السعودية: مطالب بإنشاء محكمة اقتصادية ووضع آليات لتفعيل اتفاقية «نيويورك لعام 1994»

تحقق تطلعات المستثمرين وتعالج التناقض مع المراكز الدولية الكبرى

منصة لقاء «نظام التحكيم الجديد في السعودية» («الشرق الأوسط»)
TT

دعت شخصيات قانونية وعدلية واستثمارية سعودية، إلى ضرورة إنشاء محكمة اقتصادية مستقلة بجانب المحاكم العامة والإدارية، تعنى بقضايا الاستثمار والتجارة فقط وتختص بالنظر في الطعون المقامة ضد الأحكام الصادرة عن هيئات التحكيم، ويكون حكمها باتا ونهائيا وغير قابل للطعن، على غرار ما عليه بعض النظم القانونية العربية والأجنبية الأخرى.

وأجمعوا على إجازة التحكيم الدولي، إضافة إلى إنشاء مركز تحكيم سعودي، وأحقية أطراف التحكيم في اللجوء إلى مراكز التحكيم الدولية، وفي الاحتكام إلى قواعد قانونية غير المنصوص عليها في النظام السعودي، وجميع هذه الأمور تحقق رغبات المستثمرين السعوديين أو غيرهم.

جاء ذلك ضمن توصيات المشاركين في فعاليات لقاء «نظام التحكيم الجديد ومدى تأثيره على الاستثمار في السعودية» الذي نظمته أمس الاثنين لجنة التحكيم التجاري وغرفة التجارة الدولية – السعودية، بمجلس الغرف السعودية، في إطار مساع لنشر وتعزيز ثقافة التحكيم في قطاع الأعمال التجاري بالسعودية، وتسليط الضوء على مزايا النظام الجديد وتأثيراته على بيئة الاستثمار في البلاد.

وتضمن النظام أيضا زيادة اختصاصات القضاء ومنها نظر منازعات الاستثمار مما يعطي ثقة للمستثمرين الوطنيين والأجانب في عرض منازعاتهم على القضاء ليصب ذلك في صالح المستثمر للاستفادة من الإجراءات النظامية والإجرائية المستحدثة، والتي تؤدي إلى سرعة الفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام.

من جهته، أوضح الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس فريق التحكيم السعودي، أنه خلال 10 أعوام حدثت طفرة في القوانين والأنظمة، مبينا أنه صدر أكثر من 100 نظام وقانون سابقت بها السعودية الأمم سواء من حيث الكم أو النوعية، من بينها نظام التحكيم الجديد الذي تلافى الملاحظات على النظام القديم. وأبان أن ما يميز النظام الجديد هو التخصص في المجال التجاري، مشددا على ضرورة العمل على إظهار هذه القيم الإسلامية لزرع الثقة في المشككين، في ظل الانسجام بين الشرعيين والقانونيين وتفهم الطرفين لتكامل أدوارهم في معالجة وتوفيق القضايا المهمة والتي من بينها قضية التحكيم التجاري.

ودعا المحامي الدكتور خالد النويصر رئيس لجنة التحكيم بمجلس الغرف، إلى ضرورة استفادة اللائحة التنفيذية المزمع إصدارها لنظام التحكيم السعودي الجديد من الأحكام المستحدثة في القواعد الإجرائية للمحكمة التجارية الدولية التابعة لـ«آي سي سي»، والتي تم تعديلها مؤخرا في هذا العام. نظرا لحداثتها ولأنها محكمة دولية مرموقة ذات باع طويل في هذا المجال.

وأوصى بأن يكون لمركز التحكيم السعودي المزمع إنشاؤه المذكور في نظام التحكيم الجديد قوة وصبغة قانونية في اعتماد إجراءات التحكيم، على أن تحدد الشروط والضوابط الخاصة بإدارته وشروط اختيار المحكمين التابعين له، وتنظيم العملية التحكيمية، بالإضافة إلى تحديد مسؤولياته في حال حدوث أضرار بالغير، وأن يكون نظامه متوافقا مع أنظمة مراكز التحكيم الدولية لضمان تحقيق غايات التحكيم المنشودة ونيل ثقة المستثمرين. وشدد على ضرورة منح الفرصة للمستثمرين المحتكمين في اختيار محكميهم من غير المحامين مثل اختيارهم مهندسين أو فنيين أو محاسبين لإلمامهم بالموضوعات الفنية محل الدعوى التحكيمية، على النحو المتعارف عليه في أنظمة التحكيم المختلفة.

