مليار امرأة حول العالم مستعدات لدخول الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل

تساوي عددهن بالرجال في سوق العمل سيرفع الناتج المحلي 12% في الإمارات و34% في مصر

TT

كشفت دراسة متخصصة عن رقم مذهل لعدد النساء القادرات على دخول سوق العمل حول العالم، مقدرة عددهم بـمليار امرأة، مشيرة إلى أن دخول عدد من السيدات يماثل عدد الرجال إلى سوق العمل في دولة مثل الإمارات - من شأنه أن يرفع إجمالي الناتج المحلي للبلاد بنسبة 12%، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 34% فيما إذا شاركت ذات النسبة من النساء المصريات في السوق. بينما تظهر أن نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة الإقليمية هي 26% فقط، وهن يشغلن مناصب قيادية في 20% فقط من مؤسسات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الوقت الذي تطلق 9% فقط من النساء في هذه المنطقة من العالم مؤسسات أعمالهن.

وبحسب شركة الاستشارات الإدارية (بوز آند كومباني)، فإن تساوي معدلات عمل النساء مع معدلات الرجال في الإمارات العربية المتحدة سيؤدي إلى ارتفاع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 12%. وفي مصر، من شأن إجمالي الناتج المحلي أن يرتفع بنسبة 34%، لكن رغم بلوغ عدد النساء العاملات نحو مليار امرأة، في رقم يلامس عدد سكان الهند والصين، فإن هذه المجموعة السكانية سريعة النمو لم تنل ما يكفي من الانتباه من صانعي القرار في الكثير من البلدان.

وفي ضوء هذه المعطيات، وضعت «بوز آند كومباني» مؤشر «المليار الثالث»، وهو تصنيف لمائة وثمانية وعشرين بلدا على أساس مدى فاعلية هذه الدول في تمكين المرأة، محركا للاقتصاد، ويتألف المؤشر من بيانات عن الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للنساء، وهو يهدف إلى عزل العوامل التي تساهم في وصول المرأة إلى الاقتصاد الأوسع، فضلا عن تحديد كيف يمكن تحقيق المزيد من التقدم والتكامل.

وقال كريم صباغ، كبير شركاء في «بوز آند كومباني»، إن «هناك علاقة واضحة بين الإجراءات والسياسات النهائية الخاصة بالفرص الاقتصادية للنساء (المدخلات) والنجاح الفعلي للنساء في اقتصاداتهن الوطنية (المخرجات). وقد توصلنا إلى هذه النتيجة عبر تقسيم البلدان المائة وثمانية وعشرين إلى خمس فئات واسعة على أساس تصنيفات مؤشرها».

ويشير التقرير إلى أن هناك 3 بلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مشمولة في مؤشر المليار الثالث الافتتاحي؛ هي: مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. ويبرز التحليل التحولات الاجتماعية والاقتصادية لهذه البلدان، ويساهم في مكافحة بعض القوالب النمطية الشعبية عن النساء. كما أنه يتصدر النقاشات الخاصة بأفضل سبيل مستقبلي للمنطقة بشكل عام ونسائها بشكل خاص.

يصف التقرير هذه المنطقة بأنها «منطقة تتمتع بقدرة كبيرة لم يتم بلوغها قط، فنسبة مشاركة النساء في القوى العاملة الإقليمية هي 26% فقط، وهن يشغلن مناصب قيادية في 20% فقط من مؤسسات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. علاوة على ذلك، تطلق 9% فقط من النساء في هذه المنطقة من العالم مؤسسات أعمالهن»، معتبرا أن مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، جميعها «عند بوابة الانطلاق». وتواجه هذه البلدان الثلاثة بشكل ملحوظ تحديات مختلفة على المستوى الاقتصادي الكلي، ويواجه أفراد المليار الثالث في كل منها أيضا ظروفا فريدة من نوعها. غير أن لحكومات هذه البلدان وشركاتها فرصة كبيرة لدفع نموها الاقتصادي عبر فتح أبواب جديدة للنساء.

ويضع المؤشر الإجمالي مصر في المرتبة 108. وفي حال أرادت النساء تأدية دور اقتصادي فاعل في مصر، يتعين على الحكومة وضع سياسات لإصلاح الضوابط المجتمعية والقانونية التي تعوق تقدمها بشكل منظم، ويتعين على الدولة أيضا استحداث الوظائف وإنماء اقتصادها ودفع الابتكار لتمكينه. على سبيل المثال، يمكن للحكومة المصرية القيام بعدد من الخطوات، تشجع من خلالها القطاع الخاص على توظيف المرأة، مثل دعم تكلفة الأمومة لفترة محدودة من الزمن؛ وإنفاذ قوانين تكافؤ الفرص؛ وتقديم أفضل فرص للتدريب المهني والتعليم بالشراكة مع القطاع الخاص لإعداد المرأة للعمل في مجالات جديدة، مثل التكنولوجيا. كما أن أنظمة العمل المرنة، مثل العمل عن بعد، تشكل أحد الخيارات الواعدة، وخصوصا لكون مصر متقدمة من ناحية البنية التحتية لقطاع للاتصالات. كما أن للقطاع الثالث أو المجتمع المدني دورا فاعلا في دعم المشاركة الاقتصادية للمرأة.

