البرلمان الأوروبي يتلقى تقريرا حول نقاشات قمة بروكسل

الكونفدرالية الأوروبية: النقابات تدعو لاحتجاجات موحدة

رئيس المفوضية الأوروبية (يسار) ورئيس الاتحاد الأوروبي خلال مؤتمر صحافي في بروكسل (رويترز)
TT

قال البرلمان الأوروبي إن هرمان فانرومبوي رئيس مجلس الاتحاد، سيطلع أعضاء المؤسسة التشريعية الأوروبية على نتائج القمة والخطوات المقبلة على طريق تنفيذ ما تمخضت عنه القمة من قرارات.

وخلال الجلسة المقررة اليوم في ستراسبورغ سيقدم تفاصيل التقرير الذي قدمه للقادة أثناء القمة حول الوحدة الاقتصادية والنقدية.

من جهته أشاد المصرف المركزي الأوروبي بالنتائج التي خرجت بها قمة قادة التكتل الموحد التي انعقدت ببروكسل واتفق خلالها على إنشاء هيئة رقابة مصرفية وتعزيز العمل على طريق تحقيق النمو والتوظيف.

ويأتي ذلك فيما حددت الكونفدرالية الأوروبية للنقابات، الرابع عشر من الشهر المقبل، موعدا موحدا للخروج في مظاهرات احتجاجية في كل دول الاتحاد الأوروبي. ففي برلين، أشاد البنك المركزي الأوروبي بنتائج القمة الأوروبية الأخيرة وتمخضت عن اتخاذ قرارات سيتم بموجبها البدء في مستهل العام المقبل بتأسيس هيئة رقابة بنكية في منطقة اليورو، وذلك في إطار الحلول الدائمة لمواجهة الأزمات المالية والخروج من أزمة الديون السيادية.

وأكد عضو المجلس الإداري في البنك يورغ اسموسن في تصريحات صحافية أن البنك مستعد للقيام بدوره في تسلم مهام رقابة البنوك في الاتحاد الأوروبي قائلا: «هناك ظروف نقبل بها كشرط لتسلمنا قيادة هيئة رقابة البنوك وهذه الظروف وفرتها لنا نتائج القمة الأخيرة» في إشارة من المسؤول الألماني إلى قرارات القمة الأخيرة التي مهدت الطريق أمام تأسيس هيئة المراقبة المنشودة. واعتبر اتفاق رؤساء حكومات ودول الاتحاد الأوروبي على الموعد المذكور لتأسيس هيئة الرقابة أمرا مهما مؤكدا أن الاتفاق على هذا الملف سيوفر الظروف اللازمة لقيام البنك بمراقبة البنوك الأوروبية.

وكان رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي اتفقوا في (قمة الخريف) على البدء في مستهل العام المقبل بتأسيس هيئة رقابة بنكية، الأمر الذي يتطلب في الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل البدء بتهيئة الشروط القانونية لذلك من أجل تمكين أعضاء الهيئة من مزاولة عملهم في غضون عام 2013.

ودافع أسموسن في التصريحات ذاتها عن دور البنك المركزي الأوروبي في محاربة أزمة الديون وعن خططه الرامية لشراء سندات حكومية من دول متعثرة اقتصاديا. وأضاف في هذا السياق: «لقد استطعنا الآن اتخاذ القرارات اللازمة من أجل عدم تكرار ما حدث في صيف العام الماضي عندما اشترى البنك سندات حكومية إيطالية وبعد عدة أسابيع من ذلك توقفت حكومة روما عن تطبيق خططها التقشفية.. الأمر الذي لا يمكن أن يحدث الآن وبعد اتخاذ القرارات الجديدة في بروكسل».

وعلى صعيد الشارع الأوروبي، فقد عرفت عطلة نهاية الأسبوع في عدة عواصم أوروبية خروج مظاهرات احتجاجية ضد خطط التقشف، ففي روما شارك آلاف الأشخاص في مظاهرة للدفاع عن حقوق العمال وللتنديد بفشل سياسات التقشف التي تتبعها الحكومة الإيطالية. ودعت الكونفدرالية العامة الإيطالية للعمل، التي تمثل النقابة الرئيسية في البلاد للمظاهرة تحت شعار: «العمل قبل كل شيء» وضمت آلاف الأشخاص في ميدان سان جيوفاني بالعاصمة الإيطالية. وطالبت النقابة باتباع سياسة صناعية مع تقديم الاستثمارات الضرورية التي تسمح بضمان مستقبل من الابتكار في الصناعة والخدمات وكذلك إجراءات تعزز عمل الشباب والسيدات. وطالبت أيضا بتعديل بعض الإجراءات المالية وإيجاد حلول لمشكلات عشرات الآلاف من العمال حول سن التقاعد.وذكرت الأمينة العامة للكونفدرالية سوسانا كاموسو أن «سياسة التقشف ليس فقط فشلت، ولكن أيضا تعد السبب الرئيسي في صعوبات البلاد».