ويلاحظ أن النظام الجديد لم يعط الحق لغير حملة شهادة العلوم الشرعية أو النظامية في رئاسة هيئات التحكيم أو في حال كون المحكم فردا، وهذا برأي النويصر يقيد من إرادة المستثمرين الذين قد يرون في بعض المجالات مثل عقود المقاولات أو غيرها أنه من الأفضل لهم أن يتم اختيار محكم ذي خلفية فنية، وهو المعمول به في كل أو كثير من دول العالم.

ودعا النويصر إلى وضع آلية محددة لضمان تفعيل اتفاقية نيويورك لتنفيذ الأحكام الأجنبية الصادرة عام 1994 وغيرها من الاتفاقيات الدولية المعنية، لا سيما بعد أن أصبح التحكيم السعودي يغطي الطابع الدولي، وذلك لضمان سرعة الفصل في القضايا وتحقيق آمال وتطلعات المستثمرين وعدم التناقض مع المراكز الدولية الكبرى سواء كان الـ«آي سي سي» أو غيرها.

المهندس عبد الله المبطي رئيس مجلس الغرف السعودية، أكد على أهمية نظام التحكيم الجديد، باعتباره امتدادا للسياسة التي أقرتها الدولة للتنمية الوطنية بشكل عام، ودفع مسيرة الإصلاحات الاقتصادية من خلال إتباع سياسات متنوعة وفاعلة، مشيرا إلى أن تطوير البيئة العدلية من أهم هذه السياسات، لأنها أساس حماية التنمية الاقتصادية وأحد مرتكزاتها، وعامل جذب محوري للاستثمارات.

وتطرق عبد الله حمد العمار رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية –السعودية، إلى انعكاسات إصلاح مرفق القضاء السعودي والموافقة على نظام التحكيم السعودي وتحديث نظام الاستثمار السعودي بصفة مستمرة مما انعكس على سرعة النمو في المملكة، على تطوير الاقتصاد السعودي وإحداث تنمية مستدامة في جميع مناطق البلاد.

كما أكدت التوصيات على ضرورة البدء بعقد دورات تدريبية للمهتمين بالتحكيم محليا ودوليا، سواء كانوا قضاة أو محامين أو مهنيين أو رجال أعمال أو غيرهم، لبيان المستحدث في أحكام التحكيم وبالذات التحكيم الدولي وما هي أوجه الاتفاق والاختلاف بين نظام التحكيم السعودي والأنظمة الأخرى وما هو الدور المتوقع والمأمول لمركز التحكيم الجديد المزمع إنشاؤه حسب النظام والتعاون بين الجهات الحكومية وغير الحكومية العاملة والمهتمة بالتحكيم.

وطالب المشاركون بعقد فعاليات يشارك فيها المستثمرون وغيرهم من شرائح المجتمع المختلفة، لنشر ثقافة التحكيم وتأكيد أحكامه وفاعليتها من خلال ورش العمل والملتقيات والمؤتمرات.

من ناحيته، قدم الدكتور أحمد الصقية ورقة عمل، اشتملت على تنوير بنظام التحكيم الجديد وآليات تنفيذه وأهم الميزات التي تميز بها عن النظام القديم وآليات تفعيله، مشيرا إلى الوسائل المفضلة، لفض النزاعات وأهمها التحكيم، مشددا على ضرورة نشر هذه الثقافة في قطاعات الأعمال.

وشدد الصقية في توصياته على أهمية التحكيم المؤسسي، وتفعيل مركز وطني للتحكيم، مؤكدا أهمية أن تتسم اللائحة التنفيذية المرتقبة بوضوح الإجراءات ومعالجة جوانب القصور والغموض، بالإضافة إلى حصانة المحكم، تطوير نفاذ أحكام المحكمين، الصلح والتحكيم، مراجعة المدد، التحكيم المتخصص.