ملموس حققته في مشروع «الربط الكهربائي»، حيث من المزمع أن يرفع وزراء المياه والكهرباء الخليجيون التوصيات الختامية لاجتماعهم المنعقد في الرياض أمس إلى قمة قادة دول المجلس لإقرارها، وهي التوصيات التي تتصدرها دراسة مشروع تتعلق بالربط المائي بين دول المجلس، بتكلفة أولية تصل إلى مليار دولار.

ومن أهم ملامح مشروع الربط المائي الخليجي أن يكون مصدر المياه عن طريق بحر العرب، أو بحر عمان، عوضا عن بحر الخليج العربي، عند حدوث أي طارئ أو شح في حجم المياه المتدفقة من الخليج العربي.

وفي هذا السياق، قال المهندس عبد الله الحصين وزير المياه والكهرباء السعودي عقب اجتماع يوم أمس: «الربط الكهربائي الخليجي يسير بشكل حسن في سنته الثالثة، إذ أثبت جدواه اقتصاديا وتقنيا من خلال ما تم في العام الماضي، حيث كان هنالك أكثر من 600 عملية تبادل للطاقة بين دول الخليج في حالات الطوارئ، وهو ما يؤكد أهمية الربط الكهربائي».

وأوضح المهندس الحصين أن نجاح عملية الربط الكهربائي بين دول المجلس، قاد إلى اقتراح آخر ينص على إقرار مشروع الربط المائي بين دول المجلس، مضيفا: «تم إعادة الصياغة المرجعية لمشروع الربط المائي بعد أن تمت دراسته في السابق، وتمت خلال اجتماع يوم أمس مناقشة عمل الدراسة بعد تعديلها، من أجل أن يتم عرضها على قادة دول المجلس لإقرارها».

وأكد الحصين أن مشروع «الربط المائي» يعالج أزمات شح المياه، وقال: «يستهدف المشروع أيضا تحسين وضع الصناعة المائية في دول الخليج، من خلال توحيد المواصفات لمحطات التحلية وخطوط النقل وغيرها، بهدف توفير المياه».

وعلى صعيد المنطقة العربية، أوضح وزير المياه والكهرباء السعودي أن هنالك دراسة تشرف عليها الجامعة العربية للربط الكهربائي العربي بين دول المنطقة، وقال: «تمر هذه الدراسة الآن بالمرحلة الاستشارية، خصوصا أن هناك الكثير من الربط الكهربائي القائم بين بعض الدول العربية كدول شمال أفريقيا ومصر والأردن وسوريا، والربط الخليجي والربط بين السعودية ومصر الذي ما زال في طور الدراسة»، مبينا أن مشروع الربط الكهربائي السعودية – المصري لم يتم البدء في تنفيذه بسبب عدم إقراره حتى الآن.

وقال الحصين: «كما تم يوم أمس مناقشة المشروع الهام والحيوي للربط المائي بين دول المجلس للعمل على الإسراع في خطواته التنفيذية، بالإضافة إلى مناقشة ودراسة مواضيع أخرى تتعلق بالتعاون الفني المشترك مثل توحيد المواصفات الكهربائية والمائية بين دول المجلس، إذ تم استعراض 15 مواصفة كهربائية ما زالت قيد الإنجاز»، مبينا أن التكلفة الرأسمالية لمشروع الربط المائي تقدر بمليار دولار، وذلك لإنشاء شبكات الربط ومحطات التحويل فقط.

إلى ذلك، عقدت أمس أعمال اجتماع لجنة التعاون الكهربائي والمائي لوزراء المياه والكهرباء بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في دورتها الـ25 برئاسة وزير المياه والكهرباء المهندس عبد الله بن عبد الرحمن الحصين، وذلك بمقر الأمانة العامة لدول مجلس التعاون بالرياض.

وأشاد المهندس الحصين في كلمته الافتتاحية بالجهود الموفقة التي أدت إلى تحقيق عدة إنجازات خلال الفترة الماضية، والخروج بنتائج وتوصيات إيجابية مثمرة لدول المجلس، مبينا أن هذه التوصيات أسهمت إسهاما فاعلا في نمو وتطوير النظم الكهربائية والمائية، منوها في الوقت ذاته بالجهود التي بذلها وكلاء وزارات الكهرباء والمياه والمختصين في الوزارات والمؤسسات المعنية بدول المجلس للتحضير للاجتماع ومتابعة تنفيذ ما يصدر عنه من قرارات.