وأعلنت كاموسو عن عودة الخروج للشوارع في 14 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بمناسبة يوم التظاهر في جميع دول الاتحاد الأوروبي المتفق عليه من قبل الكونفدرالية الأوروبية للنقابات. وفي لندن ومدن بريطانية أخرى، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين الغاضبين احتجاجا على إجراءات تقشفية اقترحتها حكومة رئيس الوزراء ديفيد كامرون مؤخرا. ومن المتوقع أن تدعو نقابات العمال إلى إضراب عام، علما أن بريطانيا تعاني من أزمة اقتصادية ازدادت سوءا في عام 2011. وقال ديف برينيت الأمين العام لاتحاد نقابات العمال: «سيتم اقتطاع نحو 700.000 وظيفة من الخدمة العامة والتمريض ومن العاملين في مجال الرعاية، وهم أشخاص الأكثر ضعفا في مجتمعنا وعلى الطرف الآخر نرى الأغنياء يزيدون في ثرواتهم.. يجب أن يتوقف هذا الظلم». كثير من المتظاهرين وجهوا رسائلهم للحكومة ومنها: «لا نريد لأبنائنا أن يكبروا في مجتمع غير متكافئ». و: «نحن غير راضين أبدا ونحن لا نريد في نهاية المطاف أن نكون من دون نظام حماية مالي في جميع أنحاء أوروبا ويجب عليهم مواصلة العمل لتحقيق الأمان الاقتصادي ونحن نقاتل من أجل ذلك».

ومن جانبها قالت رئاسة الاتحاد الأوروبي ممثلة في فان رومبوي «إن استعادة ثقة المواطن والشركات، تتطلب تعزيز منطقة اليورو نفسها وهنا حققنا تقدما مقبولا»، أما رئيس المفوضية الأوروبية، فقد أشار إلى أن القمة وجهت نداء للدول الأعضاء في التكتل الموحد للعمل على تفعيل ميثاق النمو، «وهو أحد المسارات المهمة التي يجب أن نعمل عليها لحل الأزمة التي لا تزال مستمرة إلى الآن»، ويرى بعض المراقبين أن هذه القمة قد خلت من قرارات حاسمة، إلا أنها اتسمت بتغير ملحوظ في لهجة أوروبا تجاه الأزمة، إذ حل العمل على إنعاش الاقتصاد والعمل محل الحديث عن التقشف والحزم وتحدث فان رومبوي وباروسو عن «التقدم» الذي تم تحقيقه خلال هذه القمة خاصة لجهة ترسيخ الاتحاد المصرفي، مشيرين إلى استمرار وجود كثير من المشاكل التي تتطلب الحل، مثل تزايد معدلات البطالة في كثير من الدول الأوروبية، «لكننا نعيش مناخا أكثر استقرارا خاصة لجهة هدوء الأسواق والاستقرار العام في منطقة اليورو»، حسب كلام فان رومبوي.

وقد توافق الزعماء على العودة لمناقشة تفاصيل الاتحاد المصرفي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) القادم، وهو اتحاد سوف يفتح الطريق أمام رسملة المصارف المتعثرة. ومن المأمول أن يتمتع المصرف المركزي الأوروبي بسلطة هامة في هذا الاتحاد، ومن المقرر أن يمارس مراقبة مالية على ما يربو على 6 آلاف مصرف في منطقة اليورو اعتبارا من بداية عام 2014 وخلال المؤتمر الصحافي المشترك في ختام القمة شدد كل من رئيس الاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، على ضرورة تعزيز التجارة الخارجية بين أوروبا وشركائها الدوليين، خاصة الصين ودول آسيا، مشيرا إلى أهمية الصين كشريك تجاري استراتيجي لأوروبا، فـ«من المهم تعزيز حركة التبادل التجاري والاستثمار خاصة في مجال الخدمات مع بكين، لما لذلك من أثر هام في تحقيق مزيد من الازدهار للطرفين»، حسب كلامهما وأضافا أن الاتحاد الأوروبي بصدد مراقبة التغيرات التي تجري في القيادة الصينية لمعرفة كيفية التعامل مع بكين في المرحلة القادمة، ونوها أنه «لن يقتصر تصميمنا على التعاون مع الصين فقط، بل سينسحب أيضا إلى باقي دول جنوب شرقي آسيا».