السعودية: تجدد تعثر المشاريع يفتح خطا ساخنا بين وزارات وشركات المقاولات

رمى المقاولون بالتهم على جهات حكومية لعدم صرف مخصصاتهم المالية وعوائق ميدانية

مقاولون وجهات حكومية تبادلوا التهم حول مسببات التعثر («الشرق الأوسط»)
TT

فتح ملف تجدد تعثر المشاريع الحكومية في السعودية خلال الأشهر الماضية من العام الحالي خطا ساخنا بين وزارات حكومية وشركات مقاولات في البلاد، خلال الأيام القليلة الماضية للتناقش حول مسببات التعثر المتجددة، حيث رمى المقاولون بالتهم على جهات حكومية تسببت في عدم صرف مخصصاتهم المالية، إضافة إلى وجود عوائق ميدانية مسببة لعمليات التعثر.

وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس فإن تجدد ملف تعثر المشاريع الحكومية في السعودية خلال العام الحالي بدأ يشكل هاجسا كبيرا للجهات الحكومية في البلاد، وهو الأمر الذي دفعها إلى أن تلقي اللوم على شركات المقاولات الوطنية في مناسبات عدة.

من جهة أخرى، من المنتظر أن يبلغ حجم الطلب على حديد التسليح والإسمنت في السوق السعودية خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل ذروته الموسمية، يأتي ذلك بسبب تسارع وتيرة الإنجاز لبعض المشروعات الحكومية في البلاد، بسبب استفادة شركات المقاولات من المشاريع الجديدة.

وأكدت اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن معظم الجهات الحكومية السعودية تعتزم خلال الأيام القليلة المقبلة رفع وتيرة تسارع خطواتها نحو صرف الأموال المتعلقة بالمشاريع الجاري تنفيذها، وقالت: «هذه الجهات تسعى إلى أن لا يكون هنالك فائض من ميزانية العام الحالي، وتسعى لاعتماد مشروعات جديدة قبل اعتماد ميزانية العام المقبل».

يشار إلى أنه يتبقى نحو 68 يوما فقط قبل أن تغلق الوزارات الحكومية في السعودية ملف الميزانية المخصصة للعام المالي الحالي، حيث من المرتقب أن تعلن البلاد عن بدء العمل بالميزانية الجديدة في شهر يناير المقبل.

من جهته أكد فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية أن مسلسل تعثر المشاريع الحكومية ما زال مستمرا خلال هذا العام، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس: «يجب أن يكون هنالك وعي كامل بأن شركات المقاولات ليست هي السبب الرئيسي في تعثر هذه المشاريع، هنالك أطراف عدة تسببت في ذلك».

وأشار الحمادي إلى أن تأخر صرف المستحقات المالية لشركات المقاولات إلى الأشهر الأخيرة من العام أصبح مشهدا متكررا، مضيفا: «لا بد أن تكون عمليات الصرف مجدولة، حتى لا يكون هنالك ضغط على المقاول بسبب ارتفاع حجم الإنفاق على المشروع، في ظل عدم صرف مخصصاته المالية».

ولفت رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية إلى أن شركات المقاولات ترفع عمليات الطلب على حديد التسليح والإسمنت في بداية كل عام، موضحا أن هذه الخطوة تأتي في ظل سعي المقاولين نحو إنجاز المشروعات الجديدة في الوقت المتفق عليه مسبقا.

وكانت المصانع الوطنية في السوق السعودية قد عرقلت مشروع وزارة التجارة والصناعة في البلاد، المتعلق بالسماح للشركات الأجنبية بالدخول كمنافس جديد على المناقصات والعقود الحكومية خلال الفترة المقبلة، وفقا لالتزام المملكة باتفاقية المشتريات الحكومية تجاه البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية. وتسببت المصانع الوطنية في انقسام جديد في آراء مسؤولي وزارة التجارة والصناعة السعودية، حول مدى جدوى الموافقة على توصية منظمة التجارة العالمية المتعلق بفتح المناقصات والعقود الحكومية أمام الشركات الأجنبية، حيث يرى القسم الأول أنه من الأفضل دعم المصانع الوطنية وعدم السماح للشركات الأجنبية بالدخول كمنافس لها، بينما يرى القسم الثاني أنه من الأجدى الالتزام التام بأنظمة منظمة التجارة العالمية، وزيادة حدة المنافسة بين الشركات الأجنبية والسعودية.

وفي ظل هذه المستجدات أكد مصدر مطلع في وزارة التجارة والصناعة السعودية لـ«الشرق الأوسط» قبل نحو 3 أسابيع أن بلاده لم تلتزم أمام منظمة التجارة العالمية بفتح المناقصات والعقود الحكومية أمام الشركات الأجنبية، وقال: «السعودية التزمت بعملية دراسة هذا النظام، ولم تتعهد بتطبيقه».

وأشار المصدر ذاته (طلب عدم كشف اسمه) إلى أن الانقسام الحالي حول مدى السماح للشركات الأجنبية بالدخول كمنافس جديد على المناقصات والعقود الحكومية من عدمه بلغ مرحلة متقدمة، مضيفا خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» حينها: «الانقسام في الآراء ما زال يعرقل تطبيق النظام، ولكنني أعتقد أنه من الأفضل التروي قبل الإعلان عن الالتزام بقانون منظمة التجارة العالمية المتعلق بفتح المناقصات والعقود الحكومية أمام الشركات الأجنبية من عدمه».

وأمام هذه التطورات أبدى مسؤول رفيع المستوى في إحدى الشركات السعودية قلقه من إمكانية السماح للشركات الأجنبية بالمنافسة على المناقصات الحكومية، وقال: «الصناعات الوطنية تحتاج إلى الدعم، ولسنا بحاجة إلى تجربة دخول شركات أجنبية للمنافسة، كما حدث في قطاع المقاولات خلال السنوات القليلة الماضية».

يشار إلى أنه كان قد كشف مسؤول رفيع المستوى في وزارة التجارة والصناعة السعودية أن بلاده تعتزم جذب رؤوس أموال أجنبية للمنافسة على العقود والمناقصات الحكومية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يأتي من باب التزام المملكة باتفاقية المشتريات الحكومية تجاه البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية.