«أرامكو» السعودية: المرتشي في قضية «تايكو» الأميركية موظف سابق مفصول من الخدمة وليس مسؤولا

أكدت أن حادثة الرشوة المكتشفة لم تكن الوحيدة خلال السنوات الماضية

TT

أعلنت شركة «أرامكو» السعودية أن تحقيقاتها حول قضية الرشوة المرتبطة بشركة «تايكو» الأميركية، التي أدينت الشهر الماضي بالفساد ودفع رشى بأكثر من 488 مليون دولار لموظفين في أربع شركات خليجية بينها «أرامكو»، توصلت إلى أن المتورطين في تلقي الرشى داخل الشركة مجرد موظف واحد سبق أن كشفت الشركة في عام 2009 إدانته قبل أن تحدده التحقيقات الأميركية، مما قاد إلى فصله من الخدمة في الشركة.

وقالت «أرامكو» في بيان صحافي أمس: «المتهم في قضية الرشوة في ما يتعلق بها هو موظف سابق أدين في هذه القضية كان قد تم فصله من الخدمة في عام 2009». وقالت إن المعلومات التي تلقتها من «تايكو» تعزز تحقيقاتها، «حيث إن الموظف الوحيد الذي أوردت شركة (تايكو) اسمه في ردها هو نفسه الموظف الذي حددته (أرامكو) السعودية في التحقيق الذي أجرته في عام 2009 وقامت بفصله من الخدمة مع حرمانه من جميع العوائد». وقالت «أرامكو» إن هذه الحادثة «لم تكن الوحيدة التي اكتشفتها على مدى السنوات العديدة الماضية، حيث تمكنت إجراءات التدقيق الداخلية في (أرامكو) في ما سبق من كشف مخالفات لخطط أخلاقيات العمل في الشركة من قبل عدد من الأفراد الذين تم فصلهم من الخدمة، كما تم خلال الفترة نفسها إيقاف أو إنهاء التعامل مع العديد من الشركات – المحلية والعالمية – نتيجة ممارسات التدليس أو الغش».

ونفت «أرامكو» وجود مسؤولين في دائرة الاتهام، وقالت إن ورود عبارة «مسؤول» في وثائق «تايكو» «تستخدم للإشارة إلى أي موظف في شركة مملوكة للدولة بصرف النظر عن منصبه»، وإن «الموظف الذي تأكدت (أرامكو) السعودية من أنه قد قبل رشى في القضية السابقة الخاصة بالشركة المنتسبة لـ(تايكو) كان متخصصا فنيا وليس (مسؤولا) يشغل أي منصب من مناصب الإدارة».. في حين ذكر خالد الفالح رئيس «أرامكو» السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، أنه «من المؤسف أن تصرفا غير لائق من شخص واحد يمكن أن يلوث سمعة الشركة التي يبذل موظفوها قصارى جهدهم للمحافظة عليها».

ويوم أمس أصدرت «أرامكو» السعودية بيانا تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، يفيد بأنها تواصل إجراء تحقيقاتها حول قضية الرشوة المرتبطة بشركة «تايكو». وأعرب الفالح عن عزم إدارة الشركة استمرار بذل أقصى الجهود في متابعة هذه المسألة وقال: «مع أن وثائق القضية الرسمية الخاصة بشركة (تايكو) تشير إلى أن المخالفات التي تورط فيها موظف (أرامكو) السعودية قد حدثت في عامي 2003 و2004، وأنها محدودة في ما يتعلق بنطاقها ومبالغها والموظفين المتورطين فيها وقيمة العقد المرتبط بها، فإن (أرامكو) السعودية تجري مراجعة شاملة للتأكد من عدم وجود أي مخالفات أو تصرفات غير قانونية أخرى مرتبطة بالشركات المنتسبة إلى (تايكو) في ما سبق». وكان التحقيق الذي أجرته وزارة العدل الأميركية مع شركة «تايكو» والتسوية التي توصلت إليها مع هذه الشركة تضم شركات مملوكة لبعض الدول ومسؤولين حكوميين في ما لا يقل عن 18 دولة. وانتهى تحقيق وزارة العدل الأميركية إلى أن شركة «تايكو فالفز آند كونترولز ميدل إيست إنك» («تايكو ميدل إيست») قد دفعت رشى إلى موظفين في أربع شركات حكومية في ثلاث من دول الخليج خلال الفترة بين عامي 2003 و2006. وذكرت وزارة العدل الأميركية أن إجمالي الرشى المدفوعة إلى موظفي هذه الشركات الأربع بلغ ما مقداره 479‏.488 مليون دولار. وقد فرض على «تايكو» غرامة تبلغ 26 مليون دولار عقوبة على نمط الفساد العالمي الذي مارسته على مدى أكثر من عشر سنوات، علما أن 2.1 مليون دولار من هذه الغرامة الإجمالية يرتبط بجرائم «تايكو» في منطقة الخليج العربي.