بينما جاء تصنيف المملكة العربية السعودية في المرتبة 123 وفق مؤشر المليار الثالث. ورغم تنوع الضوابط الثقافية والقانونية للبلاد، تمثل النساء 57% من خريجي الجامعات، وهو - بحسب التقرير - رقم يؤشر بقوة إلى الخطوات الكبيرة التي أنجزت في حماية تعليم النساء. غير أن التحدي اليوم هو في إيجاد الفرص لهن في السوق. ويمكن إيجاد حلول ثابتة لهذا الأمر من خلال عدد من التدابير. ففي إمكان الحكومة السعودية إيجاد الحوافز لشركات القطاع الخاص لاستخدام النساء وإنشاء قوة واجب عالية المستوى لتلبية هذه الاحتياجات في القوى العاملة. ومع الجهود المدمجة للقطاع الخاص ووزارة العمل والشركات، ومع وضع تنظيم ملائم للمشاريع، في إمكان نساء البلاد الارتقاء بالاقتصاد إلى المستوى التالي.

أما الإمارات العربية المتحدة، فتحتل المرتبة 109 وفق المؤشر، ومع تسجيل مستويات تعليمية مرتفعة وطموحات شخصية قوية ودعم قيادي، للنساء الإماراتيات الفرصة للتقدم سريعا كعاملات وصاحبات مبادرة. لكن القوانين المرتبطة بإجازة الأمومة وساعات العمل غير المرنة تعوق قدرتهن على متابعة سيرتهن المهنية بفاعلية. وعليه، فهناك حاجة لإدخال تغييرات خاصة بالسياسة والبنية التحتية والثقافة. وتحتاج النساء في الإمارات العربية المتحدة لأماكن عمل أكثر شمولية وموارد مشاريع مخصصة لتحقيق طاقتهن الكاملة.

وبحسب التقرير، تعتبر البلدان التي تتمتع بمجموعة قوية من المدخلات والمخرجات بلدانا «على طريق النجاح»، وتكون هذه عادة بلدان متقدمة احتلت المراكز الأولى، منها على سبيل المثال لا الحصر النرويج والسويد وفنلندا وألمانيا وأستراليا.

في حين طبقت البلدان «التي تأخذ الخطوات الصحيحة» مجموعة من سياسات المدخلات وقد بدأت للتو تشهد على نجاح جهودها، وهي تختلف بدرجة كبيرة في الأبعاد السياسية والاجتماعية الأخرى وتضم ماليزيا وتونس وفنزويلا. من جهة أخرى، يعمل عدد صغير من الدول، يضم الصين وكمبوديا، على «بناء مسارها الخاص»، إذ ترى نتائج متواضعة تتحقق، لكنها لم تقم حتى الآن أسسا صلبة لمخرجاتها.

وتضم المجموعة المصنفة على أنها «متوسطة المستوى» بلدانا اتخذت خطوات بطيئة لتحسين المدخلات التي تسهم في التقدم الاقتصادي للنساء، وقد شهدت لذلك نتائج مخرجات متناسبة، كما أن هناك البلدان التي لم تتطرق قطعيا إلى المشكلة حتى الآن، وتعتبر هذه البلدان على أنها «عند بوابة الانطلاق» وتضم غالبية البلدان العربية في المؤشر، فضلا عن إندونيسيا ولاوس ونيجيريا، وتتضمن هذه الفئة العدد الأكبر من البلدان المائة وثمانية وعشرين، مما يفترض فرصة اقتصادية كبيرة في الكثير من مناطق العالم.

وهنا، يضيف صباغ أن «العقبة الأولى هي اقتصاد الرعاية. فحول العالم، تشكل النساء الفئة الأساسية لمقدمي الرعاية للأطفال والمسنين والمرضى، وهذا العبء يعوق تنميتهن الاقتصادية. وهنا، يجب أن تتخذ الدول توجها متوازنا يدعم المشاركة الفاعلة للمرأة في المجتمع والتنمية ويساعدها على التوفيق بين واجبات العمل والرعاية والأسرة. وفي حال كانت الشركات والحكومات تريد بلوغ طاقتها الاقتصادية الكاملة، يتعين عليها أيضا توفير رعاية عالية الجودة ويمكن أن تصل إليها الفئات السكانية الضعيفة».