وأكد وزير المياه والكهرباء السعودي على أهمية استمرار التعاون المخلص والبناء لتحقيق أعلى مستوى من التعاون في مجالي المياه والكهرباء، وقال: «تحقق الغرض الرئيسي من مشروع الربط الكهربائي بدعم الربط الكهربائي للشبكات الكهربائية للدول الأعضاء في حالات الطوارئ مما أدى إلى خفض تأثير فقد المولدات والأحمال أو انفصال أحد مكونات الشبكة الكهربائية».

وقال المهندس الحصين «إن الدعم المقدم من خلال شبكة الربط الخليجي تتراوح ما بين 50 إلى 682 ميغاواط، فيما بلغ إجمالي الطاقة المتبادلة بين شبكات الدول المترابطة خلال عام 2011. ما يزيد على 315 ألف ميغاواط/ساعة».

وأشار الحصين إلى أن اللجنة كان لها دور بارز في مجال تحلية المياه تمثل في إقرار الشروط المرجعية لتصنيع قطع غيار والمواد المستخدمة في صناعة التحلية بدول مجلس التعاون، إضافة إلى الكثير من المواضيع الهامة التي نوقشت خلال دورات المجلس السابقة.

وأوضح وزير المياه والكهرباء السعودي في كلمته أن اجتماع أمس ناقش عدة مواضيع من أبرزها زيادة كفاءة النظم الكهربائية والمائية بتطوير وتحسين المواصفات الفنية الكهربائية والمائية، وتحقيق الموثوقية والاستدامة بالربط الكهربائي والمائي، وكذلك الحد من الإسراف في استخدام المياه والكهرباء بترشيد الاستهلاك.

من جانبه قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية عبد الله بن جمعة الشبلي أن دول المجلس لا تزال تخطو بوتيرة متسارعة في مجال التعاون الكهربائي والمائي، مضيفا: «كما كان للجنة التعاون المائي والكهربائي دور كبير في تحقيق هذا التطور من خلال تبني عدد من السياسات والبرامج الكهربائية والمائية والسعي المستمر لتعزيز الوسائل والسبل الكفيلة بتطوير وتقدم قطاعي الكهرباء والماء».

وأوضح الزياني أن من أبرز الإنجازات التي تم تحقيقها يتعلق بمشروع الربط الكهربائي، معربا عن أمله بأن يتم ربط سلطنة عمان خلال الفترة القريبة ليكتمل عقد الربط الكهربائي حسب الخطة المرسومة.

وعبر الزياني عن تطلعه للعمل من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات لخدمة مسيرة التقدم والنماء في دول المجلس بما يحقق الآمال ويسهم في تحقيق تطلعات القادة للنهوض بحاضر دول المجلس وتوفير كل المقومات لبناء المستقبل، مشيرا إلى أن جدول أعمال الاجتماع حافل بالكثير من المواضيع المهمة ومن أهمها مشروع الربط المائي بين دول مجلس التعاون، ووضع استراتيجية شاملة بعيدة المدى للمياه في دول المجلس، واستكمال تنفيذ مشروع الربط الكهربائي، ومتابعة سير العمل في اللجان الفنية المشتركة.

وقال الزياني: «كل هذه الأعمال تتطلب تعاونا وثيقا وتضافرا للجهود لدعم قدرات دول المجلس في إطار مواجهة التحديات، وتحقيق التنمية المستدامة من أجل بلوغ الهدف المنشود، والانتقال إلى مراحل أخرى من مراحل التكامل وتنسيق الجهود على كافة المستويات الإقليمية والدولية».

وحول ملف المياه، أكد الأمين العام لمجلس التعاون أن التحديات التي تواجه دول المجلس في مجال المياه كثيرة، رافضا اختصار التحديات في موضوع شح مصادر المياه فقط، مضيفا «ملوثات المياه تزداد تنوعا وشراسة، كما أننا ما زلنا نفتقر إلى استراتيجية خليجية شاملة بعيدة المدى بشأن المياه تضمن تحقيق الأمن المائي الذي نصبو إليه جميعا».