وذكرت «أرامكو» أن شركة «تايكو» خضعت للتحقيق في الولايات المتحدة وأصدرت وزارة العدل الأميركية بيانها الصحافي في 24 سبتمبر (أيلول) الماضي الذي أعلنت فيه أن شركة «تايكو إنترناشيونال ليمتد» وشركة «تايكو فالفز آند كونترولز ميدل إيست إنك» التابعة لها قد وجهت إليهما تهمة ارتكاب مخالفات للقانون الأميركي، الخاص بالممارسات الأجنبية الفاسدة، وأقرتا بالذنب بخصوص تلك التهم. وما إن علمت «أرامكو» السعودية بأمر هذه القضية ضد «تايكو» وبما قيل عن تورط أحد موظفيها في هذه القضية حتى تم إيقاف جميع الأعمال مع الشركات المنتسبة لـ«تايكو»، كما أطلقت الشركة تحقيقا داخليا لكشف ما إذا كان هناك المزيد من الممارسات التجارية غير المشروعة المتعلقة بـ«تايكو» أو أي من الشركات المنتسبة إليها أو وكلائها.

وقالت «أرامكو» إنها حددت القيمة الإجمالية للأعمال التي تمت مع الشركات المنتسبة لـ«تايكو» على مدى السنوات الـ12 الماضية بنحو 31 مليون دولار، إلى جانب 11 مليون دولار أخرى أنفقت في شراء منتجات من «تايكو» لمشاريع الشركة من خلال شركات أخرى بنظام تسليم المفتاح. وقد تمت هذه المشتريات من خلال مناقصات تنافسية مفتوحة شارك فيها عدد من الشركات من ضمنهم «تايكو».

وبحسب «أرامكو»، فقد أجرت الشركة بعد التحقيق الذي تم في عام 2009 مراجعة شاملة لأنظمة وإجراءات التقييم الفني للموردين والمقاولين واعتمادهم، وقامت بتعزيز هذه الأنظمة والإجراءات من خلال إضافة المزيد من الضوابط والإجراءات لتجنب وقوع مشكلات مماثلة. كما تم تعزيز المعايير التي يتم على أساسها وقف التعامل مع المقاولين والموردين الذين يتورطون في سلوكيات غير أخلاقية أو غير قانونية.

وقالت «أرامكو» إنه بالإضافة إلى مراجعاتها الداخلية، فقد أجرت «أرامكو» اتصالات مع شركة «تايكو» من خلال المحامين الخاصين بتلك الشركة لطلب معلومات إضافية حول الأفراد والوكلاء المتورطين في المخالفات، وقد استجابت «تايكو» وقدمت معلومات تستخدمها «أرامكو» السعودية في الوقت الحالي في تعزيز تحقيقها الدقيق حول هذا الموضوع، حيث إن الموظف الوحيد الذي أوردت شركة «تايكو» اسمه في ردها هو نفسه الموظف الذي حددته «أرامكو» السعودية في التحقيق الذي أجرته في عام 2009 وقامت بفصله من الخدمة مع حرمانه من جميع العوائد.

ورد رئيس «أرامكو» السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين، على هذه القضية بالقول: «إن (أرامكو) السعودية تدين مثل هذه الممارسات وتأخذ الشكوك المتعلقة بالسلوك المنافي لقواعد وأخلاقيات العمل بجدية بالغة، وأود أن أؤكد لكل من تهمهم هذه الشركة أننا نتبع سياسة تتمثل في عدم قبول أي قدر - مهما قل - من ممارسات الأعمال غير الأخلاقية، كما أن (أرامكو) السعودية تواصل تحقيقها الخاص في هذه القضية، ونحن ملتزمون باتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة مثل هذه الممارسات».

واستطرد الفالح قائلا: «رغم أن المخالفات المذكورة قد مر عليها وقت طويل، لكن الشركة تعيد دراسة الإجراءات الخاصة بمراقبة الالتزام بالإجراءات النظامية للتأكد من عدم تكرار مثل تلك المخالفات. كما نقوم أيضا بدراسة علاقاتنا التجارية لضمان عدم الدخول في تعاملات مع شركات لا تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية».

وأضاف الفالح أن «مكافحة الغش والفساد هي مسؤولية جماعية تقع على عاتقنا جميعا، ونحن نعتمد على جميع شركاء أعمالنا في الالتزام بأعلى المعايير الأخلاقية، وهو ما نلزم أنفسنا به، ويأتي ضمن ذلك إبلاغنا بأي حالات تصل إلى علم الشركات التي نتعامل معها لأي تصرفات غير أخلاقية أو جنائية يتورط فيها أي طرف بما في ذلك أي موظف من موظفي (أرامكو) السعودية».

وقالت «أرامكو» السعودية أمس إنها تلتزم بأعلى المعايير الأخلاقية والقانونية في ممارسة أعمالها، وتشترط على موظفيها ممارسة جميع أعمالهم بصورة أخلاقية تلتزم بالأنظمة والقوانين السارية.